المشاركات

عرض المشاركات من سبتمبر, ٢٠١٣

أوراق أيلولية الجزء الثالث

أوراق أيلولية 3 الورقة الثانية عشر أشغل نفسي بصغار الأشياء .. أخرج إلى الحديقة في ساعات الاحتراق .. أرش الماء على نباتات ليست ظمأى ظنّاً مني أني أحييها .. أحادث طيوراً غريبة تحط على سور الحديقة .. ألقي إليها ببعض الحَب فتنثره في طريقها وتمضي .. ولا أحزن على مُضِيّها .. ولا آسف على ذلك .. أحاول قبض الهواء بين كفيَّ بحركات بهلوانية .. يفرُّ الهواء وتبقى كفايَّ فارغة إلا من أثار غريبة .. أثار تصفح كتاب غريب .. تلاحقني آثاره إلى الحديقة .. إلى السور المجاور .. إلى كمشة الهواء .. إلى رئتيِّ .. إلى حجرة نومي .. تختبئ تحت وسادتي وتبعثر أحلامي كما بعثرت الطيور الغريبة ما ألقيته إليها من حَبٍّ .. فهل أنت يا كتابي طير من هذه الطيور الغريبة التي تنقرُّ بمنقارها كل شيء ثم تمضي دون أن تترك خلفها أثراً .. أذرع الطرقات جيئة وذهاباً مع أنك لست هنا .. ولن ألتقيك في هكذا طرقات .. ومع ذلك أذرعها بلا وعيٍّ مني كأنني على موعدك معي .. قد تأخرت قليلاً .. قد لا تأتي .. وأنتَ لا تدري بيِّ .. أو بموعدي .. وربما كنتَ تدري بكل هذا كما حدثني إحساسي بك وحدثني قلبي .. وأنك تنظرُّ إليَّ من خلف نظارتك العتيقة

أوراق أيلولية الجزء الثاني

الورقة السابعة لم يطل انتظاري له .. فُتحت صفحة جديدة .. ينبعث منها بعض النور .. النور الذي يمكنني من قراءة السطور بشكل واضح .. قال لي بالحرف الواحد إقرأيني أيتها الفارسة فأنا منذ عصور أنتظر فارسة تأتيني على جناحيِّ الخريف لتقلبَ بين أناملها سنينَ من عمري كانت  قد بدأت تسري على وجهها ملامح الصدأ .. كان هادئاً .. بارداً .. وديعاً .. كحَمل وليد ينتظر والدته على باب السوق لتبتاع  له " غزل البنات " .. أو قطعاً  ملونة من حبات السكر .. إقرأيني أيتها الفارسة .. قالها بصوت واضح ومسموع .. ولم أدخرُّ جهداً أنا .. فأخذت الورقة والقلم .. وبدأت برسم تقاطيع وجهه .. كنتُ أتأملها جيداً أثناء الرسم .. لم تكن تقاطيعَ تحمل البراءة كما راهنتُ عليها في داخلي عند البدء .. لكنها بالتأكيد لم تكن تحمل كلَّ تلك القسوة .. إذا فمن أين جاء بكل هذه الصلابة  إن كانت تقاطيع وجهه بريئة تماماً من تلك  اللعنة .. لكنه يشبه أيلول أحياناً يزمجر دونما سبب .. أو ربما لسبب لا أدريه .. ثم يقلب الصفحة .. لماذا أيها " المذبوح ".. دعني أبقى قليلاً .. دع قلبي يستريح هنيهة فلقد أتعبني طول المشوار .. وا

أوراق أيلولية الجزء الأول

أوراق أيلولية الورقة الأولى يدغدغني الخريف .. يدقُ بأنامله الخريفية أبواب قلبي كي تفتح له .. يتوسلها بزخة مطر حانية .. بهبة ريح ناعمة تلاطف منه الوجنات ..  فهو يعلم جيداً أنَّ من يأتِ بعد الصيف وأبوابه المشرعة لاستقبال الغياب .. يبقَ منتظراً كثيراً في الباب .. فالعصافير تركن إلى الهدوء .. إلى السكينة .. وأيلول يقتحم بفوضى الحضور كل هذا الهدوء ليطلب إذناً بالعبور إلى صحن الدار .. أنا متواطئة مع الخريف .. أنا متواطئة مع كل خريف يدق الباب .. أو يتسلل من الشباك .. لذلك بعد أن قطعت أشواطاً طويلة مع الخريف في كرٍّ وفرٍّ  قررت أنَّ ما كان يجري في كل خريف بيني وبين أيلول من صولاتٍ وجولاتٍ .. لن يعود ليسري على خريف هذه الأيام .. كنتُ في كل خريف مضى أغلق الباب .. لكني أترك نافذة لأيلول .. يعبرُ منها خلسة عن أعين الأحباب .. فيضيء لي شمعة جديدة في كل عام .. ولا أنكر أن شموع أيلول لا تذوب .. بل تبقى متقدة دون انطفاء .. في كل خريف أكون على موعد مع شمعة جديدة من شموع أيلول .. لا أسأله متى .. وكيف .. ومن أين أتى بشمعته هذه .. فأنا لا أكثر مع أيلول السؤال ..  أنا أعدُّ له ما

ماذا ينقصني؟!

ماذا ينقصني؟! في سباقٍ مع القدر، أركض من زاوية لأخرى، أرتب حروفي وأرواقي، أعيد النظر بتاريخ ومكان ولادتي؛ قبل أن تهاجمني أصابع الريح العاتية فتبعثر آخر ملامحي، أقف على حافة الفوضى وخراب الديار لأفجر السؤال: هل ينقصني شيء؟! قبل عقودٍ من الزمان كنتُ أعرف أن "إسرائيل" هي عدوي وعدوكم وعدو كل هذا العالم، كنتُ لا أرى إلا دبابات الجيش الإسرائيلي تقف على باب منزلي، وفي الشارع، وعلى باب المدرسة، وحول باحات المسجد الأقصى وأدراجه.  كنتُ لا أعرفُ جيشًا غيره، لا أسمع دعاءً يخرج من الصدر بحرقة ومرارة إلا وكان منصبًا عليه، بدأتُ أعرفُ في حينها أن بلادي وقعت في براثن المحتل، وأن علينا أن ندفع ثمن هذا الاحتلال؛ فكانت أولى خطوات الشتات، والمنفى هو العنوان. كنتُ في سن صغيرة وقتها، لا أعلم أي شيء عما يحدث خارج وطني فلسطين أو داخله، فقط علمتُ    فيما بعد أنه أصبح يوجد في بلادي فلسطين (الغرباء) وهم "اليهود"!!!  أهلي، أهل فلسطين، شعبي، أبناء وطني الجميع يحبهم، أما "اليهود" فالجميع يكرههم، هذا كان حين كنتُ طفلة غرة في السابعة من عمري. لم تمضِ فترة بسيطة ربما لم تتج

ودخلت في الخمسين

ودخلت في الخمسين ... شئت أم أبيت دخلت في الخمسين .. أحببت الخمسين أم لم أحببها .. رغبت فيها أم لم أرغب .. انتظرتها أم لم انتظر .. كل هذا لا يهم .. المهم أنني دخلت في الخمسين ووسط حالة من الذهول .. أنا في الخمسين كتلة من الذهول تمشي على قدمين .. تتلفت بذعر نحو الشمال ونحو اليمين . لم أحبَّ الخمسين كما أحببت عقود عمري كلها .. هيَّ من أجبرتني على ذلك .. ففي كل عام .. في مثل هذا اليوم الجميل .. يوم مولدي .. أحدّثُ نفسي بحديث العيد .. وأقول لها وأعيد وأزيد .. قبل ألف دهر وُلدت في مثل هذا اليوم العتيد .. وكان جميلاً .. جميلاً .. أجمل بكثير من صباح العيد . أما اليوم فحين عادتني ذاكرتي .. حرفت بيَّ عن مسارها .. لم تقف عند الألف دهر ساعة مولدي .. بل رمتني إلى السنوات العجاف .. فتحت لي كوة بالجدار تطل على داحس والغبراء .. وقالت لي وهي تشدُّني من طرف أذني الشمال .. هنا ولدت يا ميساء .. بين هؤلاء الأقوام .. الذين كانوا يتنازعون على فرس شقية .. مارست شقاوتها بفطرة البراءة .. فاشتعلت عبس وذبيان بذات الفطرة وذات البراءة ..  حتى لا تنسي نفسك أكثر .. وتظنين كعادتك أنك هبطت علينا على ذيل نجمة