أنت وجعي
لم أرسل إليك وروداً في هذا العيد .. قلبي حدثني بأنك مللت تصفح الورود .. مللت الحديث إليها .. مللت الشكوى ..
صمتك كان أكبر من كل التكهنات التي كانت تداعب مخيلتي وأطردها على عجل وأمنّي نفسي أنك بخير وما صمتك هذا إلا هدوء شاعر يتربص نجوم الليل ليأسر أجملها وينسجها لي
عقداً أزين بالعيد فيه نحري ..
طال انتظاري للعقد .. وطال انتظاري إليك .. وحديثك أصبح بعيداً .. أبعد من حدود الوطن حين تلوح مشتاقة من سماء الغربة .
وجعي أنت .. لا وجع بيَّ إلاَّ أنت ..
هل ألملم شتات فكري وأرسله إليك باقات حنين واشتياق .. قد مللت الحديث في صمتك .. وحرمت على نفسي عذب الكلام في الغياب ..
هل أرسل حروفي إليك لترتديها شالاً صوفياً تتدثر به في ليالي الصقيع .. أم أن حمّى الوطن تسري في دمائك فتشعلها لهيباً .. جمراً .. ناراً .. لا تنطفىء ..
هل أرسل قلبي إليك .. قلبي مرفأك .. القِ إليه بأنياب الغربة التي مزقت لياليك ونهشت حلمك ..
أنا في حيرة من صمتك .. أنا في خوف من صمتك ..
وحدي وأصوات الليل تناديني من كل حدب وصوب .. وصدى صمتك يفجر المكان ويقول لي بحروف هدها التعب : أنا تعبت ..
أنا تعبت ولا من أكفٍّ في هذا العالم ألقي إليها برأسي المثخن بالأرق .. بالقلق .. بالهواجس .. بالخوف .. فتحتضنه .. وتمسح بأناملها الدافئة ما علق به من خوف .. وتذيب بحنانها ما انسكب فيه قهر .. من ظلم .. من غربة .. من تسكع في موانىء الدنيا دون أن يحتضنني شاطىء واحد لا يعلق على جبيني راية غريب .
وجعي أنت .. متى يذوب صمتك وترسل إليَّ كلمة واحدة ..
أنا بخير .. فاطمئني ..
المشاركات الشائعة من هذه المدونة
حروف متمردة
حروف متمردة
هل تلد الغيمة الحبلى عصافيرَ .. وهل تمطر السماء في الحضن زنابقَ ووروداً ؟
وهل أمواجك يا بحري الصاخب تستطيع في
ذروة تلاطمها وعربدتها أن تجرح كبد السماء
أو تمزق شغاف فؤاده ؟
كذلك أنت يا جرحي النازف لن تلد جراحك الحبلى إلا الجراح .. ولن تمزق بأناملك الحريرية إلا أفق آمالي الندية .. ولن تخدش بجبروتك سوى زهو أحلامي وأطيافها الوردية .
وأنت يا حرفي المتمرد .. ويا لعنتي ..
عندما أولد على يديك وعلى يديك أشاهد مصرعي .. فبماذا أؤمن ؟
بماذا أؤمن بعد اليوم وقد تمردت علي حروفي .. وُمزقت جروحي .. وأعلن للملأ ترصد مماتي ؟
لست منك يا حرف ولست مني ..
لست منك وقد نهشت بمخالبك الجارحة كتفي العاري ولب فؤادي وغرست أول مسمار لك في نعشي .
حزينة أنا ؟
لا .. لست حزينة ..
أنا الحزن بأكمله ..
مدائن من الحب لم تكن تسعني .. وتضيق بي يا حرفُ فترميني .
قلبي الحرّ مأوى لكل الأنام .. وأحداقي تسكن فيها كل الأحلام .. تغفو فيها .. تختبئ فيها من أعين الظلام .
فيلوح فجرك في غير وقته يقتحم أحداقي وينبش أحلامي ويطرد كل سكاني .. ولوحدتي يبقيني .
أبحث فيك يا وطني ..
يا مسقط رأسي .. ونهاية كل تجوالي
سَوْرَةُ الأبجدية الضالة
سَوْرَةُ الأبجدية الضالة من أنتَ، من تكون؟ تتسلل بخفة ريشة، تمزق شرنقة الصمت من حولي، تنتشلني من غَرَقٍ محتم في أبجدية عقيمة قدت حروفها من لهيب، لا تجيد إلا الاحتراق، وفي زوايا محكمة الإغلاق! ليس لها نوافذ تطل منها على دلافين البحر، أو أعين تشاهد فيها براعم اللوز وهي تتفتح في قلب آذار، لتُفصح دونما خجل، عن قصة عشق جريئة في حدائق الربيع. هل أنتَ دمية من دمى أحلامي؟ الدمى التي شاركتني ربيع عمري، حِكت فساتينها من بعض الحروف الملونة والمزركشة، المخملية والتافتا، وربطت جأشها بخيوطٍ ماسية من الوهم، وأمرتها في كل ليلة أن ترقص السامبا، والسالسة، وزوربا؛ لتضيء سماء أحلامي ببهجة الأعياد. أم أنكَ فتى الأخبار في تلك الجريدة الصماء؟ الجريدة التي جَمَعتُ لفائف حبرها الأسود، وصَنَعتُ منها أهراماً للسيَّاح، وجداراً عازلاً بيني وبين أحبتي، غير قابل للانهيار، أستند إليه حين يشتد الضرب على مدن الفقراء، أخشى لعنة تطاردني حتى الممات. لستَ من الأبجدية الضالة، أبجدية النشوء والارتقاء، والقفز على رؤوس الآخرين بالمظلات، وصبغ الآفاق بالحبر السريِّ، وافتراش موائد اللئام بالشهقات. ولس
تعليقات
إرسال تعليق