المشاركات

عرض الرسائل ذات التصنيف بوح خريفي

صمت شهرزاد

صمت شهرزاد  !وأقرُّ أنا شهرزاد وأعترف بهزيمتي الكبرى على أسوار قلبك يا شهريار لم أخش هذه الهزيمة... فقط كنت أخشى مواجهة قلبي، أخشى لومه وعتابه، أخشى فوضى الحواس التي انتابتني حين أرسلت إليَّ نظرة حب من برجك العاجي فهبطت في قلبي تعويذة سحر أججت كل حواسي؛ فانتشَرَت في فضاءاتك، تسترق السمع إلى نبضات قلبك، تتلصص عليك من ثقب الباب؛ علها تكون برفقتك ذلك المساء، أو يمرُّ بك طيفها .مرور الكرام  كنت أخشى تلك الحروف الخائنة التي كانت تتسلل إلى مخدعك، تتوسد وسادتك وتلتحف بوثير الأحلام... كنت أخشى أناملي العابثة التي لا تنفك تعبث بكل الأبجديات لتشكل منها .أخطبوطًا يحاصر خطواتك، أنفاسك، شهيقك، زفيرك، تنهيداتك، آهاتك  لم أخش الهزيمة في حبك؛ فقلبك كان المستحيل من الأزل وإلى الأزل... فقط كنت أخشى تمرد قلبي، حواسي، حروفي الخائنة التي زينت لي الطريق بأكاليل الغار وباقات الورود، زرعت شياطينها حراسًاعلى شواطئ قلبك، وكانت تتلو على مسامعي كل ليلة تلك التعويذة التي ألقيت إليَّ بها من برجك العاجي ففطرت قلبي... هذا ما كنت أخشاه.  اليوم سألملم بوحي وفوضاه، سأودعه قلبي من ج...

طائر الخريف

طائر الخريف نجا أيلول من براثن الخريف وتغامز الفصول ومناورات الشمس والمطر وتهامس النساء على الشرفات وسخط الشعراء على أرصفة المقاهي والطرقات! حط بسلام ورحل بسلام مخلفًا في الأفق غيمًا وارف الظلال. لا أقرأ الصحف ولا أتابع نشرات الأخبار، لا أريد أن أعرف ماذا نبت في حدائق الجوار: الياسمين أم الصبار؟ لم تعد تستهويني أخبار الآخرين؛ فسمائي ملبدة، وشمسي غائمة، وقمري محتجب خلف الظلال، والغيوم القادمة من كل الاتجاهات مثقلة بالحزن، مكفهرة الملامح، يسيل من أردانها الغضب، وتتراشق النظرات الحادة وسط الضباب. أنا لا أبرر عدم انتظاري لك على قارعة الطريق، وأنني لم أقطع بخطواتي شوارع الانتظار ككل خريف، ولم أقلِّب مفكرة الأيام وأمزق أوراقها حتى تأتيني أسرع من كل عام، ولكنني يا أيلول حلَّ بيَّ ما حلَّ بهذه الديار من وبال؛ فلم نعد ننتظر سنابل الصيف أو نغتسل بالمطر أو نرتعد من سماء الخريف أو نبتهج لاخضرار الربيع! فكيف سأخبر قومي بأنني لا أزال على عشقي لأيلول؟ وأنني أراه خلسة في فنجان الصباح، وأكتبه قصيدة بألف عنوان، وأنه إن كان هو بخير فلا يهمني ماذا يعصف بالديار من خراب! وحدك من يعلم أنني في هذه ...

بقية حديث

بقية حديث أنا وأنتَ حرفان ساكنان في حديثٍ صامت لم يطفئ الشمعة الأولى من ميلاده، لم يذبل عقد الياسمين على نحره، لم تتساقط أوراق الوردة عن غصنه، لم تذب قطرات الندى عن صباحه؛ فبقيَّ حديثه ساخنًا كرغيف الخبز، طازجًا كرائحة الزعتر. أنا وأنتَ حرفان هاربان من جزيرة تاهت في محيطها سفينة نوح فتشتت في دروبها جميع أزواج الطيور، خرست حناجر البلابل، غابت في إغفاءة طويلة زقزقات العصافير، وما بين الضياع والضياع لم يبق من يجيد الصراخ إلا طائر البوم. ضبطت قوافي الشعر في قلبي إعلانًا للحرب، علقت جدائل الأشعار وربطتها إلى زيتونة الدار، أغلقت في وجهك دفتر مذكراتي ومنعتك أن تقرأ طفولتي وصباي، حجبت عنك عيون النور فخانتني وتسللت إليك خلسة، وعندما ضبطتها منتشية في مخدعك ارتجفت وبكت ثم باحت: أن قلبك هو من رمى إليها الشباك ومن انتظرها في عتمة ذلك المساء. أنا وأنتَ حرفان يشكلان عنوان هذا العالم الذي مزقته الشرور والحروب والضغائن المتوارثة عبر كل الأجيال، أسكن في سكون عينيك فلا أسألك وطنًا ولا أنشد همزة الاستقلال، أنفاسك هي ماء الحياة لقلبي وتنهيداتك تعويذة سحر أرقي بها نفسي من أعين الحاسدات ال...

حديث الخريف

حديث الخريف أنتَ الخريف والخريف أنتَ فلا تحاول أن تخضرَّ كالربيع أو تمطر كالشتاء أو تحلِّق كالصيف؛ فالخريف يحلو بك، يزهر بك، من عينيك يهطل عنبًا قرمزيًا ولوزيًا يفترش الأرصفة والساحات، ثم يغدو أنشودة من لهب إن مالت عليه الجدائل الشقراء وقبلَّت منه الوجنات، ويبقى هو الخريف. تَزبِد وتَرغي وتُعربد قصائدك في أضيق أفق، ثم تمطر حروفًا من غضب، أركض أنا في الممرات الممنوعة من الصرف لألملم هذا الغضب قبل أن يشتعل، ومع ذلك تأتيني في يومٍ غير منتظر، تحمل إليَّ في قلبك زهرة فواحة في آنية من ورق. لا تقل "أحبك" فلقد أصبحت أكذوبة الشعراء! ولا تقل اختزلي المسافات بيننا، واقتطعي عقدين أو ثلاثة من هذا العمر الممتد على أرصفة الشقاء لنعود معًا إلى مقاعد الصبا فأحفر اسمك على كل أشجار الحيِّ القديم وما جاوره من الأحياء؛ فالخريف لا يليق به الكذب. أهديتني قطة تموء طِوال الوقت، لا أفهم حديث القطط أنا. أنا أكتب الشعر على جُدر الغرباء، لا يفهمون حديثي، نعم، ويمرون عنه مرور عابري السبيل بالأراضي الجرداء، لكنك أنتَ تفهمه وتدركه ويلامس شغاف روحك وقد يصيبك في مقتلٍ! وتصرُّ على أن مواء قطة بريِّة أ...

امراة من زمن الأحلام

امرأة من زمن الأحلام كنا نلتقي على ضفاف الشوق .. أنت تبكي لهفة ، وأنا من الحنين أعتصر .. كنتَ تلقي برأسك المضطرب بين أنامل وردتي الجورية ؛ فتمسح برمشين من جفنيها دمعتك ، ترتشف آهاتك حتى آخر قطرة ، تذيب نبضك الشارد في فنجان من الشهد ، ثم في ساعات المساء تقدمه قرباناً إلى إلهة السهر . كنتَ تظهر كل ليلة عند ناصية الحلم ، تمد إليَّ يدك فألتقطها بخفة المشتاق ، أتدثر بها ، التحفها ، أقرأ طالعها وملامحها وتفاصيل النهار .. ثم نجوب معاً رياض الأحلام نقطف حلماً ونلقي بآخر إلى إن يؤذن الديك وينبلج الفجر من خيوط الظلام . كنتُ أظنُ أن هذا العالم المتسع دائرة صغيرة تنغلق علينا أنا وأنت والحلم .. وأننا داخل إطار هذا الحلم .. ومن هو خارج هذا الإطار هو خارج الحياة .. وأن هذه الحياة أيضاً خُلقت لي ولك ولهذا الحلم .  وكنتُ أظنُ أن أصابع الزمن لن تمتد فتمزق الشرنقة ، وتفتت الإطار ، وتبعثر الحلم ، وتبعثرك أنت في أرجاء المعمورة . تُهتُ خلفك .. كنتُ أحاول لملمة صورك عن الجدران وجمع أناتك المشتتة من كل زاوية أصل إليها ، من كل أرض ، من كل سماء ، من كل رقعة حتى لو كانت رقعة شطرنج .. وفي النهاي...

مطرٌ أسود

مطرٌ أسود كلما اشتد المطر في الخارج أهرب إليك .. أشتاق للحديث معك بعيداً عن ضوضاء المطر  . كُنتُ أعشق المطر فيما مضى ، عندما كان ناعماً و رقيقاً .. كان يداعب زجاج نافذتي برفق وحنان .. وفي ساعات المساء كان يتناوب مع القمر على السهر ووشوشات الشتاء . كان يداعب زجاج النافذة بخفة فيستسلم القلب لطرقات المطر ويغفو كما تغفو الوردة حين تداعب جفنيِّها أنامل الكرى . المطر اليوم ثقيل .. لم يعد يداعب زجاج النافذة  والقلب والروح والوردة .. بل أخذ يقذف وبجبروت الطغاة  حباته السوداء إلى زجاج الحياة .. لم يعد يداعب جفنيِّ الوردة  بل أصبح يوقظها من أحلامها .. يقلقها .. يؤرقها . . وكثيراً ما كان يمزق بعض أوراقها ويبعثرها . لم أكن أتخيل أن المطر قد يوشح بالسواد زجاج النوافذ .. يصبغ كل شيء تقع بصمته عليه .. يحيل كل شيء إلى سواد  .. حتى رأيت مطر هذا المساء .. إنه مطرٌ أسود ! اليوم فقط  اشتقت لحبات المطر الزلال  .. لحبات المطر الشفافة .. الناعمة .. الدافئة .. الحنونة .. الرقيقة .. المنعشة .. الحيّة .. التي لا لون لها ولا رائحة! رائحة هذا المطر ...

عشاق الانتحار

صورة
عشاق الانتحار أنا لا أغرد خارج السرب .. السرب هو من تاه  وتشتت وضاع في بقاع الأرض .. سلَّمَ زمام روحه لجبابرة المنافي .. وضع رأسه بين كفيِّ الظلام وانحنى إلى الأبد . انطلقت كلماتي إليهم صافرات إنذار .. صرخات استغاثة .. نداءات عاجلة لمن بقيَّ منهم على قيد الحياة .. أَن عودوا لأحضان السرب قبل فوات الآوان .. لا صوت لبى النداء .. فقط عادت زخات الصدى . كان لا بد من ارتشاف جرعات متلاحقة من نبيذ الشجاعة لفرد هذه المساحة من البوح على ذراعيِّ الورق ، لِلَفظ آخر الكلمات التي كانت عالقة في حنجرة الخريف ، الكلمات التي لم يستطع الضباب أن يبتلعها ، ولا الغيم أن يقذفها .. فغصَّ فيها الخريف ، وكاد أن يختنق .  ترنح الخريف مثقلاً بخيبة الأمل .. لم يدرِ به أحد .. لم يشعر به أحد .. لم يعد هناك من ينتظر على حافة الصبر غيمة خريفية الأطوار .. بوهيمية الملامح .. كنعانية الحلم . ليست صحراء .. ليست صحراء تلك البلاد .. خضراء خضراء .. فيحاء فيحاء .. لكنَّ أهلها في ازدحام عابر كيوم الحشر .. وفي تشتت وشرود كساعة الحشر أيضاً . في الماضي كنتُ أطلق الرصاص المميت على كل من تُسَوِّل له نفسه ...

هديتي إلى نيسان

هديتي إلى نيسان  ماذا أهدي نيسان ؟ باقة من الورد .. إكليلاً  من الزهر .. عنقوداً من الياسمين .. غصناً مغرداً بعصافير الحبِّ .. أنتَ يا نيسان ربيع العمر .. ربيع كل الأزمنة .. فماذا أهديك ؟   حلَّ الربيع بحدائقه الغناء .. تسلق الشرفات بجرأة الفرسان .. أخذ بيده عروساً كانت تتبختر في ثوب الزفاف .. قتلتها الغيرة رمانة الجوار .. فخلعت عن رأسها عباءة الشتاء .. وألقت بكل ما ادخرته من حب الرمان .  دموع الربيع شحيحة .. باردة .. حلوة المذاق ! ليست كدموع القهر في بلادي .. سخية .. حارة .. حارقة للوجنات .. تنهمر وقتما تشاء .. بعد أن احتبس دمع السماء .  نغرق في بحور من الهم والغم .. تسري في أوردتنا قوافلاً من القلق .. لتصبَّ أمواجاً متدفقة في محيطات  القهر ..  يحاصرنا شتاء طويل .. لم يبقِ لنا  كوة في جدار يطل من عينيها بريق الشمس . عدت إلينا يا نيسان .. أضأت شموعك من جديد  .. كتبت اسمك على رؤوس الأشهاد .. نثرت ورودك على شرفات القلوب .. فاح من كفيك عطر جذاب .. فامتلأت بعبيره رئة المدى  .. وعبقت بشذاه الأشجار والأطيار  . ومع ذلك ب...

طاب مساؤك

طاب مساؤك لن أشرب قهوة هذا المساء من دونك، أنا ومسائي بانتظارك، وهل يحلو لي مساء إلا بك وبحضورك؟!  لن أراقب القمر وأعد َّ النجوم كعادتي حين أكون بانتظارك، عيناك ستشعلان هذا الليل وتضيئان قناديله وشموعه؛ فتغدو قمري ونجومي، سمائي وليلي، فجري وضحاي. أنتَ كل أوقات العمر، أنتَ الأزمنة والأمكنة والفصول، أنتَ حبات المطر، هبات الريح، نسائم الصيف، لهيب آب، خريف أيلول، أعاصير كانون.  أنتَ ثلج كانون وشمس تموز، أنتَ كل المتضادات والمتناقضات والمترادفات، وكل حروف العشق في كل الأبجديات، أنتَ أوراق هذه  العمر وحروفه ما ظهر منها فوق السطور،  وما بطن واختبأ في الهوامش و المعاجم ودفاتر الخرائط.   أنتَ عالمي الذي أشكله بين يديِّ، كما أريد، وكيفماء أشاء، أريدك أن تكون قمر هذه الليلة وليغرب قمرها عن سمائي وكل النجوم، ليغيبوا وراء الزمان والمكان، ليغرق هذا الكون في ظلامه، ليرحل، ليفنى؛ لا يهمني وجوده، لا يعنيني، ما يهمني ويعنيني الآن هو أنك معي، وأن حواسي في هذه اللحظة تصدقني، وأنك لست أكذوبة، لست وهمًا، لست خربشات امرأة. ولا يهمك اضطرابي، وفوضى الحواس الت...

لقاء الخريف

لقاء الخريف (1) أتى الخريف في موعده , كنت في انتظاره , أنا , وقهوته المعتادة , وبعض جرائد الصباح المنثورة بعشوائية على مائدة اللقاء . حيَّاني الخريف وفي عينيه ألف سؤال , وأكثر من نظرة عتاب :  لماذا لم يخرجوا لاستقبالي ؟ أجبت بنبرة منخفضة تحاول جهدها أن ترتفع قليلاً , وكأنها لم تصفع بالسؤال , وبنظرات العتاب : أتيت أنا , ألا يكفي حضوري يا خريف , وتابعتُ قبل أن يكرر على مسامعي نفس السؤال ,  قلت بنبرة فيها حسُّ المزاح : أنتَ يا خريف تعلم جيداً أنك حين تأتي تمتد الأرض طولاً وعرضاً حتى تكاد ترى كل شيءٍ أصبح أرضاً , وترتفع السماء قليلاً , قليلاً , حتى أنك تظن أن السماء قد رفعت يدَّها عن الأرض , وأعلنت تخلِّيها الكامل عنها للخريف  , وتسليمها إليه تسليم اليد ! وحين لمحتُ في عينيه بعض الاهتمام أدركت أنني في المسار الصحيح فأتممت : والدراسة فتحت أبوابها من جديد فاحتضنت أبناءها , وأخذتهم بين ذراعيها , وأنتَ يا خريف تعلم كل العلم أنَّ أبناءها هم من يهبُّون عادة لاستقبالك , وتزيين الشوارع , والمنصات , وفرد المساحات الحمراء والخضراء , وإطلاق البالونات الملونة في الهواء ...

يسألني الخريف

يسألني الخريف يسألني عنك الخريف .. تسألني ركوة القهوة .. محبرة الحروف .. وبعض الأوراق المتناثرة على سطح المكان .. تسألني ذكريات طويلة جمعتنا على مرِّ السنين والأيام .. وصور غابت عن العين .. وبقيت تئن في طيات الوجدان .. يسألني عنك الغيم والمطر  وأوراق الخريف وعناقيد تدلت من شرفات النسيان . لماذا يتواجد الحزن على موائدنا .. ويتناول طعامه في أطباقنا .. من شرع للحزن باباً يدخل منه إلى صباحاتنا .. من قال بأن الحزن ضيف مرغوب فيه .. يرتدي من ثيابنا .. يقرأ معنا الجريدة .. يخربش على صفحات الكتب القديمة .. ويكتب باليد اليسرى على الجدران .. وينغمس في ملامحنا إلى أن يصبح شبيهاً لنا .. أو لبعض الصور الكالحة منا  ؟ لا يفرحني كل هذا الغياب .. وجودك الغائب يستفزُّ جنوني .. كيف تتنحى الهامات الكبيرة .. وتركن الحروف إلى رصيف عابر .. يجهل خطانا ..لا يميز وقع أقدام الغريب  من وقع أقدامنا .. كيف نصبح نكرة في ثياب مجهولة وعلى جبيننا ألف عنوان ؟  أيُّ البلاد هيَّ بلدي .. وأي الأوطان هو وطني .. وعائلتي .. ومدرستي .. وأول قصيدة حب .. وأول لفافة رسالة سربتها من عقب الباب .. وعناوين...

على شرفات الذبول

على شرفات الذبول  تمرُّ الأعوام إثر الأعوام , خالية من علامات الربيع , يقفز فيها القحط , والجدب , فيحتل كل العناوين ! وأنا وردة ذابلة في أصيص , تراود عينيِّها المثقلتين بالنعاس , أن ترفع رأسها قليلاً , نحو السماء الحبلى بالأشعار , وأناشيد الفرج , والأمل البعيد . أفتح الحروف , أحاول أن أستنشق منها هواءً نقياً , أحاول أن أعبرَّ دهاليزها , أن أصل قلب الذكريات , أعود إلى حيث تركت مرابع الطفولة قبل ألف عام , أبحث عن ورقة قديمة تركت فيها عنواني للريح , أبحث عن قلمي المكسور , هل هو مع صديقتي في الدرج المقابل ؟ أفتح خزنتي وما تحتويه من أسرار , أجد لعبة قديمة جداً كنتُ أتسلى بها في أوقات الصبا , كان اسمها يتردد دائماً على طرف لساني , أما الآن فلم أعد أذكره , فالنسيان قد يزحف مبكراً على أوراق الورد , فيكسوها برذاذ الندى , ليصبح الماضي ليس بعيداً , لكنه ليس صافياً كالمرآة ! أمدُّ رأسي قدر المستطاع في بئر الماء , هل ما يزال يحتفظ لنا ببعض الماء , أم أنه قد جف ماؤه بعد أن هاجمه صيف قائظ , وحط رحاله عند الباب , فهربت العصافير التي كانت تتعلم فنَّ مغازلة ع...

أوراق امرأة

أوراق امرأة  اليوم .. أنا امرأة أخرى ..  اليوم .. سألبي نداء قلبي المتأرجح بين زوابع الانتظار وعواصف النسيان ..  اليوم .. سأتصالح مع أوراقي .. سأسكب عليها مداد قلبي يغلي كقهوة الصباح حين تفور على شفتيك .. سأروي ظمأ الأوراق .. سأطفىء لهيب اشتياقها وجمر حنينها إليك ..  سأرسمك على جدران قلبي .. على مدارج السطور سأزرعك على شرفة الحروف .. سأوشح باسمك صباحات كل الفصول .  كيف راودتني نفسي الحمقاء على نسيانك ؟  أية حماقة هذه التي كنت سأسطرها في تاريخ عمري وعمر أوراقي ؟  كيف أمزق وردة تنام بين صفحات دفتري .. تغفو على وسادة السطور .. تلتحف حروف المدِّ .. وتتدثر بتنوين الضم وعلامات السكون ؟  اليوم أفقت عليك تداعب أنفي بوردة حمراء كتلك التي كنت أنا وأنت نقطف ورودها في لحظات الجنون .. ألقي إليك بأوراقها .. فتلقي إليَّ بقلبك مسطر بأعذب الحروف .. أذوب أنا فيها .. أغيب عنك .. ألملم ما تبعثر من أنفاسي ..  كنت حمقاء حين كنت أخفي عنك رغبتي بالمزيد .. حين كنت أخفي هالات الحبور التي كانت ترتسم في بؤبؤ عيني لحظة العن...

مطري أنت .

صورة
مطري أنت حائرة أنا بين الحروف .. أكتب حرفاً وأشطب آخر .. هذا الحرف يليق بك .. وهذا الحرف لا يليق .. كيف أشكل الحروف على صدرك فتضيء .. كيف أرسمها على شفتيك فتنطق .. كيف أكتبها على قلبك فتحبني أكثر وأكثر وأكثر .. كيف تصبح حروفي رسول محبة إليك   وهي كسيحة .. مختنقة .. لا تقوى على مناورات   الشهيق والزفير ؟   لم أحتر في يومٍ كحيرتي الآن أمام هذه الحروف وأمامك .. حروفي التي ولدت معي .. وكبرت معي .. وسافرت معي .. وعشقت معي .. أراها اليوم   بالية .. فقيرة .. ضعيفة .. تائهة .. منكسرة .. مشتتة .. حزينة .. وغريبة أمام بهاء هذا الحضور ..   حروفي يا رفيق وجعي وهمي لا تستطيع أن تقف على ساقيها كباقي الزهور .. لا تستطيع أن تركض إليك كحبات اللوز حين تلتحف كفيك وتطلب منك الاحتماء فيك ..   حروفي لا تستطيع الطيران كعصفور .. والتحليق كطير .. واختطافك على بساط الريح   لنطوف كنجم ونجمة كل المجرات .. ونكتب على أبوابها أحلى قصائدنا .. الحرُّ منها والنثر والموزون .. فكيف آتيك كعاصفة هوجاء تقتلعك من الجذور .. كيف يا أيها الرفيق .. إن كانت حروفي فقدت القدرة على...