المشاركات

عرض المشاركات من فبراير, ٢٠١٣

أيام عَ البال

أيام عَ البال عندما كنا صغاراً   كنا لا نخلد إلى النوم حتى نحلم بالغد .. كنا في كل ليلة ننتظر طيف الغد ليمرَّ   بسماء أحلامنا فنمدُّ أيادينا الصغيرة في محاولات عابثة منا لقطف نجوم الغد .. ولكن حينما يبزغ فجر الصباح وبعد أن نفتح أعيننا ونميط عن أجسادنا الصغيرة   لحاف الحلم نكتشف أننا كنا فقط نحلم ..   وأننا لم نصل الغد ولم نقطف نجومه بعد   فينتابنا الحزن .. ومع ذلك في المساء وفي كل مساء نعاود الحلم .. ذات الحلم .. الحلم بأن نكبر .. بأن نقطف نجوم الغد . كنتُ كل ليلة أحلم بأن أكبر .. أحلم بأن أصبح شابة جميلة وناجحة .. كنت أغرق في تفاصيل ذلك الحلم .. كيف سأكبر .. كيف سأبدو حين أكبر .. وماذا سأكون أنا حين أكبر ؟ ويكبر الحلم وأغرق في تفاصيله .. وأتوه في طرقاته وتشعباته   فيصبح حلمي مهترئاً من كبر حجم التغييرات والتعديلات التي أجريها عليه   في كل ثانية فأضطر عندها للملمة   الحلم في حجري وأعادة   هيكلته من جديد . اليوم كبرتُ .. كبرت جداً .. كبرت خارج إطار الحلم أو الأحلام التي كنت أعدها كل ليلة في منامي .. لم يكن نفس الحلم .. لكّني كبرت .. ولم أعد أحلم بالغد بل أصبحت أحلم بالماضي .

رسالة لم تكتمل

رسالة لم تكتمل وأنا حين يحاصرني الضجر .. حين أجد كل ما حولي لا ينطق إلا بالضجر .. ماذا أفعل سوى أن أفرَّ إليك .. وحدك من يقاتل هذا الضجر بضراوة أخيل طروادة .. وحدك من يحيل كل هذا الضجر إلى حدائق غناء من السعادة والبهجة والفرح . حاصرني الضجر .. وحاصرك الهمُّ والقلق .. حاولت أن أكون الخنساء إليك .. أبكي غيابك حتى أنتحر  .. ولكن ماذا يجدِي القصيد انتحاري .. وماذا يجديه من قوافٍ ذابلة على أبوابه  تنتحب .. كم مرة فررّتُ إليك في صباي .. وكم مرة رميت عالمي خلف ظهري وحملت إليك خلسة جرار الشهد في قلبي .. وما التفت إليهم خلفي .. وما انتظرت قومي أن يرضوا .. وأن يخبو الشرر في عيون يملؤها الغضب .. كم مرة انتظرتك على سفح ذلك الجبل كي نغوي الغيمات العذراء فتقع في غرامنا وتهبنا كل ما يسري في أوردتها من حبات المطر .. نغتسل فيها .. ونشرب منها حتى الثمالة .. ثم نلقي بما تبقى منها إلى الوديان والنهر .. لم تتركني عيناك يوماً على نافذة الصباح أنتظر .. ولم يُقبِل عليَّ نهار لم تفتح له بيمينك أبواب النصر.. ولا كان يهبُّ علينا ليلٌ وأنتَ هنا .. ولا يطيب لنا مساء لا تشعله أناملك على موا
صورة
ضَيّعتُ الأماكن كطفلة صغيرة أعدو .. أسابق الريح لأصافح تلك الطرقات .. أقبّلُ منها الجبين وأعانق فيها نسمات الأماكن . دغدغتُ قلبي   بفرح عارم ووعدته بأمسية صيفية من أمسيات تموز الحالمة .. داعبت وجنات الورود في طريقي إلى درب الياسمين وهمست في أذنها أنني عدتُ لأصطحبها في مشوار . تصالحتُ مع الوقت وضممتُ إليَّ عقارب الساعات وألغيت من خارطتي كل الإتجهات .. نحوك فقط تتجه كل الخطى .. وحولك فقط تدور عقارب الوقت .. ومن خطوط   كفيك تقرأ كل العناوين . لكن ... هل تهرم الطرقات ؟ هل تذبل الأماكن ؟ فلماذا أشتم رائحة الشيخوخة تفوح من عبير الملامح   وشذى الأماكن ؟ وجوه أعرفها جيداً صافحتها عمراً بأكمله .. لم تعد تذكرني .. أماكن عايشتها دهراً .. حفرت خطاي   فيها مسارب ومسالك .. لم تعد تذكرني .. أناس ومدائن حاضرة غائبة استلقينا فيها تحت مظلة المطر وكَستنا فيها غيوم   الثلوج والبرد .. لم تعد تذكرني . أتراني حملت غربتي معي ..   أم تراها معالم الغربة أرخت ظلالها على الطرقات والملامح ؟ تلفتّ   حولي فلم أجد   سوى سحابة جامدة تظللني ونجيمات متعبة تحوم في سماء رمادية لم تحبل بغيمة مم

البنفسج حزين

البنفسج حزين حين يحزن البنفسج ..   تضلُّ البلابل أنشودة الفرح ..   وتتشتت   العصافير في الدروب   .. تبكي الورود على شرفات النهار..   تنزاح جدائل الشمس عن كتفي المحبوب .. وتضطرب أمواج البحر في حيرتها .. هل تأتيك في الصباح أم عند المغيب ؟ تشرد الضحكات عن مباسم   الطفولة   .. وتأفل عن ظلال الياسمين .. وتهبط أسراب الحمائم إلى الأرض .. إلى مخدع البنفسج الحزين .. وتدق بمناقيرها الناعمة أوراق البنفسج .. فلا يستجيب .. تنحدر من عينيه دمعتان بلون الألم تبلل ريش الحمائم .. وبتلات الزهر الحزين   .. فتنتفض الحمائم جزعة وتلثم بحرارة عيون البنفسج الحزين . ما بك أيها البنفسج الحزين ..   وكيف تسللت إلى قلبك كل غيمات الحزن هذه .. ونحن من حولك عصبة .. لم تخترقنا في يوم حبة مطر .. وما بعثرتنا أبداً هبة ريح .. كيف استأسد الحزن عليك .. وأين كنا حين غزتك أمواجه قبل طلوع الفجر بقليل . لا تحزن يا بنفسج ..   الحزن لا يليق بك .. الحزن لا يليق بأوراق البنفسج الباسمة كرغيف الأمل .. ولا يليق بعينيه الضاحكة ملء الفجر .. ولا بجدائله المستلقية بغنج العذارى على أكتاف الصباح .. لا يليق بالبنفسج إلا

أسئلة مشروعة .

أسئلة مشروعة . تجتاحني ثورة عارمة من الأسئلة .. أسئلة مشروعة جداً .. لكنها لا تحظى بأية إجابة .. لا أعلم لماذا تضن عليها الإجابات .. ولماذا لا تشفي غليلها .. وتبرد نار حيرتها بأي جواب عن أي سؤال من أسئلتي المشروعة التي تغزو فكري بعد كل كتابة إليك . حين أكتب إليك .. أفترش بساطاً من السعادة أمام عينيِّ .. أتناول القلم بيد ترتجف .. أغمّسه في مداد المحبة .. ثم أكتب إليك .. أنتقل من سطر إلى آخر بفرح عارم .. أترك إليك بين السطور بسمة صغيرة هي بعض من ظلال وجهي .. وأدندن إليك أغنية عتيقة سمعتها   في فترة الميلاد .. قبل الميلاد أم بعده   لست أدري .. ولا يهم أن أدري .. طالما أننا لم نلتقِ في بساتين الحياة إلا على هذا الورق ..   أصلُ النهاية .. يرتجف القلم في يدي .. لا يريد أن ينتهي من الكتابة إليك .. لا يريد أن يفرغ منك .. فتنسكب من عينيه دمعة ساخنة على الورق .. علّك تمدُّ إليها أناملك .. وتمسحها بمنديل من الزهر .. وأتبعها بضحكة مخنوقة حتى لا أترك أثراً لكآبة عابرة أن تحتل محياك .. ثم أضع نقطة النهاية وأنا أبتسم ابتسامة طفولية أنني تركت بعضاً من روحي منثوراً على الورق .. وأجلس أع

كهلُ أنا .. فاخلعيني .

صورة
كهلٌ أنا .. فاخلعيني كهلٌ أنا في السبعين .. لم أع الفرحة يوماً مذ توالت النكبات على رأسي وأنا أسكنك وأنت تسكنيني ينفض الجميع من حولي إلا أنت تقبعين في سنيني والآن .. أنا ذاهب للقبر وحدي لن أرقد في حضنك أبداً ولا .. لا   ..   لن تكفنيني سأخلع عني خيمتي سأخلعك .. فاخلعيني ..   كهلٌ أنا في الخمسين .. أرفع رأسي إلى السماء أستسقي الغيمة علها تروي ظمأي ماء الأرض لم يعد يرويني خمسون عاماً وأنا أشرب من دمع عيني الماء مالح في حلقي تكاد لملوحته تجف شراييني   لم يعد البقاء يجدي داخل خيمة مزقتها السنين سأخلع عني خيمتي سأخلعك .. فاخلعيني   كهلُ أنا في العشرين   .. أورثني أبي بندقية ونهراً من الدماء المسفوحة ورقعة من الأرض ويضع شجيرات من الزيتون وترك لي وصية اذهب فقاتل حتى تموت لم أرَ من عالمي سوى جدر عالية وأغلال سجين وذات تؤرقني .. تقض مضجعي تطالبني بعودة اللاجئين سأخلع عني خيمتي وسأمضي شهيداً يروي الأرض بدمه ويرفع اسمك عالياً   يا فلسطين سأخلع عني خيمتي سأخلعك ... فاخلعيني 

ورق

ورق هات الورق يا سيدي .. أعطني كل الورق كي أملأه لك .. كي أجيبك على أسئلتك الحائرة .. أنا اليوم أملك كل الإجابات لكل الأسئلة التي كانت تدور في مخيلتك والتي لم تكن   تجرؤ على أن تدور . قد لا تذكر الورق .. ولا تذكر الأسئلة .. وربما لم تعد تذكر الموضوع .. مضى زمن طويل على ذلك الورق الذي ينتظرني في تلك الزاوية وينتظر مني الإجابة بينما   كنت أنا غارقة أؤدي مسرحية هزلية على مسرح الحياة أبطالها   أنتَ وأنا .. هو وهي .. ومجموعة ممن يرتدون النفاق وجوهاً لهم .. ويقيمون بيننا أحبة لنا .. هكذا كان دورهم ودورنا على مسرح هذه الحياة .. اليوم تبدلت الأدوار وأنتَ لم تعد تطيق التمثيل أكثر مما مضى .. وأنا مللت كل هذه الأدوار التي وهبتني إياها هذه الطبيعة   ..   مللت أن أكون أنا المثال الأجمل والأنقى والأطهر   .. مللت أن أكون أنا القدوة الحسنة ومنبع الطيبة وشلالات الخير والحب الذي لا ينضب .. ومللت أن أكون أنا أيضاً الضحية ..   مللت أن أكون الرقم الصعب كما كنت تسميني .. مللت أن أكون أصلاً   رقماً   في أية مسرحية وعلى أي مسرح حتى لو كان مسرح هذه الحياة . ماذا تنتظر مني أن أقول إليك ؟ هل أع