المشاركات

عرض المشاركات من 2013

للشمس سلام

 للشمس سلام استدعيت أوراقي والشمس على عجل .. فأنا لا أحبُّ الكتابة برفقة الأضواء الملونة أو الصاخبة .. ولا أحبُّ مرافقة الأضواء المتموجة والمتعرجة حسب حالة الطقس  وخريطة البرد الذي يهجم فجأة دونما سابق إنذار .. فيحتل المكان .. وينتشر في الخلايا .. ويتمدد في المسامات .. ثم يقضم الأفكار بنهم شديد .. ويلقي بالقشور إلى صفحات الجرائد والكتب .  الشمس كفيلة بكل هذا البرد .. كفيلة بفك رموزه الغامضة .. كفيلة بقراءة سطوره الباهتة .. كفيلة بالبحث في سراديب أحلامه .. في ذاكرته العتيقة .. في بطينه الأيمن أو الأيسر .. في مكامن أسراره .. الشمس  كفيلة بأن تجد لكل معضلة الحل . الشمس التي إن رضيت استرخت .. وأرخت دفئها وحنانها على أكتافنا .. فأصبحنا نفوق الأشجار طولاً .. والبحار عرضاً .. والنجوم رفعة وسمواً .. و إن غضبت مالت عنا واحتجبت .. فبتنا أقزاماً .. لا طول لنا ولا عرض .. لا رفعة ولا سمو .. ولا نكاد نرى بالعين المجردة .. ومع ذلك فهناك من يستخف بالشمس .. من يتجاهلها .. من يوصد في وجهها بابه .. ويتوحد مع عتمة الليل .. ليشعل شمعة هزيلة يكتب بدموعها الثخينة أحلام الكون .. ومنهم من يواعد

في غرفة الإنعاش

في غرفة الإنعاش حضرت فقط كي أقول ما أعرفه في حضرة الموت .. كل شيء كان معداً للموت .. مزفوفاً إليه ..  وأنا ما أتيت لأرفع الموت عن جبهتك .. ما أتيت لأسرقك من الموت .. بل لأقول لك ..  مُت بسلام .. أتيت لأقول ما يقال عادة في حضرة الموت .. كان بطلاً .. شجاعاً .. فارساً .. مغواراً .. كان ابن أمه ووطنه .. كان فتى الوطن الأول .. وابن تلك البلاد .. وكل ما يقال عادة في حضرة الموت من قصائد الوداع .. قبل أن أرحل بخطوتين  .. وبعد أن تلوت عليه ما بين يديَّ من تعويذات رمادية اللون والبصمة والميعاد .. رفعَ رأسه فجأة .. وألقى إليَّ بالسؤال .. عقدت الدهشة لساني .. وتبعثرت ملامحي .. وارتجفت العبرات على وجنتيِّ .. لكنّي سارعت بإخفائها حتى لا يتمكن من قراءتها .. وكي لا يلحظ اضطراب ملامحي وتشتتها من جرأة السؤال ..  كيف تسأل وأنت تضع قدميك في سلّة الموت .. كيف يخرج منك السؤال وأنت تخرج شبراً شبراً من هذه الحياة .. كيف لم تتبعثر حروفك وهي في طريقها إليَّ .. وكيف وصلتني سالمة كأنها زنابق نبتت للتو على الشرفات  .. فتمايلت تيهاً .. واشرأبت أعناقها نحو سابع سماء .. لم أجبك .. نعم فأنا لا أعرف

رقصة المطر

رقصة المطر صمت كبير .. صمت آخر يغلف الزمان والمكان وعقارب الوقت المتربصة بنا على باب الدار .. يغلف الوقت الصمت القلق .. الصمت الخائف .. الصمت المرتجف .. ولا أستطيع أنا وحدي كسر حدة هذا الصمت  فأنا لم أعد أدري هل أنفاسك قادرة على الصعود مرة أخرى إلى نافذتي .. أم أنك أصبحت تنتظر .. وفقط تنتظر .. هل وصلك المطر .. هل داعبت وجنتيك حباته وقبّلتك من الجبين والمقل .. هل داعبت أذنيك موسيقاه الساحرة .. وهل انتشى قلبك ورقصت دقاته من الفرح .. المطر من حولي يرقص رقصته المعهودة على أسطح الجوار .. لكني لم أنتشِ كعادتي لهذه الرقصة  .. وأكاد أكون لا أكترث .. مطر الطفولة يا رفيق أجمل بكثير .. صوته أكثر دفئاً وحناناً .. وهمسه الناعم يداعب نبضات القلب ونبضات الجوار .. وليس يطرق طرقاً مبحوحاً نوافذ الأذنين وزجاج نوافذ الجوار .. ومع ذلك يمكنني أن أحمل إليك بين كفيِّ بعضاَ من حبات المطر .. وأستطيع أكثر أن ألقيها على وجهك فيرتد نضراً .. مبصراً .. باسماً .. يحمل على وجنتيه كل تباشير الخير والوطن .. لكني يا ابن تلك البلاد الرازحة تحت وابل القهر والعبث .. لا أستطيع أن أحمل إليك وقع حبات المطر ا

أوراق امرأة

أوراق امرأة  اليوم .. أنا امرأة أخرى ..  اليوم .. سألبي نداء قلبي المتأرجح بين زوابع الانتظار وعواصف النسيان ..  اليوم .. سأتصالح مع أوراقي .. سأسكب عليها مداد قلبي يغلي كقهوة الصباح حين تفور على شفتيك .. سأروي ظمأ الأوراق .. سأطفىء لهيب اشتياقها وجمر حنينها إليك ..  سأرسمك على جدران قلبي .. على مدارج السطور سأزرعك على شرفة الحروف .. سأوشح باسمك صباحات كل الفصول .  كيف راودتني نفسي الحمقاء على نسيانك ؟  أية حماقة هذه التي كنت سأسطرها في تاريخ عمري وعمر أوراقي ؟  كيف أمزق وردة تنام بين صفحات دفتري .. تغفو على وسادة السطور .. تلتحف حروف المدِّ .. وتتدثر بتنوين الضم وعلامات السكون ؟  اليوم أفقت عليك تداعب أنفي بوردة حمراء كتلك التي كنت أنا وأنت نقطف ورودها في لحظات الجنون .. ألقي إليك بأوراقها .. فتلقي إليَّ بقلبك مسطر بأعذب الحروف .. أذوب أنا فيها .. أغيب عنك .. ألملم ما تبعثر من أنفاسي ..  كنت حمقاء حين كنت أخفي عنك رغبتي بالمزيد .. حين كنت أخفي هالات الحبور التي كانت ترتسم في بؤبؤ عيني لحظة العناق مع الحروف ..  اليوم أنا نضجت .. المرأ

أهلا بالعيد .

أهلاً  بالعيد أنا وأنتَ يا عيد .. أمسياتٌ من عناقيد وعقود .. أضواءٌ .. شموعٌ .. قناديل .. بطاقاتُ حب .. ذكرياتٌ مطوية في دفتري العتيق .. مواقد الشتاء .. أرصفةٌ من البياض .. دمية تناثرت بقايا شعيراتها بين مخالب مشطي العتيق .. ليالٍ صيفية .. وقمر الجيران خلف نافذتي .. ينتظر معي صباح العيد .. فستانٌ ورديٌ ينام بجانبي على السرير .. مذياعٌ .. يهلل .. يكبر .. ينشد .. أهلاً .. أهلاً  بالعيد .. وأنا في عجالة من أمري .. قبل أن تفرَّ  أصابع العيد من يدي .. أختطف كعكة بالعجوة .. أضم الدمية إلى صدري .. أقبُّلها .. أمنحها مصروفي في العيد .. بعد ثوانٍ  قليلة .. أشدُّ ضفيرتها .. أسرقُ منها  " العيدية " .. وأنطلق مع الريح .. أقذف ب " العيدية " إلى الهواء..  فيلقي إليَّ  أرجوحات الفرح .. أرجوحات العيد .. في المساء أعود نادمة .. أضم إليَّ  دميتي من جديد .. أبكي على صدرها .. وأشكو إليها بخل العيد .. كان بخيلاً  بحضوره .. لم يطل المكوث في الخارج .. مرت ساعاته كالحلم .. كالكذبة .. كالأسطورة  .. لم ينتظر حتى يودعني .. وجدته خلف الباب يلملم أذيال ثوبه .. وين

طفل في السبعين

طفل في السبعين . جماله .. لم يفقد من جماله الكثير .. بل ربما أصبح في السبعين أجمل بكثير ..  العيون جحظت قليلاً .. لكنها مبتسمة طِوال الوقت .. الشفاه ترهلت قليلاً .. لكنها يفيض منها الشهد ..  الأنف كَبُر قليلاً  .. لكن بهيبة ووقار وشموخ .. التجاعيد فرشت لها مساحات على الخد والوجه .. لكنها مساحات من ورق الورد . هدوؤه .. لم يعد يطيق الهدوء .. ولا يعرف إليه سبيلاً .. أصبح كثير الحركة .. بالرغم من أنها تمنُّ عليه أحياناً .. وتقسو أحياناً أخرى .. إلاَّ  أنه يستطيع أن يشاكس هنا وهناك محاولاً جهده أن ينال منها .. أن يستفزها .. أن يغيظها .. ومحاولاً أكثر من هذا وذاك الانضمام وبشراسة الفرسان إلى قائمة الأطفال المشاكسين . حديثه .. على قلته فيما مضى .. أصبح الآن يكثر من الحديث .. كأنه تحرر من ضريبة اللغة .. وضريبة الحديث  .. فأصبح يتحدث كثيراً .. كثيراً .. دونما حواجز .. دونما خطوط حمراء .. يقفز من فوق السطور .. يتعدى النقاط والفواصل .. ويخدش عن قصد .. أو عن غير قصد علامات الترقيم .. ثم يقف في وسط الكلام ليرسم قُبلة . أشعاره ..أشعاره في السبعين تضع النقاط على الحروف .. تُكمل م

همسة في أذن أبي .

همسة في أذن أبي إلى روح أبي الطاهرة .. همسة في أذنك يا أبي .. لو جاءت بعد الرحيل .. لكني متأكدة أنها ستصل .. ما نسيت .. ولا يمكن أن أنسى .. ومن قال أنني تمرُّ عني ثانية لا أذكرك فيها بالخير .. أو أتذكرك .. كل يوم أنتَ معي .. حين أصبح وحين أمسي .. قبل أن أنام .. وحالما أفيق من نومي .. صورتك أمامي .. وبقلبي وفكري وخيالي .. أسأل نفسي كثيراً هل وفيتك حقك ؟ بالطبع لا .. مقصرة كنت معك .. ولن أسوق على ذلك الحجج .. أتذكر كيف كنتَ دائماً إلى جانبي .. لم يمنعك تعب أو يثنك إرهاق من العمل .. أن تكون دائماً إلى جانبي وإلى جانب أسرتي الصغيرة .. وأتذكر كيف لقبتك طفلتي دينا ب " وليّ العهد " .. كانت دائما ترددها على مسامعنا  " سيدو وليّ العهد " لأنك كنت دائماً معنا .. ولطالما سهرت على راحتنا وأنت متعب .. ولطالما أتعبناك وأزعجناك وحملناك فوق طاقتك .. ومع ذلك كنت سعيداً جداً .. وكانت فرحتك لا تكتمل إلا حين ترانا نجتمع .. ونتحولق من حولك .. ولم أكن أسأل نفسي ساعتها .. هل كانت شقاوتنا تزعجك ؟ لم يكن يخطر ببالي أننا قد نكون نزعجك .. بل كنت أتخيل أننا سرُّ سعادتك .. حتى ل

ليس على هذه الأرض ما يستحق الحياة

ليس على هذه الأرض ما يستحق الحياة   مع الاعتذار لشاعر الحياة  " محمود درويش " ..  فليس على هذه الأرض الآن ما يستحق الحياة . لقد فُجعنا بموتك .. هذا كان في حينه .. حين كان الموت أشرس ما نخافه في هذه الحياة ..  لقد مِتَّ ونلت شرف الموت في أكثر الأوقات بركة .. حين كان للموت مسمى واحد هو الموت .. ووجه واحد هو وجه الموت .. أما اليوم فالموت لم يعد مخيفاً إلى هذا الحد .. بل ربما تسلل إلى فئة الأمنيات .. فصار الموت عند البعض أمنية .. وربما يصبح في المستقبل القريب حلماً .. كحلم العودة .. ربما وأكثر .. " لا تذكر الموتى فقد ماتوا فرادى أو عواصم "  نعم يا محمود فالموت صار له أكثر من وجه فلم نعد نموت فرادى أو أفراداً  بل أصبحنا نموت جماعات .. ربما ما يتبقى بعد الموت منا قد يملأ وعاء أدمي واحد .. هذا إن بقيَّ من الجماعة ما يملأ  قبر فرد واحد .. وأصبحنا نموت عواصم .. هل شاهدت العواصم وهي تموت .. ألم أقل لك أنك نلت شرف الموت في أكثر الأوقات بركة ..  حين كان يموت الفرد وهذا أمر الله .. لكن العواصم تبقى خالدة مخلدة إلى أبد الآبدين .. أما اليوم فالعواصم تموت .. وقد لا

أوراق أيلولية الجزء الرابع

أوراق أيلولية 4 الورقة السادسة عشر دبَّت الروح فيه فجأة .. انتفض في مكانه ..ونفض عنه كل ما كان يكسوه من غبرة الموت .. وقال اسقني من ماء الحياة .. فقدمت له كوباً صغيراً كان هو كل ما بين يديَّ ساعتها .. شربه دفعة واحدة .. ربما لم يروِ ظمأه .. ربما كان يحتاج المزيد .. لكنه لم يطلب .. بل اعتدل في جلسته .. ثم قام إلى علبة سجائره الملقاة بإهمال على طاولة تراكمت عليها الكتب والأوراق التي سال عليها بعض الحبر .. سحب نفساً عميقاً من سيجارته وكأنه يسحب هذه الحياة من جذورها .. أنا لا زلت مشدوهة البصر .. تعتريني كل علامات الدهشة .. كيف استيقظ من نومته التي كنت أظنها النهائية وقفز كأسد يتوعد فريسة .. وها هو يبدأ الحديث عن نفسه .. ولا يتوقف .. وأنا أنظر إليه بدهشة واستغراب .. كل ما يقوله مهماً جداً .. وأكاد أسمعه لأول مرة  .. ربما أكون سمعته من قبل .. لكنه يخرج منه بحلّة مختلفة .. حلّة جديدة .. أنيقة .. غاية في الترتيب والثقة .. لم يتكلم عن الموت .. عن الحزن .. عن الكآبة .. بل أخذ يتكلم في الميتافيزيقيا .. نعم أحببت أن أسمع .. كم مضى عليَّ وأنا أعاني من تلوث سمعي .. فأنا آتية من بلاد ومن

أوراق أيلولية الجزء الثالث

أوراق أيلولية 3 الورقة الثانية عشر أشغل نفسي بصغار الأشياء .. أخرج إلى الحديقة في ساعات الاحتراق .. أرش الماء على نباتات ليست ظمأى ظنّاً مني أني أحييها .. أحادث طيوراً غريبة تحط على سور الحديقة .. ألقي إليها ببعض الحَب فتنثره في طريقها وتمضي .. ولا أحزن على مُضِيّها .. ولا آسف على ذلك .. أحاول قبض الهواء بين كفيَّ بحركات بهلوانية .. يفرُّ الهواء وتبقى كفايَّ فارغة إلا من أثار غريبة .. أثار تصفح كتاب غريب .. تلاحقني آثاره إلى الحديقة .. إلى السور المجاور .. إلى كمشة الهواء .. إلى رئتيِّ .. إلى حجرة نومي .. تختبئ تحت وسادتي وتبعثر أحلامي كما بعثرت الطيور الغريبة ما ألقيته إليها من حَبٍّ .. فهل أنت يا كتابي طير من هذه الطيور الغريبة التي تنقرُّ بمنقارها كل شيء ثم تمضي دون أن تترك خلفها أثراً .. أذرع الطرقات جيئة وذهاباً مع أنك لست هنا .. ولن ألتقيك في هكذا طرقات .. ومع ذلك أذرعها بلا وعيٍّ مني كأنني على موعدك معي .. قد تأخرت قليلاً .. قد لا تأتي .. وأنتَ لا تدري بيِّ .. أو بموعدي .. وربما كنتَ تدري بكل هذا كما حدثني إحساسي بك وحدثني قلبي .. وأنك تنظرُّ إليَّ من خلف نظارتك العتيقة

أوراق أيلولية الجزء الثاني

الورقة السابعة لم يطل انتظاري له .. فُتحت صفحة جديدة .. ينبعث منها بعض النور .. النور الذي يمكنني من قراءة السطور بشكل واضح .. قال لي بالحرف الواحد إقرأيني أيتها الفارسة فأنا منذ عصور أنتظر فارسة تأتيني على جناحيِّ الخريف لتقلبَ بين أناملها سنينَ من عمري كانت  قد بدأت تسري على وجهها ملامح الصدأ .. كان هادئاً .. بارداً .. وديعاً .. كحَمل وليد ينتظر والدته على باب السوق لتبتاع  له " غزل البنات " .. أو قطعاً  ملونة من حبات السكر .. إقرأيني أيتها الفارسة .. قالها بصوت واضح ومسموع .. ولم أدخرُّ جهداً أنا .. فأخذت الورقة والقلم .. وبدأت برسم تقاطيع وجهه .. كنتُ أتأملها جيداً أثناء الرسم .. لم تكن تقاطيعَ تحمل البراءة كما راهنتُ عليها في داخلي عند البدء .. لكنها بالتأكيد لم تكن تحمل كلَّ تلك القسوة .. إذا فمن أين جاء بكل هذه الصلابة  إن كانت تقاطيع وجهه بريئة تماماً من تلك  اللعنة .. لكنه يشبه أيلول أحياناً يزمجر دونما سبب .. أو ربما لسبب لا أدريه .. ثم يقلب الصفحة .. لماذا أيها " المذبوح ".. دعني أبقى قليلاً .. دع قلبي يستريح هنيهة فلقد أتعبني طول المشوار .. وا

أوراق أيلولية الجزء الأول

أوراق أيلولية الورقة الأولى يدغدغني الخريف .. يدقُ بأنامله الخريفية أبواب قلبي كي تفتح له .. يتوسلها بزخة مطر حانية .. بهبة ريح ناعمة تلاطف منه الوجنات ..  فهو يعلم جيداً أنَّ من يأتِ بعد الصيف وأبوابه المشرعة لاستقبال الغياب .. يبقَ منتظراً كثيراً في الباب .. فالعصافير تركن إلى الهدوء .. إلى السكينة .. وأيلول يقتحم بفوضى الحضور كل هذا الهدوء ليطلب إذناً بالعبور إلى صحن الدار .. أنا متواطئة مع الخريف .. أنا متواطئة مع كل خريف يدق الباب .. أو يتسلل من الشباك .. لذلك بعد أن قطعت أشواطاً طويلة مع الخريف في كرٍّ وفرٍّ  قررت أنَّ ما كان يجري في كل خريف بيني وبين أيلول من صولاتٍ وجولاتٍ .. لن يعود ليسري على خريف هذه الأيام .. كنتُ في كل خريف مضى أغلق الباب .. لكني أترك نافذة لأيلول .. يعبرُ منها خلسة عن أعين الأحباب .. فيضيء لي شمعة جديدة في كل عام .. ولا أنكر أن شموع أيلول لا تذوب .. بل تبقى متقدة دون انطفاء .. في كل خريف أكون على موعد مع شمعة جديدة من شموع أيلول .. لا أسأله متى .. وكيف .. ومن أين أتى بشمعته هذه .. فأنا لا أكثر مع أيلول السؤال ..  أنا أعدُّ له ما