المشاركات

عرض المشاركات من 2011

رسائل إلى أمي .. الرسالة السابعة والأخيرة .

رسائل إلى أمي الرسالة السابعة .. والأخيرة . رسالة مغمسة بالحزن على فراقك يا غالية .. ما كان في الحسبان يوماً أن تتوقف رسائلي إليك فجأة لتعلن النهاية وتضع حروف النعي مكان حروف الشوق والحنين . اعتدت أن أشرب القهوة مع عينيك كل صباح .. وأن أدلق همومي وأوجاعي في كأس نهارك .. وأن تمسحي بكلامك الدافئ آثار الوجع والقهر والحزن . اليوم بعد أن أضحى فنجانك فارغاً .. ومكانك فارغاً .. وصوتك مهاجراً .. لم يعد بإمكان الحروف أن تنطلق من جوفي .. وما عاد بإمكاني أن أحتضن فنجان القهوة بين يديِّ لأنه أصبح بارداً جداً .. يخلو من دفء أحاديثك وأنفاسك . كنتُ قوية كما كنتِ تتمنين .. عملتُ بوصيتك أن أكون الشجاعة .. القوية .. الصلبة .. التي لا تنهار .. ولا تنحني أمام قسوة الأيام وجبروتها .. ولكنك أمي .. أمي وحبيبتي وقلبي ووطني وكل عالمي فكيف سأبقى تلك القوية الشجاعة البطلة التي تقهر الصعاب وأنا أدفن قلبي وأرحل ؟ ومع ذلك أحاول جاهدة أن أكون بطلة مثلك .. بطلةٌ كنتِ حتى آخر نفس .. بطلةٌ كنتِ حتى آخر رمق .. بطلةٌ كنتِ وسجلتِ أعلى رقم في البطولة عندما أخرتِ الموت دقائق معدودة حتى آتيك من غربتي .. وأقبّلُ يديك الطاهرتي

عذراً سيدتي ومولاتي .

عذراً سيدتي ومولاتي عذراً أمي .. عذراً سيدتي ومولاتي .. عذراً يا أمي لأنني في هذا اليوم لا آتيك محملة بباقات الورد .. لم أكتب فيك شعراً ولا نثرأ .. لم أرسل مع الحمام الزاجل إليك زهور قصائدي مغلفة بأريج القوافي .. عذراً يا مولاتي ..لأنني في هذا اليوم لا أحمل إليك إلا قلبي المسكون فيك .. وألبوم الذكريات .. نار الوجع بقلبي تهب هبات ٍ هبات .. لا يطفىء نيرانها إلا صورة لك على غلاف قلبي تدعو لي بالمسرات .. لم أجد حولي أحداً يستطيع أن يقرأ معي ألبوم ذكرياتي .. ليس سواك أنت مولاتي من يجيد قراءة همي وتصفح ألبوم عمري على تلك الشرفات .. الصورة الأولى .. هناك تحت ظلال ليمونتنا العتيقة .. همست بأذني أن أتناول سراً قطعة من الحلوى لأنني سمعت نصيحتك ولم أقتح باب الدار وأنطلق كعادتي أعانق جدران الحارات .. مذاق الحلوى لا يزال شهدها يسيل مع لعابي ورائحة الليمون لا تزال تتسلل كل ليلة إلى أنفي .. تعانقني وتدعونني أن أقطف ليمونها وأعصره في قلبي فأشفى من الوجع .. من المرض .. من القهر .. من ضربات الزمان .. الصورة الثانية .. مدرستي وحقيبتي التي كانت تعج بقصص ملونة ودمية جميلة ضفائرها بلون الذهب .. لا تشبهني ..

على صدر أمي

على صدر أمي تضيقُ بنا الحياة ذرعاً .. تصعب علينا .. تقسو علينا .. لا يوجد صدر حنون نبكي عليه .. لا يوجد كتف بار نستند إليه في الشدائد .. لا يوجد من يكفكف الدمعة .. من يهدهد الآهة .. لا يوجد سواك يا حرف فهل تستوعب أنت كل هذا ؟ هل تستطيع أن تكون حضن الأم في لحظات الغياب ؟ هل تستطيع أن تكون صدر الأب وكتف الأخ وأُذن الأخت ؟ هل تستطيع يا حرف أن تكفكف الدمعة ؟ في يوم ما فوجئت بأن الصدر الحنين الذي أبكي عليه كل يوم وأبثه همومي وأوجاعي .. التي قد تبدو للبعض صغيرة أو تافهة لكنها لي كانت موجعة .. كان صدر أمي هو ملجئي وملاذي . كنت أبوح لها .. أفضفض لها .. أشتكي لها .. أثور عليها .. أبكي أمامها .. أصرخ في وجهها ..أضحك معها وأضحكها .. أُسرّي عنها وتسرّي عني .. تخفف عني كل وجعي .. فأعود طفلة صغيرة ليس لها همٌ في الدنيا سوى أن تسرح شعر دميتها . قالوا لي قبل أعوام " أمك مريضة بالقلب " عليكِ أن تخففي من شكواك إليها .. حاولي أن تعتمدي على نفسك .. وأن تتظاهري أمامها بأن كل شيء على ما يرام .. لا تتذمري من العمل .. من الأولاد .. من زحمة السير .. من قسوة الأصدقاء .. من جشع الجيران .. من ومن ومن ..

لكما أشتاق

لكما أشتاق كم أشتاق لعينيك الزرقاوين وهما تحتضنان أيام عمري .. تشعان فيها الدفء والأمل مع برودة هذه الأيام وقسوة كل البشر ؟ كم اشتاق لتلك اللمسات الحنونة التي كانت تداعب خصلات شعري وأنت تسّرحينها لي عندما كنت طفلة صغيرة فتُسّرح معها هموم عمري كله وأوجاعه ؟ كم أشتاق إلى صوتِك الهادئ عندما كان يردد اسمي وأنتِ لا تنفكين تطلبين مني الكفَّ عن شقاوتي المعهودة .. وأنا لا أبالي لهذا الصوت الذي ما زال يرن في أذني حتى هذا اليوم .. أنني أعشق هذا الاسم .. اسمي .. لأنك أول قلب ناداني به .. ولا أطرب لسماعه إلا من قلبك ؟ كم أشتاق إلى جلسات المساء عندما كنت تضميننا حولك تبثين فينا الفرح والأمل وتزرعين الحب والكبرياء ؟ وأبي الدافئ الشامخ كشموخ جبال بلادي .. كم أشتاق إليه .. وكم أشتاق أنفاسه الزكية العبقة كعبق الفل والياسمين في رياض بلادي ؟ كم أشتاق إلى يده التي كانت تحتضن رأسي الصغيرة وتتمتم عليها آيات من القران الكريم حتى يمن الله عزَّ وجلَّ عليَّ بالشفاء من وجع ألم بيَّ ذات يوم ؟ كم أخجل من دموعكما التي تهاوت بغزارة المطر في شهر كانون وأنا أحمل حقيبة السفر وأنتما ترجواني ألا أغيب وأشعر حيالكم بالعجز

إليك أمي

إليك أمي حين تجف الكلمات في حنجرتي .. تمطرني عيناك بغيمات من الحنان والود .. تعطرني بشذى الياسمين والورد .. تمسح بأكفها الطاهرة جبهة قلبي .. وتمرُّ على رأسي .. وعلى ضفيرتيِّ وخصلات شعري . كنت عندما تضيق هذه الدنيا الرحبة بموطىء قدمي .. أناديك " ماما " .. تركضين إليَّ .. تمتصين كل عذاباتي .. تستنشقين كل وجعي .. تذيبين كل ألمي .. تبددين كل آهاتي .. ثم تبتسمين .. وترسمين لي شمس الغد على دفتر الألوان وداخل أبيات الشعر . وتمضين .. تغزلين لنا الأيام من شهد قلبك .. تضيئين لنا حلكة السنين بدعواتك وصبرك .. تنتشرين مع خيوط الفجر تجمعين نسائم الصباح وتُهدينا .. ترقبين خطانا وأنفاسنا .. توجفين .. ترجفين .. ولا تشعريننا .. وعندما يحل المساء تكونين أدفأ حضن يحتويننا . إليك أمي .. وأنا ما زلت طفلة لا تعرف لغة الكلام .. دعيني أقبل كفيك الطاهرتين .. دعيني أختبىء في بؤبؤ عينيك .. أسكن فيهما .. أغفو عمري كله .. فلا توقظيني .

عيد الأم .

عيد الأم بعد أيام قليلة يهل علينا " عيد الأم " يا لهذه المناسبة المؤثرة في نفوسنا جميعا .. صغيرنا وكبيرنا .. " ست الحبايب يا حبيبه " .. من منا لا يتأثر حين يسمعها وتذرف عيناه شوقاً وحنيناً ويتمنى لو يسابق الريح فيرتمي في حضن أمه .. يلثم رأسها ويديها .. ويطلب ودها ورضاها .. أنا وغيري نعد العدة ليوم الأم .. ننتقي الورود .. ونحمل الهدايا .. ونعقد حلقات الرقص والطرب في تلك الأمسية الدافئة . أتذكر الآن بعد أربعين عاماً ولن أقول أكثر أو أقل .. إنما ما يقارب الأربعين عاماً وأمي ذاب قلبها وهي تنصح وترشد .. تأمر وتنهي .. وأنا لست هنا " أديها الأذن الطرشة " على رأي المثل المصري .. تقول لي يمين فأقول لها شمال .. أخالفها في كل صغيرة وكبيرة .. ولا أبالي لاستنكارها أو حتى رفضها .. لا أنظر في عينيها وهي توجه لي اللوم أو العتاب حتى لا أتأثر فأضعف . أضيع وأغيب في هذه الدنيا حتى و إن كنت حاضرة . تشتكي و تبكي و تتذمر و أنا أرى و لا أرى .. سيان .. المهم أنني لا أحرك ساكناً . لم أذكر يوماً أننا اتفقنا على رأي واحد أو نفذت لها رغبة من رغباتها في تحسين مسار حياتي أو أخذ مشورتها

وردك لن يذبل يا طلعت .

وردُك لن يذبل يا طلعت . وردٌ له الميساء " " ( إلى ميساء البشيتي ) شعر : طلعت سقيرق ذاك الصباحُ قصيدةٌ غراءْ هي في عيون الوقتِ أغنيةُ العطاءْ ميساء في ورد النشيدِ وبالهِ تمضي إلى زهر الربيعِ فينهضُ الوعدُ المحمل بالندى يزدانُ بالشعر الجليل ويرتدي أفقَ الصفاءْ وردٌ لهُ الميساءْ *** هيَ في زمان الخير بحرٌ زاخرٌ هي في الصباح الحلو أروعُ بسمةٍ جمعتْ منَ الشمسِ الصفاءْ جمعتْ من البحر العطاءْ وتألقتْ بدرَ النقاءْ هيَ غرّةُ الخلـُقِ الجميلِ وقامةُ الزمن النبيلِ وزهرة الأمل الأصيلْ يزهو الزمان بأنها عطرُ الصفاءْ وردٌ لهُ الميساءْ *** قومي إلى باب الندى قومي إلى هذا المدى ردي الصباح إلى الصباحْ ردي السماح إلى السماحْ وامشي إلى بحر الضياءِ قصيدةً لا تنحني كفاك من شجر النهارْ كفاك للزمن الجميلِ بطهرهِ أحلى انهمارْ قومي إلى باب الندى ردي الصفاء إلى الصفاءْ هذا المدى وردٌ لهُ الميساءْ 16/8/2009 وأجهش بالبكاء .. ويجهش معي قلبي .. كم حصد الموت من أحبة لنا .. بالأمس أبي وبعد الأمس أنت وعلى ضفاف الموت تركنا الكثير قدمنا للموت جميع القرابين .. ولم يكتفِ الموت .. الموت لم يكتفِ .. ولا يزال كأسه

الصامت إلى حين !

الصامت إلى حين ! مهداة إليك .. إلى الصامت إلى حين ! مني أنا تلك التلميذة التي تعلمت منك وعلى يديك كيف تفكك الحروف وكيف تعيد تركيبها وتشكيلها ووضع النقاط عليها ورسم الدهشة في تلك العيون . تلك الطفلة التي طالما انتظرتك على أرجوحة الأيام في باب بيتك .. لم تستقبلها أنت بوجهك المضيء بل استقبلتها العواصف العاتية المحملة بالمطر الغزير .. عصفت بها رياح الظنون .. تقاذفتها أمواج القلق والهمِّ .. لكنها لم تغادر بيتك .. وبقيت تنظم إليك قصيدة لم تكتمل بعد .. ابتدأتها هناك .. على عتبة بيتك . عصفورة كانت .. حزينة كانت .. وأنتَ كنتَ لا تهوى العصافير الحزينة في حينها .. أو ربما هُيئ لها ذلك .. ربما كنتَ ترسل إليها شارات ودلالات لتبحث هي عن مساحات الفرح في داخلها .. لكنها لم تجد .. ربما هي لم تبحث جيداً عن بيارق الفرح .. وربما عزَّ الفرح في ذلك الحين .. ومع ذلك كانت كل هجراتها خلفك .. نحو الشمال ونحو الجنوب .. وحتى نحو عالمك المجهول .. لم تكلَّ من الطيران .. ولم تملَّ من الانتظار.. ولم تعصف بروحها نسائم النسيان .. وأنت تغرق في صمتٍ لا يستطيع أن يقرأه أحد ولا يفكك حروفه أحد . كانت بعد كل هجرة تعود أدراجه

مات أبي .

مات أبي مات أبي .. مات من كان يعدني بالعودة .. مات أبي ومات معه الحلم الوردي والفستان الوردي والخطوات الوردية على جسر العودة . مات أبي .. مات أبي قبل أن يضع نقطة النهاية لسطور الاغتراب .. قبل أن يصبح الاغتراب صفحة مطوية في دفتر مذكراته .. مات والاغتراب هو كل ما تبقى في ذاكرته .. وكل ما ورثته عنه أنا . مات أبي .. مات بعيداً عن أفياء تلك الياسمينة التي كان كل ضحى يجلس في أفيائها .. يسبح لله ويسجد ويبتهل في الدعاء ويعنون لنا أوراق المستقبل ثم يضع لنا أقدامنا الصغيرة على تلك الطريق .. قبل أن تبعثرها وتبعثرنا معها الأيام . مات أبي قبل أن يتجه كعادته كل يوم إلى رحاب المسجد الأقصى يقبّله بين عينيه .. ثم يمطره بالصلوات والابتهالات والتسابيح .. ويفتح ذاكرة السنين لأحبة ودعوا الحياة ورحلوا من هناك .. رحلوا من رحابه الطاهرة . مات أبي ولم يعلمني في هذه الحياة سوى التقرب إلى الله والإصرار على العودة .. ولم أعرف في حياتي غيرهما .. لكن بعد أن مات أبي عرفت غيرهما .. عرفت الموت . عرفت أن يستقبلني سرير أبي فارغاً منه .. وأشياؤه تنتظر كما هي .. تبكي لمساته الأخيرة .. وتلك الساعة القديمة التي كان يضبط عقا

التوتر

التوتر طبعاً أشعر ببعض التعب لأنني لم أخرج من أجواء المرض التي ربما كان سببها الرئيسي هو التوتر .. أعاني بهذه الفترة من ضغط كبير على الأعصاب بسبب الصدامات غير المرئية مع البشر .. أتفاجأ كل يوم أن الدنيا ليست بخير وأن المصالح غلبت ليس على حياتنا فقط بل على مشاعرنا وأن اللف والدوران تُعرف اليوم بالدبلوماسية .. وأن الشجاعة ربما أصبح لها توصيف آخر غير محبب بل قد يحاربها البعض _ طبعا أنا مع الشجاعة ولست مع التهور في استعمال الحق تحت ستار الشجاعة _ .. أعتبر أن المداهنة والرياء هما العدو الحقيقي ليس لي فقط بل لكل المجتمعات ولكل الأمم .. وهما من أوضع الصفات التي عرفتها البشرية . ما زلت أفكر كالمتنبي " الخيل والليل والبيداء تعرفني والسيف والرمح والقرطاس والقلم " ربما كان هناك بعض التشابه لو بنسبة ضئيلة بيني وبين هذا الفارس الشجاع _ المتنبي _ وهو أن القلم يعرفني .. وأنا لا أخون القلم الذي هو كالسيف وكما يرتوي السيف من الدماء يرتوي القلم من قول الحق . لو فكرنا ماذا نجني من التملق والرياء واللف والدوران ومجاملة الآخر على حساب مشاعرنا ؟ لا نجني شيء .. هي الخسارة الأكيدة .. لأنها الضبابية

اختناق

اختناق لم يعد يهمني أن كان عنوان هذا النص هو فعلاً عنواني .. لم يعد يهمني شكل الحروف وهي تتساقط من لوحة الحروف هل تشكل إليك كلمة .. جملة .. فقرة .. لا شيء . لم أعد أنظر امامي إلى وقع الحروف عليك هل هي جادة .. حزينة .. باكية .. متشجنة .. مضطربة .. مرهقة ؟ أغلقت كل النوافذ من حولي ظناً مني أن هواء الغرفة يكفيني وأنني لست بحاجة إلى جرعات أكسجين إضافية .. وأن رئتي لم تعد تحتمل هبات جديدة من الهواء المتقلب والممزوج بالشوائب .. لكن على ما يبدو أن حروفي لها وجهة نظر أخرى وأنها بحاجة إلى جرعات إضافية من الأكسجين أو أنها في طريقها إلى الاختناق .. فماذا اختار رئتي أم حروفي ؟

خلف تلال الحزن

خلف تلال الحزن من خلف تلال الحزن آتيك .. أحمل إليك بعضاً من أحزاني .. وأنا التي كنت بالأمس فرحك .. وكانت أكاليل الفرح تاجي وعنواني .. لماذا كلما أشق طريقاً إلى قلبك يأتيني الواقع ملثماً من خلف تلال الحزن .. يصفع قلبي .. يقذف به إلى دهاليز الصفر فأجد نفسي على الضفة الأخرى من الأفق ويدك تلوح لي بمرارة وهمسك يتمزق على باب أذني .. أبقي هنا .. أبقي بقربي .. لا تبتعدي .. هي أعاصير الحزن أقوى من نسائم الأفراح . يا أنت .. يا كل فرحي .. يا كل أملي .. يا كل حياتي .. لماذا تعصف بنا تيارات الحزن فتبدد خيوط الفرح التي أمضيت عمراً أنسجها لك أزهاراً من الفلِّ .. وحين أهم بإلقائها على شرفة قلبك تعصف بها وبيّ تيارات الحزن .. تحملني بعيداًعنك.. بعيداً عن قلبك .. بعيداً عن عينيك .. وتتبعثر مني كل ورودي وباقات الفلّ .. لأجلك أنت ركبت موج البحر الهادر .. تسلقت السحب الهوجاء وخبأت لك في كفيِّ بعضاً من حبات المطر وبعضاً من خيوط الشمس .. وتأرجحت مع الريح على حبال الشوق علني أصل قلبك بسلام . وأنت يا عمري .. صامد كما أنت .. تعاند الريح والموج والسحب .. لكنها اليوم غيوم الحزن هي التي سبقتني إليك .. احتلت بيتي قي

عاتبني أيها القمر !

صورة
عاتبني أيها القمر من خلف تلك التلال ترسل إليَّ كل ليلة ألف تحية وألف سلام .. لا تكلُّ أنت ولا تملُّ .. ولا يتسرب إلى نفسك اليأس من فرط الانتظار . وأنا من خلف نافذتي أرقبك .. وأرقب حرقتك في دلال .. إلى أن أصبح نورك يملأ المكان .. ويملأ قلبي .. ففتحت لك نافذة العمر .. وبت في انتظارك كل مساء أذكر في ليلة طال فيها غيابك عن نافذتي .. حين حجبتك تلك الغيمة الكبيرة عني .. انتابتني حينها موجات من الشوق والحنين والهلع .. وما أن ظهرت لي حتى هرعت إليك لأبثك شوقي وحنيني .. لكنك أخذت تعاتبني .. وتعاتبني .. وتعاتبني .. وتغرق في العتاب .. إلى أن أنسيتني شوقي إليك ولهفتي عليك .. فتركتك مع عتابك .. وأغلقت نافذتي على ما تبقى من شوقي ولهفتي عليك .. وآويت إلى فراشي يفترسني الحزن والقهر .. وإذ بك تقتحم نافذتي وتخترق أحلامي وتطبع قبلاتك على وجنتي .. وتهمس لي لتداري دهشتي التي ارتسمت بجميع ألوان الطيف على وجهي : الحب يا أميرتي لا يقبع خلف النوافذ .. وصدّقت .. صدقتك ! وأذكر أيضاً عندما كنت تحاسبني كطفلة صغيرة وتسألني بعنف لا زلت أخافه للحظة : لماذا ترسل الشمس خيوطها نحوك .. لماذا تتسلل إلى مخدعك .. لماذا تتجمه

لم ترني

لم ترني لا لستُ من أرسل إليك باقات الورود والرياحين ولا من كتب إليك سيدي رسائل الحنين فتش في دفاترك جيداً عمن هي تجيد غزل أطواق الياسمين . *** أنا يا سيدي أقف على هامش حياتك مركونة منذ سنين فما راودتني الحيلة يوما وما اشغفني فيك فكر مجنون ربما خامرني الشك يوماً وراودتني فيك الظنون بأنك يا سيدي لست من كوكبة العاشقين وأنك لا تملك بين الضلوع فؤاداً يعشق .. يتأوه .. ويمزقه الأنين ! *** ترجل يا سيدي من برجك العاجي وانظر في الأفق ملياً علك تراني علك تلمح طيف امرأة .. ذاب عمرها كقطعة من السكر في قعر الفنجان .. وذبل قلبها .. بين جحيم صمتك ونعيم النسيان !

أقسم

أقسمُ أقسمُ وهل يجوز لي القسمُ ؟ لن أكتبك بعد اليوم نثرا ً لن أتلوك شعرا ً لن أغرسك وردة جافة في طيات الدفتر قد جف حبري وتاهت نسائمي وذبلت بين أصابعي ريشة القلم أقسمُ وهل يجوز لي القسمُ ؟ لن ألقاك وفي اليد مبضدع تلمٌ وعلى أناملي تنبت حدائق الفل والزنبق وتغرد أقحوانة حزينة تنسابُ من بين شفتيها لآلىء الدمع وموشحات الألم أقسمُ وهل يجوز لي القسمُ ؟ لن أدور حول جرحك كفراشة يتيمة تتوضأ بدمك فجرحك الغائر لن يبرأ وغيمات نيسان لن تروي منك الظمأ ما كان قد كان ... ما عادت تلك الليالي تسكننا ولا تضاء بساتين القمر بلا جدائل الشمس واحتراق قلب النجم أقسمُ وهل يجوز لي القسمُ ؟ لن تهون عليّ في يوم وما هانت ذكريات الأمس تحت عناقيد العنب وفي ظل ياسمينة الدار هناك كنت أخبئ لك بعضاً من الأسرار ونسيج وردة حِكتُ أوراقها الذابلة في كفي وزرعتها في عتمة الليل على شرفة الحلم أقسمُ وهل يجوز لي القسمُ ؟

دينا .. عروس تشرين .

دينا .. عروس تشرين دينا يا عيون ماما أيتها السعادة المنتشرة مع خيوط الفجر .. كم كنت أعشق الصباح لأنه كان ينبثق من بين عينيك .. كنت أنتظره بفارغ الصبر حتى آتيك إلى سريرك وأداعبك من خصلات شعرك المنثورة على الوسادة بفوضى جميلة .. وأدندن بأذنك تلك الكلمات التي تحبين سماعها والتي لا يمكن أن تستيقظي دون سماعها .. وحين أجد أن الابتسامة بدأت ترتسم بخفة على شفتيك أدرك أنني في الطريق السليم وأنه لم يبق أمامي الكثير حتى تنزعي الغطاء عن وجهك وتفتحي عينيك للصباح وللنهار بأسره . أحيانا كنت أمعن في دلالك وأعيد وأزيد على مسامعك تلك الجمل والعبارات التي تحبين سماعها والتي ألفتها لأجلك خصيصاً .. ربما لم يكن لها أي مكان في اللغة العربية أو في لوائح الأبجدية لكنها كانت مفهومة جداً لك .. وكنا نتواصل بها بشكل عفوي جميل .. كم أتوق إلى تلك اللحظات وإلى مداعبة وجنتيك كل صباح .. وكم أفتقد ابتسامتك الغاضبة بعض الشيء حين تودين الحصول على ساعة أخرى من النوم الإضافي لأنك لم تنامي ليلتها من أجل إتمام مشروعك الدراسي . كم أشتاق لتلك الجولات المكوكية التي كنت أقضيها بين غرفتي وغرفتك طوال الليل حتى أتأكد أنك لحظة غف

ولي في بيروت ألف أيلول !

*** بعد مرور أكثر من عشرين عام على مغادرتي بيروت داهمني الحنين وحملتني الأشواق إلى تلك الأيام حاولت العبور فلم أستطع فأرسلت كلماتي إليها علّها تعبر *** ***************** ولي في بيروت ألف أيلول أتذكرينني بيروت ولي فيك ألف أيلول من الحزن فؤاده قد انفطر صبية تجوب شوارعك هائمة .. حالمة .. تعبث على أصابعها بعض ألاعيب القدر ولها على شاطئك ركن .. وفنجان قهوة .. وفيروزيات.. تهطل مع حبات المطر رفاق هنا .. وضحكات هناك .. وليل عنقودي ومدافع العيد وأمسيات أجلت السهر مزقّوك بيروت ومزّقوني وما مزّقوا بقلبي تلك الصور من بيروت إلى عمان مهاجرة .. مغادرة .. معلقة على لائحة السفر بيروت لا لا تنكريني فأنا لي فيك أيلول قد ولد قبل أن تطأك أقدام البشر #بيروت_عصفورة_الشجن

وماذا بعد التيه ؟

وماذا بعد التيه ؟ وماذا بعد التيه ولم يبقَ مني ومنك إلا الظلال ؟ كل هذه الشطآن تستعد لملاقاتي .. ومركبي يأبى الرسو إلا على شطآن عينيك .. فهل سأبقى عائمةً على مرافىء الانتظار ؟ عيناك تتأرجحان بين مدٍ وجزر .. ترفعهما موجة عابثة وتلقيهما أخرى فتدفنهما في الأعماق .. تنظران إليَّ نظرة حائرة ولكني للحظة فقدت الجواب .. لا الصمت في عينيك حدثني ولا الصمت على شفتيِّ ترجم الكلمات . لوهلة غرّك البريق الساحر في عينيها فتلعثمتَ وتزاحمت في رأسك الأفكار .. رويداً رويداً ألقت إليك بجدائلها الملفوفة بحبائل السحر فتعلقت بها تعلق الغريق بقشة تطفو على سطح الماء .. وانتشلتك من يم الهوى الذي أغرقك عمراً وثبتتك فانوساً وهاجاً في جبينها وعنواناً مضيئاً على ذلك الباب . وطال الصمت .. صمتك .. صمتي .. صمت الهوى .. وأُخرست كل الألسن وفُقئت عين الضاد ورُملت الأبجدية في عقر دارها وتاهت كان وأخواتها في ذلك المحراب . (غريب ) هو اسمك .. هكذا نقشوه بالحروف الأولى على جبهتك ثم فتشوا جيداً في صدرك .. عبثوا فيه .. لكنهم لم يفهموا أبداً من أين يُدَق في صدرك صدى تلك الأبواق ؟ لم يلحظوا ترقرق الرفض في عينيك ولا انتفاضة الحرو

حيفا تناديك يا شاعر

حيفا تناديك يا شاعر الليل مرة أخرى .. وهذا الأيلول المستبد يمدُّ أجنحته على الكون .. ماذا يريد أيلول هذا العام ؟ الليل يفرش أسرته للشعراء .. يرسم لهم أحلاماً جديدة .. يدق الأجراس وينشر العتمة ويرفع سقف الأحلام إلى ساعات الصباح الأولى .. ويستسلم الشعراء للأحلام .. يصغون للليل ولأوامر الليل ويقطعون تذكرة النوم المجاني لحجز أكبر مساحة من الأحلام .. وينتظرون .. وننتظر نحن أيضاً أن تشرق السماء عن حلم جميل يمتطيه فارس شاعر ينشر القصيد مع خيوط الشمس .. ويرسل قبلاته الصباحية إلى حيفا .. ويجدل ضفائرك يا عكا .. ويرفع ألف علامة استفهام على جبين السؤال ؟ أين أنتم يا رفاق ؟ أنا وحدي مع الحلم .. أنا وحدي في ساحة الأحلام .. من يشاطرني الحلم .. من يشاطرني النداء على حيفا .. من أقتسم معه هذا الحب الذي لا ينتهي .. وهذا الأمل الذي يتقد أكثر من الجمر .. والنوم يغريني بحلم يدغدغ خاصرة الجفون .. وحيفا تحمل كفها وتطرق باب الصباح .. فهل من مجيب للنداء ؟ انهض يا شاعر .. هذا ليس وقت النوم .. حيفا تبحث عنك في كل العيون التي تزورها .. ولا تريد إلا عينيك أنت يا شاعر .. فانهض .. حيفا تحدث الجميع بأنك أرسلت إليها أش

رسالة إلى عام مضى .

رسالة إلى عامٍ مضى مضيت .. بخيرك مضيت .. بسوئك مضيت .. بلياليك الثقيلة .. بنهاراتك المتعبة .. بأعيادك المعلقة .. مضيت .. بآلامك .. بجراحك .. بقسوتك .. مضيت .. مضيت وتركت بصماتك معلقة على بابي . لكن قبل أن تطويك الأيام وتدثرك في سجل الذكريات العتيقة وقبل أن تسدل ستائر النسيان على آخر صفحة من صفحاتك دعني أذيلها لك بكلمة عتاب كما ذيلت لي عاماً من عمري بالمرار . أيها العام .. لقد أخذت من الأحبة الكثير .. ابتلعتهم كما يبتلع الحوت أسماكاً صغيرة تقترب منه .. مداعبة .. ملاطفة .. تتحسس ببراءة نعومة جلده وبريق عينيه قبل أن يتقد الموت في جوفه فيحصد دون استئذان أفئدة كانت ملجأً لي أمارس فيها طقوس بوحي .. كانت صومعة لي أفرُّ إليها عند كل استراحة محارب .. كانت قبراً أئد فيه أحزاني وآلامي وأسراري . تمرُّ الأعياد تتوالى على عمري .. سوداءَ كباقي أيامي .. خالية من بريق أمل .. من شعاع نور هارب .. من خيط ضوء تائه فقد بوصلته بعد أن لفظته أنسجة الشمس حين اعترتها حالة تمرد ! وتتوالى معها أسئلة حائرة تنتحر فيها الأجوبة قبل أن تنتهي من طقوس صلاتها الأخيرة . تصفعني للمرة الألف عبارة ( تلغى جميع مظاهر

أهلاً بالعيد .

أهلاً بالعيد أنا وأنت يا عيد .. أمسيات من عناقيد وعقود .. أضواء .. شموع .. قناديل .. بطاقات حب .. ذكريات مطوية بدفتري العتيق .. مواقد الشتاء .. أرصفة من البياض .. دمية تناثرت بقايا شعيراتها بين مخالب مشطي العتيق .. ليالٍ صيفية وقمر الجيران خلف نافذتي .. ينتظر معي صباح العيد .. فستان وردي ينام بجانبي على السرير .. مذياع .. يهلل .. يكبر .. ينشد .. أهلا ً .. أهلا ً بالعيد .. وأنا في عجالة من أمري .. قبل أن تفرّ أصابع العيد من يدي .. أختطف كعكة بالعجوة .. أضم الدمية إلى صدري .. أقبّلها .. أمنحها مصروفي في العيد .. بعد ثوان ٍ قليلة .. أشد ضفيرتها .. أسرق منها العيدية .. وأنطلق مع الريح .. أقذف بالعيدية إلى الهواء.. فيلقي إليّ بمراجيح الفرح .. بمراجيح العيد .. في المساء أعود نادمة .. أضم إليّ دميتي من جديد .. أبكي على صدرها وأشكو لها بخل العيد .. كان بخيلا ً بحضوره .. لم يطل المكوث في الخارج .. مرت ساعاته كالحلم .. كالكذبة .. كالأسطورة .. لم ينتظر حتى يودعني .. وجدته خلف الباب يلملم أذيال ثوبه وينطلق مع الريح .. مسدت شعر دميتي ووعدتها ألا أشد ضفيرتها مرة أخرى .. ألا أسرق عيديت

حروف متمردة

حروف متمردة هل تلد الغيمة الحبلى عصافيرَ .. وهل تمطر السماء في الحضن زنابقَ ووروداً ؟ وهل أمواجك يا بحري الصاخب تستطيع في ذروة تلاطمها وعربدتها أن تجرح كبد السماء أو تمزق شغاف فؤاده ؟ كذلك أنت يا جرحي النازف لن تلد جراحك الحبلى إلا الجراح .. ولن تمزق بأناملك الحريرية إلا أفق آمالي الندية .. ولن تخدش بجبروتك سوى زهو أحلامي وأطيافها الوردية . وأنت يا حرفي المتمرد .. ويا لعنتي .. عندما أولد على يديك وعلى يديك أشاهد مصرعي .. فبماذا أؤمن ؟ بماذا أؤمن بعد اليوم وقد تمردت علي حروفي .. وُمزقت جروحي .. وأعلن للملأ ترصد مماتي ؟ لست منك يا حرف ولست مني .. لست منك وقد نهشت بمخالبك الجارحة كتفي العاري ولب فؤادي وغرست أول مسمار لك في نعشي . حزينة أنا ؟ لا .. لست حزينة .. أنا الحزن بأكمله .. مدائن من الحب لم تكن تسعني .. وتضيق بي يا حرفُ فترميني . قلبي الحرّ مأوى لكل الأنام .. وأحداقي تسكن فيها كل الأحلام .. تغفو فيها .. تختبئ فيها من أعين الظلام . فيلوح فجرك في غير وقته يقتحم أحداقي وينبش أحلامي ويطرد كل سكاني .. ولوحدتي يبقيني . أبحث فيك يا وطني .. يا مسقط رأسي .. ونهاية كل تجوالي

ونحن عندما نتمزق !

صورة
ونحن عندما نتمزق دعوني أنا ابنة القدس أحكي الحكاية .. حكاية الطفلة التي كانت تركض بشقاوة الأطفال في حارات القدس وتجوب أبوابها السبعة .. تخرج من باب الحرم إلى ( باب الساهرة ) تذهب إلى مدرستها التي كان اسمها ( مدرسة الفتاة اللاجئة ) .. ثم ترجع ظهراً لتعبر إلى طريق منزلها من ( باب حُطَّة ) .. تضيء شمعة في ( بيت الولي ) هكذا كان يسمى .. وتركض إلى (حارة السعدية ) .. إلى ملعب حارة السعدية تحديداً كي تمارس كل ما تأتى لها من شقاوة وتمتع طفولتها في اللعب على الأرجوحات هناك ثم تعود أدراجها بعد أن يهدها التعب من اللعب إلى منزلها .. تعبر في ساحات الحرم الكبيرة ثم تكمل اللعب والجري والقفز في لواوين الحرم كما كانت تسمى آنذاك .. وأحياناً كانت تتسلل خفيةً عن عيون الأهل فتعبر من ( باب الإبراء ) لتشاهد مجموعات (الشكناز) يقومون بطقوس غريبة .. يقفون فيها أمام حائط كبير ..يحملون بين أيديهم كتابهم المقدس يقرأون فيه ويبكون ويدقون رؤوسهم بذلك الحائط .. وكان البعض منهم يعد الموائد الخاصة بتلك الاحتفالات .. موائد ممتلئة بالفاكهة ـ فاكهة بلادي من برتقال وتفاح وغيره ـ وكنت أقف كالغريبة بينهم مع أنها بلاد

آلاف من اللاءات .

آلاف من اللاءات كل شيء في هذا العالم يتضاءل ويصغر ثم يتلاشى إلاّ هذا الفراغ الذي يغلف روحي كشرنقة أطبقت فكي حصارها على حبة توت بري نبتت بالصدفة بين ثناياها وفي ربيع فصولها فإنه يكبر يوماً على صدر يوم . فراغ تتسع مساحته وتتطاير في أفق عيني الموشح بألوان ضبابية باهتة إلى داكنة بعض الشيء فيبتلع كحوت في ذروة هيجانه كل الأسماك الدافئة .. الحنونة .. المحبة ..الراضية والقانعة بأقل مساحة من الضوء وأصغر مساحة من الأمل . كإخطبوط هرم يمدُّ هذا الفراغ أرجله فيسحق ببواطن أقدامه أزهار الغد ونسائم الفرح وعناقيد الحب ولا يبقي لي إلاّ بركة من الفراغ أعوم فيها بعد أن فقدت خيوط الجاذبية الأرضية . أرى كل شيء حولي .. أسمعه جيداً.. أقترب منه لكنني لا ألمسه .. أتمنى لو أستطيع .. لم أعد أرغب بملامسة الأشياء ! بداخلي تعنت غريب ورفض شديد لكل ما هو موجود . كالطفل الصغير الذي يملك أشياءه المحدودة .. يرغب فيها .. يريدها .. ولا يرضى بغيرها بديلاً .. أنا أيضاً لم أعد أرغب في البدائل الهابطة عليّ من أفق مجهول .. لم أعد أرغب بأنصاف الحلول ولم تعد تعجبني .. الانغماس في الموجود والمتاح والممكن لأنه المسموح الوحيد أيضاً

شرق جهنم

شرق جهنم " هنا أو هناك أو شرق المتوسط مرة أخرى " عنوان ليس لي .. أو ربما كان لي .. ربما كان أنا أو أنت .. ربما كان " عبد الرحمن منيف " كاتب هذه الرواية .. مؤلف هذه الرواية . ربما كان يقصدك بالحرف الواحد .. ربما كان يقصدني أنا .. ربما كان يقصدنا كلينا .. ربما لم يقصد أحداً فينا .. هذا العالم مليء بأشباهي وأشباهك وأشباهه . هنا أو هناك أو في أية رقعة من هذا الوطن العربي أنت فلسطيني .. وهذه في حد ذاتها ليست صفة إنما قد تعتبر جريمة .. وجريمة لا تغتفر .. هناك خلف المحيط إن جاز لنا القول " المتهم بريء حتى تثبت إدانته ".. هذا عن المتهم لكن عن الفلسطيني فالوضع مختلف تماماً فالفلسطيني متهم ومتهم ومتهم حتى ولو لم تثبت إدانته .. الهروب خلف المحيط خطأ فادح .. الهروب إلى حضن الوطن والاحتماء فيه ممنوع لأنك فلسطيني .. التفيؤ بظلال الليمونة عوضاً عن الزيزفون أيضاً ممنوع .. وأن تحمل ليمونتك العتيقة ذات الرائحة الشجية على ظهرك وترحل بها فكذلك ممنوع وأن ترسل في إثر عبقها وتستدعي رائحتها الشذية في أحلامك ممنوع .. أن تبقى فلسطينياً ممنوع .. أن تصبح غير فلسطيني ممنوع .. أن تحيا

اخرج من ظلامك

اخرج من ظلامك اخرج من ظلامك .. لست وحدك ..اخرج إلينا .. فنحن والهم سواء .. هو القدر ! لا نملك أمامه الحيلة . ولكنك أنت لنا .. ونملك أن نبقيك معنا .. نملك أن نبقى بجانبك .. نملك أن نهبك أنفاسنا .. أن نهبك رئاتنا .. نحن بشر .. مجرد بشر .. لا نملك أية قوة خارقة .. لا نملك تغيير مسار الريح إن هاجت .. ولا نملك رد موج البحر الصاخب المتلاطم .. نحن بشر .. لا نملك رسم حدود ٍ للألم والجراح .. ولا نملك حق نفيها أو تشريدها أو تهجيرها أو حتى تشتيت شملها .. نحن بشر كتبت علينا خطى .. رسمت لنا طريق .. لا نتعداها .. نتقبلها بالحزن .. نتقبلها بالأسى ..نتقبلها بالرضى .. نتقبلها .. ولا نحيد عنها .. ولا نملك حق مساومتها أو استرضائها .. لا نملك حق استدرار عطفها أو حتى استجدائها .. نحن بشر يتملكنا حزن ٌ .. يتملكنا عجزٌ .. يتملكنا قهرٌ .. ظلمٌ .. كيدٌ .. فقرٌ .. لكننا أيضا ً يتملكنا قلبٌ .. يحتوي كل الحب .. يحتوي كل العطف .. كل الأمل .. كل الحلم .. كل الحنان .. فلا تيأس .. لست وحدك .. اخرج من ظلامك .. اخرج إلينا .. اخرج إلينا .. لست وحدك .. اخرج من ظلامك .

أرصفة النسيان

أرصفة النسيان أنت .. وأرصفة النسيان مرة أخرى .. وهذا الملل الأسود يحاصر روحي .. يخنق نسائم الربيع في أيامي ويمحو عناوين اللحظات الجميلة من ذاكرتي ومن البال . رسائلي لا تسافر إلا إليك .. وروحي لا تنتظر من الغياب غيرك .. ووحدها علامات الاستفهام استعصى عليها الفهم وبقيت تراوح في مكانها تنثر من حولي نفس السؤال .. في صباحات تكاد تخلو من كل شيء إلا من صوت الصباح وهو يقرع الأبواب .. يعلن ميلاد يوم جديد .. يوم جديد لكنه في غيابك يشبه الأمس .. في ركوده .. في صمته .. في هدوئه المميت .. في دورانه عبر حلقات الفراغ . وأنت تتجول كسلحفاة تحتضر على أرصفة النسيان .. لا تدري هل أنت فعلاً منسي أم مقصي عن هذا القلب .. ربما كنت تحاول الفهم .. ربما خطر إليك أن تنثر من حولي نفس السؤال .. لكنها وحدها علامات الاستفهام هي التي تدور من حولي وتتجرأ وتنثر نفس السؤال .. حاولت أن أقلب الطاولة على جميع الأرقام .. وأختارك من بين تلك الجموع رقم عمري .. وأرفعك عالياً في وجه جميع علامات الاستفهام .. لكنك كعادتك غائب .. تتجول على أرصفة النسيان .. وقلبي اليوم يعاني من حالة ملل .. فقد الرغبة لسماع صوتك المتهدج على الضفة ا

أيها البدوي المتعب .

أيها البدويُّ المتعَب . أختفي وراء غلاف مجلة .. أتدثر بصفحات الجريدة .. أرفع صوت المذياع حتى يصل أذن القمر الوسطى كي أتجاهل وجعك أيها القلب .. كي لا أسمع صدى أنينك يبكي كل ليلة .. أختزن دموع الكون في رأسي حتى لا تفاجئني رغبتها الرعناء في الانهمار حين أرسلها لتلثم بعد مرِّ الاشتياق بؤبؤ عينيك ..   أقسو عليك .. نعم .. لكنك تستحق أن أقسو عليك .   أهديتك مشاعر حالمة .. بيضاء .. أشد نصاعة من بلورات الثلج وهي تندفع لحظة الميلاد من رحم السماء   .. فتحولت بين يديك إلى رمادية اللون .. فاقدة النطق .. تائهة الخطا والأحلام .. نعم .. تستحق أن أقسو عليك . قلت لك ذات يوم جميل لا تشرب القهوة من فنجاني .. اشربها من هنا .. من هذه الأحداق   ..   أجبتني بقسوة لم أعتدها منك .. عيناكِ لم تعودا ترويان ظمئي .. عيناكِ دائمة الهروب .. عيناكِ دائمة الترحال .. وأنا رجل بدويٌّ   .. تعبَت مني بداوتي .. وتعبتُ منها .. تعبتُ أيتها البدوية من كثرة الأسفار والترحال .. أريد أن أتذوق معك طعم الاستقرار .. أريد أن أتذوق طعم الأمان ..   عيناكِ لم تعودا تمنحاني ذاك الأمان . وأخذتك الأيام بعيداً ..   كنت

هل أنا قاتلة ؟

هل أنا قاتلة ؟ أنا التي أخشى عليك من نسائم العتاب .. قتلتك ! كيف .. لا أعرف ؟ كل ما أعرفه أنني صوبت سهماً تجاه قلبك .. قلبك المتعب .. قلبك المنهك .. قلبك الممزق .. قلبك المثخن بجراح حبي .. فاخترقته وأرديته قتيلاً .. هل أنا قاتلة ؟ هل أنا قصدت قتلك ؟ لو كنت أقصد قتلك كنت عاتبتك أولاً.. أنا التي أخاف عليك من رياح العتاب أن تلفح ملامحك المشتاقة فتبرد نيران الشوق بقلبها وأنا بأمس الحاجة لحرارتها في هذا الجو البارد الكئيب فكيف أنا أقتلك ؟ ومع ذلك قتلتك . لم أنتبه أن قلبك متعب .. أنك منهك من التعب .. اندفعتُ كالبركان الثائر وأطلقت حممي المتصاعدة والملتهبة عليك .. ثم انسحبت عائدة بعد أن صوبت لك سهماً كبيراً في قلبك .. قلبك الذي أخاف عليه وأخشى .. هل أنا قاتلة ؟ لم أستطع النظر في عينيك ساعتها .. لم أحتمل أن أرى نفسي قاتلة فيهما بعد أن كنت الملاك البريء .. بعد أن كنت شعاع الأمل .. طاقة الحب .. ينابيع الشوق .. سلال المحبة والدفء .. فإذا بيَّ قاتلة .. قاتلة .. قاتلة .. إن أسعفك العمر والزمن وقلبك المثخن بالجراح ولم تمت .. أقصد لم تقتل .. فاغفر لي وسامحني وتأكد أنني مشتاقة لملامحك المحبة وأنني أخط

أنتَ وجعي .

أنت وجعي لم أرسل إليك وروداً في هذا العيد .. قلبي حدثني بأنك مللت تصفح الورود .. مللت الحديث إليها .. مللت الشكوى .. صمتك كان أكبر من كل التكهنات التي كانت تداعب مخيلتي وأطردها على عجل وأمنّي نفسي أنك بخير وما صمتك هذا إلا هدوء شاعر يتربص نجوم الليل ليأسر أجملها وينسجها لي عقداً أزين بالعيد فيه نحري .. طال انتظاري للعقد .. وطال انتظاري إليك .. وحديثك أصبح بعيداً .. أبعد من حدود الوطن حين تلوح مشتاقة من سماء الغربة . وجعي أنت .. لا وجع بيَّ إلاَّ أنت .. هل ألملم شتات فكري وأرسله إليك باقات حنين واشتياق .. قد مللت الحديث في صمتك .. وحرمت على نفسي عذب الكلام في الغياب   .. هل أرسل حروفي إليك لترتديها   شالاً صوفياً   تتدثر به في ليالي الصقيع .. أم أن حمّى الوطن تسري في دمائك فتشعلها لهيباً .. جمراً .. ناراً .. لا تنطفىء .. هل أرسل قلبي إليك .. قلبي مرفأك .. القِ إليه بأنياب الغربة التي مزقت لياليك ونهشت حلمك .. أنا في حيرة من صمتك .. أنا في خوف من صمتك .. وحدي وأصوات الليل تناديني من كل حدب وصوب .. وصدى صمتك يفجر المكان ويقول لي بحروف هدها التعب : أنا تعبت ..   أنا

أشياء لا تموت .

أشياء لا تموت . الإهداء .. إلى اسمك الذي حفرت حروفه على جدران القلب قبل آخر رحيل . هناك أشياء تبقى حية في ذاكرتنا .. في قلوبنا .. في ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا .. هناك أشياء لا يمكنها أن تموت .. فليسمح لي اسمك الذي كان يظن نفسه إلى عهد قريب أنه يرقد بين الأموات .. هناك أسماء لا تموت .. هذا الزمن غريب الأطوار .. على قسوته الظاهرة على محياه يفترش اللين مساحات واسعة من حدائق قلبه .. ينثر غبار الطلع على ملامحك فيغيبها قسراً .. ويبعثر الزهور التي كنت تحملها إليَّ في كل لقاء وينثرها على مفارق الطرقات .. ومع ذلك فهو لا يزال للحظة يحتفظ بك داخل غيمة حبلى بالأمطار .. سيهطل مطرها على حقول السنابل هناك في يوم من الأيام . هذا الزمن غريب الأطوار .. يغطي الذكريات الجميلة التي زرعناها أنا وأنت على شرفات تلك الأطلال بشال من الحرير الهندي .. وسقف متين من القش .. ومع أول نسمة ربيعية تلفح سماء القلب .. وتدغدغ جفون اللقاء .. يميط بكفيه القاسيتين شال الحرير عن عينيك .. فتراني بوضوح .. وترى معي صور ذلك الزمن الجميل تتراقص كالبجعات السبع على صفحات الماء .. وترى اسمك يتلألأ من جديد .. كنجمة صيفية حالمة .. لا شي

سيد المكان

سيد المكان يا سيد المكان .. وشت عصفورة النافذة بك .. أخبرتني كم كنت في حالة اشتياق .. كم ذابت على لسانك حروف اسمي .. وكم تبعتها تنهيدات وزفرات .. يا سيد المكان .. أعددت لك قهوتك السمراء .. ومنفضدة السجائر .. وولاعتك المذهبة .. وأشعلت لفاف سجائرك التي تحترق رائحتها في أنفي منذ أول لقاء .. كم بقي من الوقت ؟ لم تخبرني عصفورة النافذة كم بقي من الوقت .. تركتني والشوق يغلي بقلبي وهربت إليك .. وأنا كالطفلة التي تتعلم النطق .. تتلعثم الحروف على شفتي .. ترتجف آنية الورد في يدي .. أتعثر بخيالي الذي يسبقني إليك ثم أنهض لأرتطم بجدار الظلال .. كم بقي من الوقت لأعيد ترتيب الحروف على شفتي وأعيد ارتداء ملامح الفرح على وجهي .. وأعيد تثبيت أناملك على خاصرتي ورجع الفيروزيات يحاصر المكان والمدى ؟ وصورتك على الحائط تنظر إليّ ببراءة .. تضحك على حيرتي .. تمدُّ يدها وتنتشلني من أرضي التي لم تعد قادرة على حملي .. أرغب في الطيران إليك .. مع أن العصفورة وشت بك .. قالت أنك تسابق الريح إليَّ .. ما الذي أخر الريح في الخارج .. وكم بقي من الوقت ؟ امتلأت رئتاي برائحة سجائرك وغفت الفرحة على ملامحي بعد أن أعياها التعب و

لا أكون أنا !

لا أكون أنا ... لا أكون أنا إن لم أدع غيمات بوحي تنهمر عليك كزخات المطر .. تلاحق طيفك الشارد .. ظلك الهارب .. خيالك الذي فرّ من مرآة عمري وسكن موجة عابرة من الضباب . لا أكون أنا .. إن لم أدع غيمات حبي تفترش سماءك .. تروي شرايينك .. روحك .. قلبك .. وتنسدل على كتفيك شمسا ً حانية .. تدفئك .. تذيب صقيعك .. تغسلك من برودك .. تغسلك من جبروتك .. تغسلك من عنادك .. لا أكون أنا .. إن لم أسخر بحور الشعر كي تغرق مناماتك .. وتطاردك قوافي الشعر في حضن مخدعك وتختبىء في وسائد فكرك .. وتشغلك إنَّ وأخواتها فتصادر من قلب مقلتيك حروف أحلامك .. أنا .. أنا قلبي قد روضته على غيابك .. قد تعود غيابك .. قلبي اليوم لم يعد شاطئك لتراقص نوارس البحر على رماله .. من قال بأني أمنح قلبي للعابثين أمثالك كي يقلبون صفحاته باستهتار ثم ألهو أنا بأثار خربشاتهم وما علق منها وما لم يعلق في هوامش الفؤاد ؟ أنت لم تعد تملي رغباتك على قلبي وهو لم يعد ينتظر منك شارة البدء بحبك ولا شارة الانتهاء .. لا أكون أنا .. إن لم أغرقك في بحر حبي كما غرقت أنا .. وإن لم تثمل من نبيذ حبي كما ثملت أنا وإن لم تصرخ ألف أحبك كما صرخت أنا .. لا أك

يسألني الياسمين ... ؟

يسألني الياسمين ... ؟ يسألني الياسمين ولا أجد جواباً . بماذا أجيب الياسمين .. وكيف أردها حيرته .. وأسكنها لهفته .. وأنا لا أملك لسؤاله الجواب ؟ يا ياسمين لا تقسو .. ولا تكثر من السؤال . أنا التي أنهكتني موانىء الغربة وأنهكتُها من وقع خطايَ .. أنا التي أتعبتني شطآن المنافي وأتعبتها وأنا أبحث عن ظل ياسمينة من بلادي أزرعها على وسائد الليل وشاحاً .. أرتديها كل صباح .. وأبكي على أوراقها عند كل اشتياق . صادقت البحر هناك علَّ أمواجه تأخذني بعيداً إلى غير سماء .. سماء تلمع نجومها لأجلي .. يضيء قمرها لأجلي ويكتب رسائله على جبيني أنا .. ولا يخطىء أبداً العنوان .. لكن البحر صار غريباً مثلي .. وأمواجه استكانت ونامت في مخدعها .. ولم تعد الشمس تغريها قبلات الصباح . صادقت العصافير هناك وسمحت لها بالغناء على سرير الأحلام .. واستهلكتُ عمري وأنا أكتبها عنوانينَ لمذكراتي .. رسمتها شعراً .. تغنيت بها نثراً .. وطبعت على ريشاتها أحلى القبلات . لكن العصافير يبقى حنينها إلى الهجرة يسري في عروقها .. لا يكّفُها عنه ولا تردها أجمل المعلقات . وجدتك يا ياسمينة غريبة مثلي .. وحيدة مثلي .. تتكئين على جدار آيل للانحن

لوحة .

لوحة تَعشقُ الألوان الزاهية أنتَ .. وتَعشقُ جمع الصور .. وأنا منذ الصغر أهوى رسم الوجوه .. الوجوه الناطقة .. لا يهم إن كانت وجوه ضاحكة .. وجوه باكية .. وجوه باسمة .. وجوه مستبشرة .. وجوه مقهورة .. المهم أنها وجوه ناطقة . حتى وجهك الملائكي لم ينجُ من ريشتي .. لم يسلم من خطوط الرسم المتعرجة حول جفنيه .. وتدفق الألوان على حدائق وجنتيه .. فقد كانت هوايتي منذ الصغر .. رسم ملامح وجهك ومحادثتها .. وانتظارها بين الفينة والأخرى حتى تظهر لي هاشة باشة من محراب الصور . كنت أمرُّ على ياسمين وجنتيك في كل مرحلة من مراحل عمري .. أرشه بالندى .. وأقتلع ما تجرأ من أشواك بريّة حاولت مدَّ جسورٍ لها من المحبة حول حدائق عينيك .. وقبل أن أغادر أترك بصمة خفية بأنامل ريشتي بين حاجبيك .. ثم أودع الصورة في محراب الصور . اليوم بعد أن أطفأت شموع الميلاد وأصبح عمري دهراً من الزمان عدت لأرسم لك بين عينيك همسة بألوان الطيف التي تحب .. ولأضع لك على وجنتيك لمسة ندية بريشتي التي تقطر منها أزهى الألوان .. أخرجت الصورة من محرابها .. نظرت إليها ملياً كمن يفتش عن عمر تاه منه وسط زحف السنين .. حدقت في الألوان .. ثم دغدغتها بف

نداءات في جوف الليل.

.نداءات في جوف الليل أطبق الليل فكيه على ضلوعي .. وجثم كابوس الكآبة على أنفاسي .. ومزق أنين صمتي الشارد أذني الآفاق .. أين أنت .. طالت غيبتك وطالت غربتي .. بت أقضم أظافر الأيام من قهري .. من ندمي .. من قلقي .. من خوفي .. من شكي .. أين أنت الآن ؟ يأخذني الحنين كل ليلة إلى تلك الأزقة فأجوبها بحثاً عن وقع خطاك .. عن بقايا عطرك المهجورة على تلك الأطلال .. عن تنهيداتك .. زفراتك .. أناتك .. هل ما زالت معلقة بسماء ذلك المكان ؟ أين أنت الآن ؟ تعبت من عد الجراح وحدي .. تعبت من مصافحة وجوه الغرباء .. تعبت من الأحاديث التائهة .. وترتيب الكلمات على السطور .. وتنميق حروف الهجاء ! أين أنت الآن .. اجبني .. أين أنت الآن ؟ في أية صحراء تمضي .. في أية رمضاء.. أطلالنا باتت أشباحا ً .. ودموعنا تحتضر .. وأجسادنا أبرد من هذا المدى .. والروح مزقتها مخالب الأيام .. الصمت في شراييني اختنق .. ولهيب زفراتي جمرها أدمى الفؤاد . أين أنت الآن ؟ تعبت من البحث عنك .. وتعبت من طول الانتظار .. تعبت من ارتداءك بأحلامي كل ليلة والغوص في سراب حبك حتى النخاع .. تعبت من لملمة سجائرك عن وسادتي وجمع أقصوصات أشعارك والخربشات ..

بورك هذا الصباح .

بورك هذا الصباح بورك هذا الصباح الذي حملك إلي، وساعاته التي صافحتَ فيها قلبي على عجل، ودقائقه التي ترجلت عن ظهر الغياب لتتعانق منا النظرات والأنفاس. يا أنت، يا ظلي الذي لا يشبهني ولا يتبعني... أما تعبت من ملاحقة خيوط الشمس واستجدائها كي تذيب ملامح القهر التي ارتسمت على محياك! وتمنحك ملامح البلاد البعيدة، الباردة، الغارقة في ليل هادئ لا ينتظر فجره على أحرٍّ من القلق... كليلنا المنكفئ على أعواد المشانق؟! يا أنت، يا ظل وطن مقهور... كيف ستمحو خيوط الشمس ملامح القهر عن محياك؟! كيف ستذيب ما سكبته عذراء من ملامحها على وجهك فرسمت بأناملها الغضة جبينًا وضاءً، أنفًا شامخًا، ثغرًا يضيء بثقاب الفرح قناديل الظلام؟! يا أنت، يا ظلي الذي لا يشبهني ولا يتبعني، أما تعبت من أن تكون حقيبة موت مفتوحة، ترحل نحو العدم، التيه، القهر، الموت دونما استئذان، تساوم الموت وتقايضه على وطن، على قبر في وطن، نعش في وطن؟! يا أنت، يا ظلي الذي لا يشبهني ولا يتبعني... بورك هذا الصباح الذي حملك إلى قلبي فتعانقت نظراتنا بعيدًا عن ملامح القهر، وحقائب الموت، وسطوة الغياب.

الليل .

الليل تراءى لي الليل بسحره .. تاقت أذني إلى حديث السهر .. رسمت على ورقة بيضاء صورة قديمة لك .. وعندما هبط الليل داهمها الحنين كما داهمني .. فأتت إلي تحمل بين يديها قلبا ً وتقول لي .. هنا كانت الحكاية .. كنت صغيرة جدا ً لا أرى من الليل سوى عتمته .. أنتظر لحظة الشروق بفارغ الصبر كما ينتظرها الصغار عادة .. لكن ذات ليلة لا تغيب عن البال ظهر لي طيفك .. كان رقيقا .. حالما ً .. سعيدا ً .. مستبشرا ً .. عندها فقط رأيت الليل .. عندها فقط ذقت سحر الليل وسحرحديث الليل .. فأصبحت أقلب الأيام على عجل .. أطوي شروقها بلا رحمة .. وأعلن عن استقبال الليل في وضح النهار .. معذورة أنا فلليل دفء بلا خيوط شمس تحرقه .. لليل رطوبة بلا قطرات ماء تبلله .. لليل سحر .. ولحديث الليل سحر .. ولك انت في الليل سحر لا يعلوه سحر .. تاقت نفسي لليل وحديث الليل وسحر الليل فأتيت إليك .. وجدتك تغط بسبات عميق .. فأدركت أن على شهرزاد الخلود إلى النوم ...

الغائب الذي لا يغيب .

أيها الغائب الذي لا يغيب ذات حلم .. ذات مساء .. قلت لي ..أكتبيني في أشعارك .. أرسميني قمرا ً .. نجماً .. شمساً.. وردة .. أكليل غار .. طوق ياسمين .. قصيدة .. اكتبيني قصيدة .. أنت شاعرة .. وأنا حرف معتل بحبك .. اجمعيني حروف حب في قصائدك .. احترت واحتارت حروفي التي لم تعرف الحب يوماً ولم تكتبه في أبجديتها .. كيف يكون شكل هذا الحب وما هو لونه ؟ هل هو اللون الأبيض الناصع البياض الذي يسطع بياضه في العين فترى كل شيء أبيض زاه ٍناصع البياض .. أم هو اللون الوردي .. لون الورد .. وانت الذي تحب الورد وتعشق الورد ورائحة الورد وأشواك الورد .. لماذا لا يكون حبك باللون الوردي ؟ وذات حلم وذات مساء وأنا أرسم حيرتي في حبك .. وكيف أتعلم أن أحبك .. كيف أتسلق السلم الموسيقي إلى حبك .. نوتة .. نوتة .. تناهى إلى مسمعي أنك تعشق اللون الأحمر .. لقد صعبت عليّ المسألة .. ماذا أرسم لك باللون الأحمر .. وكيف يكون الأحمر هو لون الدم ولون الحب في ذات الآن ؟ حبك حيرني .. وكيف أحبك .. حيرني أكثر .. وكيف لا أحبك يقتلني .. وكيف أنساك وأعود إلى الفراغ .. هو من سابع المستحيلات ؟ أنت تتنقل بين الألوان بسرعة البرق .. بلمح البص

كفي ثقيلة .

كفي ثقيلة . كفي ثقيلة .. كفي أثقل من أن أرفعها اليوم في وجهك للوداع ! كفي التي كانت تركض إليك قبل أن تستوي الشمس في كبد السماء لتنزع عن عينيك كوابيس الليل .. وتفرش صباحاتك بالياسمين المكلل بالندى .. وتسقيك من كفيها أكواب الأمل وكؤوس الحياة . كفي التي كانت تحتضن ألمك كما تحضن الأم فلذة الكبد .. فتمرُّ بأناملها الغضة على وجعه القاسي علّه يشفى .. وتداعب وجنتيه الباكيتين علّها تضحك .. كفي التي كانت تنام بين ظلال جفنيك .. تلملم دمعك حين يفرُّ من مقلتيك لحظة قهر .. وتمسح الآهة قبل أن تبني لها أعشاشاً على أغصان قلبك .. كفي التي كانت تثبت النهار بين حاجبيك .. وتدغدغ بأناملها المرتجفة خاصرة البسمة علّها تكون عنواناً لك .. منارة لك .. أفقاً لك .. ولا تغادر . كفي التي كنت تمطرها بقبل الاشتياق عند كل صباح .. تكتب على باطنها برموش عينيك أعذب الأشعار .. وترسم أبجديتك التائهة على ظاهرها .. ورموزاً وحدك تعرفها .. تشرح لنا ما بقيَّ من المشوار .. كفي أثقل من أن أرفعها في وجهك للوداع . لم أقلب فنجان قهوتي هذا الصباح .. ولم أقرأ الطالع لأعرف إن كانت الأيام تخفي لي خنجراً مسموماً بين الأوراق .. تناولت ق

لا أتوب !

لا أتوب ! أنا لا أتوب يا أيلول .. لا أتوب .. يخدعني الربيع .. في كل مرة يخدعني الربيع .. ولا أتوب .. أفرًّ منك يا أيلول بعد أن تعصف بيَّ رياحك المجنونة .. تبعثرني فلا أجد جزءاً مني يلتصق بأخيه .. حطام تتركني يا أيلول وترحل .. وأنا أغفر لك كل عام رياحك المجنونة وعواصفك التي لا تهدأ حتى تسحب روحي من جذورها وتكتب على جبينها كنتِ مني ولا تزالين . كنتُ منك .. كنتَ مني .. هذا لم يعد يجدي يا أيلول .. الربيع ساحر يا أيلول .. الربيع خادع يا أيلول.. والشتاء بارد .. قارص البرودة .. شمسه غائبة كل الوقت .. ورياحه عصفت بكل من حولي فلم تبقِ لي أحداً .. ماذا لو هادنت الربيع مرة أخيرة ؟ الربيع كان يتبختر أمامي .. يقدم لي عروضاً سخياً .. شمس حانية تنام على كتفي .. وعصافير ملونة ترقص في صباحاتي .. وفراشات بألوان الطيف ترف في سماء أحلامي .. لا تجرؤ أن توقظني .. لكنها فقط تدغدغ بشقاوتها العذبة نوافذ أحلامي .. وماء عذب أشربه من ينابيع قلبه .. وورود تنحني لي في كل الأوقات .. وأنا سندريلا يا أيلول أعشق جمع الورود لأمير المساء .. وأنا شهرزاد يا أيلول أجيد سرد الحكايات على شهريار .. وأنا شجر الدّر يا أيلول أهوى

رسائل إلى أمي .

رسائل إلى أمي الرسالة الأولى سلام من الله عليك يا أغلى من في الوجود .. اليوم أشعر بحاجة كبيرة لتبادل حديث الصباح معك .. الأحداث تسير من حولنا بسرعة كبيرة لن تنتظر حتى أعود مع الطيور المهاجرة كي نتجاذب أطراف الحديث على فنجان قهوة الصباح أو على مائدة الإفطار . لا أعلم لماذا خطر ببالي أحداث الحرب الأخيرة عام ... ربما لأنها كانت آخر الحروب التي شهدناها سوياً قبل سفري .. تذكرت تجمهركم حول التلفاز وحالة القلق والترقب التي كانت تعتريكم وأنا كنت دائماً أقول إليك اهدئي يا أمي ولا تحلمي بالنصر الأكيد .. لا أشم رائحة النصر قادمة إلينا وأنت تقولين لي دعي عنك هذا التشاؤم . وبعد أن وضعت الحرب أوزارها ولم ننتصر أتيت لزيارتي يومها صباحاً وجلسنا نحتسي قهوة الصباح قلت لي والحسرة تغمرك معك حق يا ميساء يبدو أن النصر بعيد .. بعيد .. وشردت بعينيك بعيداً عني .. ربما أخذتك الذاكرة إلى سلسلة الحروب التي عاصرتيها في حياتك وكانت جميعها انكسارات وهزائم أدت بنا إلى ما وصلنا إليه .. شعرت بأنني قسوت عليك حين كنت لا أبثك الأمل والتفاؤل اللازمين ॥ لكنني كنت في حينها أخاف عليك من فرط حالة التفاؤل والأمل التي كانت