المشاركات

عرض الرسائل ذات التصنيف قصص

علب الأيام

صورة
هذه الخاطرة إهداء إلى روح أخي جواد البشيتي الذي صادف مرور شهر على وفاته. ملاحظة تم تعديل الخاتمة بعد رحيله... لروحه السلام والطمأنينة عُلب الأيام اليوم أَتم الثالثة والخمسين من عمره، سحب نفسًا طويلًا من سيجارته وأخذ رشفة عميقة من فنجان القهوة المرَّة التي أعتاد أن يشربها معظم أيام  حياته... حياته التي هو الآن بصدد فتح عُلًبِها علبةً علبة  ليتذكر ما خبأته الأيام الماضية فيها، هذه أخر علبة... هاهو الآن يقطف فيها  ثمار الوحدة والفراغ. العلبة قبل الأخيرة: علبة الأمل: مرحلة الصراع مع القليل من الأمل للبدء في حياة جديدة بعد العودة من تلك العاصمة الأوروبية الغارقة في صمتها وسكونها حد الموت، قضى فيها من الأعوام الطويلة ما قضى دون الوصول إلا إلى الملل القاتل والوحدة الفظيعة التي كانت كل يوم تُفجِّر فكرة المغامرة بالعودة إلى أقرب نقطة إلى أرض الوطن ومهما كلف الثمن! العلبة ما قبل قبل الأخيرة: علبة غزة:  مرحلة السلام مع إسرائيل. ها هي غزة الحبيبة القابعة على البحر تزدهر من جديد لتحتل الصدارة في أخبار العالم، يتسابق الجميع في العودة إلى تلك الرقعة التي باتت مطمع الجميع ومحط كل ا...

المتسول

المتسول داهمني الوقت وأنا أتسوق لبعض الحاجيات .. أوشكت الشمس على المغيب .. لملمت حاجياتي وانطلقت نحو سيارتي التي كنت أصفها في شارع شبه خالٍ من المارة أو السيارات .. فتحت باب السيارة والنافذة المجاورة لي وألقيت كل ما كان في يدي من أكياس إلى الكرسي الخلفي والتفت للقيادة . ما أن رفعت ناظري حتى فوجئت به .. رجل مسن يحمل صندوقاً خشبياً فارغاً يرفعه فوق رأسه ويتمتم ببعض الكلمات .. مظهره كان مخيفاً للغاية .. ارتعدت مفاصلي لرؤيته وخيل لي أنه سيهوي بهذا الصندوق على رأسي ويأخذ مني مفتاح السيارة كما كان يتناهى دائماً إلى مسامعي عن حوادث من هذا القبيل فما كان مني إلا أن أغلقت النافذة والأبواب وانطلقت بسرعة الصاروخ من أمامه وأنا انظر إليه بالمرآة وقد أنزل صندوقه الخشبي من فوق رأسه ووضعه جانباً وما زال يتمتم . لم تهدأ أعصابي حتى تجاوزت أول أشارة مرور وعندها سمعت آذان المغرب فأسرعت كي لا أتأخر عن موعد الصلاة . صورته لم تغب من بالي .. ماذا كان يريد ؟ هل كان ينوي قتلي أم فقط سرقتي ؟ مظهره الرث الكئيب لا يوحي بذلك .. لكن هذه التحذيرات التي تملأ البلد عن حوادث السرقة والقتل المنتشرة منذ فترة قريبة ما هو م...

زوجة عزيزٍ لدي !

زوجة عزيزٍ لدي ! احتضنها بين يديه يودعها قبل سفرها ، يطلب إليها أن لا تطيل الغيبة فلم يتبق معهم من الوقت الكثير لإتمام مراسم الزفاف قبل نشوب الحرب ووعدته بعدم إطالة الغياب فهي ستذهب لإحضار بعض الأوراق المهمة وفستان الزفاف وأشياء من هذا القبيل ، احتضنها للمرة الأخيرة واحتضن شفتيها في قبلة الوداع وغابت وما هي إلا ساعات من مغادرتها حتى قامت الحرب। اختفى هو، تضاربت الأنباء ، منهم من قال انه مات في الحرب ، ومنهم من قال انه وقع في الأسر ومنهم من قال فرّ مع الفارين وتاه في بلاد الله الواسعة ، ومنهم ... ومنهم ... أما هي فقد هدتها الصدمة وهول المفاجأة ، شهور مضت قبل أن تصدق ما حدث وتفقد الأمل بعودته وبالزفاف ، شهور مضت قبل أن تطلق تلك الصرخة معلنة حالة الحداد । أعلنت لنفسها وصارحت قلبها ومشاعرها بأنه قد مات ولن يعود إلى هذه الحياة ، وغرقت في الحزن إلى أن انتشلها منه شاب في مقتبل العمر أحبها وعرض عليها الزواج ووافقت واقترنت به ولم تخبره عن أي شيء ، لأنه لا يأبه للماضي وما حصل قبل أن يلتقيا ، كان زوجا ً رائعا ًوكان زواجهما زواجا ً ناجحا ًتمخضت عنه أسرة وأبناء وعائلة ليس لها مثيل ، كان يحبها جدا ً...

الوعد يا أبتي

والوعد يا أبتي وعدني أبي حين كنت في الثامنة من عمري بأنه سيشتري لي فستانا ًبعشرة دنانير عندما نرجع للقدس ،وكنت كل يوم اسأله هل سنرجع ؟ فيقول لي : أينعم سنرجع يا ميساء ..وأعود وأسأله والفستان ؟ فيجيبني :سأشتري لك الفستان ..وأحلم كل ليلة بالعودة وأحلم بالفستان ، ترى ماذا سيكون لونه ؟ أحمر ، أم أصفر ، أم وردي ؟।أنا أحب اللون الوردي ، أعشق اللون الوردي ، إذا أريده فستانا ًورديا ً بحزام طويل أعقصه إلى الخلف كالصبايا وأريده فضفاضا له أكثر من طبقة ؛حين أركض يطير معي ويرفرف من حولي كالأميرات ।وصرت أتخيل نفسي كل ليلة الأميرة التي تطير بفستانها الوردي لتجوب حارات القدس وأزقتها كما تعودت أن تفعل منذ سنين وهنا انتابتني الحيرة فمن أي باب للقدس سأدلف ؟هل سأدلف إلى قدسي من باب الساهرة ؟أم من باب الأسباط ؟ إن دلفت من باب الساهرة فهذا يعني شراء أصابع البسكويت المالح اللذيذ الذي اشتقت له ،وإن دلفت من باب الأسباط فهذا يؤكد حتمية شراء أصابع الاسكيمو بالليمون أو (الكازوز )وهنا سال لعابي لمجرد تخيلها ، وحلمت أيضا ب(حارة السعدية ) حيث كنت أبتاع ( رأس العبد )بسكويت بالشوكلاته أيضا ًلذيذة وأشتهيها للآن .. وبقي...

يوم في حياتي " لسه بخير "

يوم في حياتي " لسه بخير " كان صباحاً غريباً جداً .. لم أستطع قراءة سطوره رغم أشعة الشمس التي كانت تغمر ذلك الصباح في هذه الأيام الحارة من السنة والتي ازداد لهيبها بفعل موجة حارة قُذفت علينا من إحدى بوابات الجحيم .. وما كان علينا سوى تلقيها برضى رغم الامتعاض الشديد الذي كان بادياً على الجميع . تناولت قهوتي وأنا شاردة الذهن .. لم أستطع تمييز مذاقها هل كان حلواً جداً على عكس ما أحب وأشتهي   فأنا كنت بحاجة لكمية كبيرة من السكر تتغلغل في شراييني .. فهذا يوم جديد .. يوم مختلف عن باقي الأيام .. لا أتنبأ بنجاحه .. ولكنني مصرة على المضي قدماً فيه إلى أخر قطرة من قطرات هذا النهار . نزلت إلى الشارع وكان برفقتي بناتي الأربع .. كن لا ينقصن عني امتعاضاً ويأساً ولكنهن كن مجبرات على إطاعة هذا الأمر الذي ألقيت به في وجوههن   بكل ما أوتيت من قوة ومن قسوة في حينها . يجب زيارة المنزل .. ذلك المنزل .. المنزل العتيق .. المنزل الجديد .. لا أدري إن كان هو منزلاً عتيقاً بحجم ذكرياتنا الحلوة فيه أم جديداً لأنه حديث العهد ؟ فهو لا يزال قيد الإنشاء .. ليس كله .. إنما أجزاء منه فقط .. وأن...

موعد على العشاء

موعد على العشاء تتنقل مسرعة في أرجاء غرفة السفرة .. تريد الانتهاء من إعداد مائدة العشاء .. تحادث نفسها بمرح : أين أضع قالب الحلوى الذي يحبه ؟ سأضعه على يميني .. وهذه الأصناف اللذيذة التي يعشقها سأوزعها بشكل دائري حتى تكون في متناول يده .. ثم يشرد ذهنها .. أنا لم أدعه قبل الليلة لتناول العشاء .. هو من كان يأتيني وحده .. دون دعوة .. أما اليوم فأنا من دعوته . تنظر حولها لتتفقد الشموع هل أضيئت بشكل كافٍ لتنير هذا المساء .. آه يا شموعي الليلة سنتناول العشاء برفقتك .. مع إننا لم نتناوله معك أبداً . أجالت بنظرها إلى المرآة لترى كم هي جميلة الليلة .. الليلة لا بد أن تسحره بجمالها الفتان .. نعم لا بد أن تعوضه عما حصل في الأمس ولكن لا .. لا داعٍ للتذكر الآن فقد أرسلت له بطاقة اعتذار ودعوة جميلة للعشاء .. وهو لن يقف عند هذا الأمر أبدا .. أبداً. مرَّ الوقت ومضت ساعة على موعد قدومه .. لماذا لم يأتِ ؟ هو بالعادة لا يتأخر عن هذه الساعة .. أيعقل أن لا يأتي هذه الليلة ؟ قامت إلى المائدة فوجدت الشموع قد بدأت في الذوبان بصمت رهيب .. وأصناف الطعام قد ذبلت وتبخرت نكهتها .. نظرت إلى مرآتها بذعر شديد .. أيعق...