المشاركات

عرض المشاركات من فبراير, ٢٠١٧

ملامح مستترة

صورة
ملامح مستترة يا رفيق جرحي، لا أريد لحديثي أن يخدش ملامح الفرح على محياك؛ لكننا ما أن نرفع حجرًا عن حجر حتى تتدفق ينابيع غريبة اللون والرائحة من بيادرنا، لونها لا يشبه بياضنا الذي وُلدنا به، رائحتها لا تشبه ياسميننا، فمن أين أتت براكين الكراهية هذه؟ من زرعها في حقولنا؟ وكيف نرجم بها فلذات الأكباد؟! في الماضي القريب كنا مشاتل من الحب، نعانق الصباح، ندغدغ الطيور، نستقبل الليل العنيد؛ ليفرش عباءته السوداء، ويستريح على أبواب خيامنا، ويستيقظ معنا لصلاة الفجر، والدعاء على الغاصب المحتل، فكيف تبدل بنا الحال  وأصبحنا كطائر البوم لا ننعق إلاَّ بالخراب؟! يا رفيق وجعي، سؤال يحيرني ويقض مضجعي: أأنتَ ذلك العاشق الغبيُّ أم الغبيُّ العاشق؟ أم أنتَ لا هذا ولا ذاك، ولا شيءٌ أبدًا؟ وأنني على مدى دهر سلف قد راهنت على الحصان الأعرج؛ فكنتُ الخاسر الأوحد في لعبة العشق ومدارات الوهم، وأنتَ كما أنتَ لا تدري إلى أي حائط تولِّي وجهك، وتقيم صلاتك؛ بعد أن تتوضأ بقبلات محرمة على السمع، ثم تأتي إليَّ فيما بعد ترسم خريطة جديدة للحلم. أعوام طويلة وأنا أقتات الحياة من عينيك، أتبختر في حدائقها، أستنشق بن

حروفي اللاجئة

صورة
حروفي اللاجئة بيننا وطن بعيد لم نمارس الاشتياق إليه منذ دهر ونصف، احترقت الحروف التي كانت تجمعنا بلهيب آخر الحروب، وما تبقى منها غير مشتعل أصبح حروفًا لاجئة على أبواب الغرباء وعلى محياها ارتسمت كل علامات البؤس والشقاء والاغتراب. احتلتني كآبة خريفية من هذه الحروف: الحزينة، البائسة، المنكسرة، التي لا حول لها ولا قوة وتقاسمت مع نبضات قلبي نوبات الحنين إلى حروفنا الصباحية: الهادئة، الوادعة، الواثقة الخطى حين كنتُ أقبِّلها بين عينيها وأرسلها إليك، لم أكن أخشى في حينها أن تضلَّ طريقها إليك لأنك كنتَ دائمًا بانتظارها عند قارعة الأمل ولم أكن أيضًا أنتظر عودتها كي تحظى بأطول لقاء بين ذراعيك فتنعم بدفئك وحنانك ووصالك. حروفي كانت تفاجئني أحيانًا بأنها كانت تسبقك إلى باب بيتك وتنتظرك حتى تعود من غربتك. كانت: وطنًا يظللنا بالآمان، عاشقة لا تهاب غمزات النجوم، جريئة لا تخشى تهامس الجوار، خفيفة الظل تتطاير كسنابل القمح وتهبط كالشمس في حضن البحر، عذبة تذوب كعناقيد العنب بين شفتيك وشفتيِّ حتى تثمل فترقص حتى يقرصها النعاس. هذه الحروف أصبحت اليوم لاجئة: لا تحمل هوية أو جواز سفر أو حتى تأشيرة عبور إل