المشاركات

عرض المشاركات من 2014

همسة في أذن السماء

همسة في أذن السماء حروفي باردة ، أناملي باردة ، روحي باردة ، مقاعد الحبِّ في بلادي يفترشها الصقيع ! في آخر حديثٍ لي مع ممالك الجانِّ ، قالوا لي : أنهم رفعوا أياديهم عن أرواحنا ،  قالوا لي : أنهم استقلوا سفنهم نحو السماء ، وغادروا الأرض ، ومن عليها ، ومن في جوفها ، ومَن بين الأنقاض . قالوا لي : على الأرض اليوم ، ما لا تقوى عليه ملوك الجانِّ ، في ممالك الإنس ، جنونٌ لم تعرفه في يوم ، ممالك الجانِّ ! رأيتهم بأمِّ عيني ، التي ترى قليلاً ، قليلاً ، وتبصر كثيراً، كثيراً ، رأيتهم وهم يتغامزون ، ويتهامسون فيما بينهم ، ويقولون في سرَّهم ، لقد انتهى زماننا ، وجاء زمان الإنسيُّ الجبَّار ! رحلت قوافل الجانِّ ، وتركتني أرتعد خوفاً من خاتم سليمان ، الذي سقط بين مدينتين ، فجلجلت الريح ، وأرعدت ، وأبرقت ، وتصارعت ، وتكالبت ، ثم أشهرت سيوفاً من رصاصٍ ، وأضرمت نيراناً من أبناء الغابات ، وأطلقت عويلها ،  صافرات الليل ، حين تداهمها قوافل الذئاب . تغير شكل الأرض ، من فرط الصعود نحو السماء ، والنزول إلى ساحات الوغى ، فأخذت شكل المقابر ، ولكن على استحياء ! تخاطب المطر بلغة السيد للعبد ، وتقصف

فقط .. لمن يريد أن يستمع !

فقط .. لمن يريد أن يستمع ! أنتظر الأعياد بلهفة المشتاق ، بفرحة طفل صغير ينتظر العيد على باب الدار ، أعدُّ للأعياد قلباً معطراً بالفرح ، وأمانيَّ لا حصر لها ،  بدءاً من الأمن والآمان ، وانتهاءً بالسلم والسلام ، وأحلم بالعيد دون أن أكترث عيد من ، ولمن ، بما فيه العيد الوطني وعيد العمال . وفي كل عيد أجلس وحيدة ، أترقب من يقرع الباب ، ....... ولا أحد ، أتذكر أغنية قديمة تقول : " ما في حدا , لا تندهي ما في حدا " ، أطوي صفحة العيد بحزن وملل ، ومع ذلك في كل موسمٍ للأعياد ، أقف في الباب ، وأنتظر العيد بلهفة المشتاق ! عام جديد يهلُّ علينا ، أفرح أنا بالعام الجديد ، وأبدأ برسم خريطة حلم جديد ، يليق بهذا العام ، وما أن ينتصف الليل ، وتعلن ساعة الوقت ، أننا دخلنا بسلام العام الجديد ، حتى تحلُّ بيَّ حالة غريبة من الكآبة الممزوجة بالحزن ، والقهر ، والسخط ، والغضب ، ماذا يعني عام آخر جديد ؟ يعني الكثير ، وهذا ليس تحاملاً مني على العام الجديد ، وليست مبالغة ، أو سرد عبارات لا يحتملها النص ، هدفها السامي تعكير أجواء الصفو  في العام الجديد . في العام الجديد ، كبرنا .. فما عادت

لقاء الخريف

لقاء الخريف (1) أتى الخريف في موعده , كنت في انتظاره , أنا , وقهوته المعتادة , وبعض جرائد الصباح المنثورة بعشوائية على مائدة اللقاء . حيَّاني الخريف وفي عينيه ألف سؤال , وأكثر من نظرة عتاب :  لماذا لم يخرجوا لاستقبالي ؟ أجبت بنبرة منخفضة تحاول جهدها أن ترتفع قليلاً , وكأنها لم تصفع بالسؤال , وبنظرات العتاب : أتيت أنا , ألا يكفي حضوري يا خريف , وتابعتُ قبل أن يكرر على مسامعي نفس السؤال ,  قلت بنبرة فيها حسُّ المزاح : أنتَ يا خريف تعلم جيداً أنك حين تأتي تمتد الأرض طولاً وعرضاً حتى تكاد ترى كل شيءٍ أصبح أرضاً , وترتفع السماء قليلاً , قليلاً , حتى أنك تظن أن السماء قد رفعت يدَّها عن الأرض , وأعلنت تخلِّيها الكامل عنها للخريف  , وتسليمها إليه تسليم اليد ! وحين لمحتُ في عينيه بعض الاهتمام أدركت أنني في المسار الصحيح فأتممت : والدراسة فتحت أبوابها من جديد فاحتضنت أبناءها , وأخذتهم بين ذراعيها , وأنتَ يا خريف تعلم كل العلم أنَّ أبناءها هم من يهبُّون عادة لاستقبالك , وتزيين الشوارع , والمنصات , وفرد المساحات الحمراء والخضراء , وإطلاق البالونات الملونة في الهواء  , وكل ما يتبع م

أسرار صغيرة

أسرار صغيرة إلى روح الشاعر الرمز " محمود درويش " . أتيت إلى هنا .. إلى حيث كنتَ ترتشف قهوتك المرَّة على سفوح الكرمل .. وكعادتي حين تهاجمني رياح الشوق إلى حديثٍ مطول معك .. آتي إلى هنا .. وفي جعبتي الكثير من البكاء .. وبعض الكلام الممنوع من الصرف ! بعضُ الغيَّاب عادوا  من غيابٍ طويل .. والبعض يغادر دون أن تعرف إلى أين وجهته .. وإلى أيِّ زمان أصبح الآن  ينتمي ! وحدك من لا يغادر .. ويبقى حياً في القلوب .. يشرب من عين الصباح .. ويُسقي بيمينه عكا وحيفا والكرمل وصفد . القهوة اليوم ..  في هذا الفضاء الذي يحتوي روحك في بيت من بيوت  القصيد .. أصبحت بطعم الحنظل .. القهوة اليوم  تفتقد إلى سكر حديثك .. تفتقد إلى شهد الكلام .. فليس سواه المرار يغمر حياتنا .. كما تغمر الثلوج قمم الجبال . نحن الآن في حالٍ لا يسرُّ الحبيب .. ولا يغيظ العدا .. نحن نمرُّ بحقبةٍ  زمنيةٍ  دخيلة على تاريخنا .. نُخدع  في كل يومٍ  ألف مرة .. ولكن ليس لذكاء المخادع .. بل لغباء في سعة مداركنا ! نصدق الآخر .. الآخر الذي بنيَّ .. وتشكلَّ من الكذب .. والمراوغة .. ونقول لأنفسنا .. ونوهمها .. أنه شبع

بوابات الانتظار

صورة
بوابات الانتظار إلى الراحل , الساكن فينا  " الشاعر طلعت سقيرق " أنا ما عرفتُ الانتظار يوماً إلا على بوابات القدس . أنا ما أغراني الانتظار في يوم , ولا اشتهيته , ولكنه جسر العودة جعلني بطيئة الخطا , حتى لا تقع أقدامي الصغيرة  في نهر الأحزان , فتضيع مني خطواتي , التي هي وحدها من تعرف سرُّ الطريق إلى بيتي هناك . أنتَ , في غيابك الذي أمضغه على مضض , لأنه لا صباح له أنشره فيه على حبال الشمس , فيستلقي الوجع في دفءٍ , وتتسرب منه خيوط الوهن التي أثقلته , فيعود رشيقاً , زهو الخطوات , خفيفاً من الألم , فأبقى ألوك الوجع بين أضراسي , أخشى أن أبتلعه فيفقد بعضاً من ملامحه الثائرة , وأخشى أن أبقيه فأفقد ما تبقى لي من أسلحة أواجه فيها نفاد الصبر . غِبتَ , وتركت حيفا في الغياب تنتظر .  حيفا تنتظر الشاعر الذي كان يرسل القوافي مع إحدى الغيمات  المسافرة إليها  كل صباح , فتعود إليه في المساء ممتلئة برائحة حيفا , وجدائل حيفا , وسحر حيفا , فينظم فيها ما يشاء من ورد القصيد , ويسدله على آخر الأشجار المغادرة إلى حيفا , ويودعها قبلاته الحارة , وبعضاً من وصاياه الأخيرة , أن ابقي حيفا ع

يسألني الخريف

يسألني الخريف يسألني عنك الخريف .. تسألني ركوة القهوة .. محبرة الحروف .. وبعض الأوراق المتناثرة على سطح المكان .. تسألني ذكريات طويلة جمعتنا على مرِّ السنين والأيام .. وصور غابت عن العين .. وبقيت تئن في طيات الوجدان .. يسألني عنك الغيم والمطر  وأوراق الخريف وعناقيد تدلت من شرفات النسيان . لماذا يتواجد الحزن على موائدنا .. ويتناول طعامه في أطباقنا .. من شرع للحزن باباً يدخل منه إلى صباحاتنا .. من قال بأن الحزن ضيف مرغوب فيه .. يرتدي من ثيابنا .. يقرأ معنا الجريدة .. يخربش على صفحات الكتب القديمة .. ويكتب باليد اليسرى على الجدران .. وينغمس في ملامحنا إلى أن يصبح شبيهاً لنا .. أو لبعض الصور الكالحة منا  ؟ لا يفرحني كل هذا الغياب .. وجودك الغائب يستفزُّ جنوني .. كيف تتنحى الهامات الكبيرة .. وتركن الحروف إلى رصيف عابر .. يجهل خطانا ..لا يميز وقع أقدام الغريب  من وقع أقدامنا .. كيف نصبح نكرة في ثياب مجهولة وعلى جبيننا ألف عنوان ؟  أيُّ البلاد هيَّ بلدي .. وأي الأوطان هو وطني .. وعائلتي .. ومدرستي .. وأول قصيدة حب .. وأول لفافة رسالة سربتها من عقب الباب .. وعناوين الفلسفة .. وكتب ال

تمرُّ الأعوام

تمرٌّ الأعوام في ذكر ى رحيل الوالد   ويستمر الاشتياق .. تستمر قوافل الاشتياق بغزو قلبي صباح مساء .. تأتي الأعياد تنقصها نكهة الأعياد .. ينقصها وجودك .. تنقصها مباركتك .. تنقصها تهنئتك بالعيد . حلوى العيد  التي أصبحت لا يقترب منها أحد .. فنجان قهوتك المرة .. مسبحتك التي تداعبها أناملك المرتجفة من خشية الرحمن .. بَّحة صوتك التي كانت تملأ المكان أنساً ودفئاً وضياء .. كلماتك القليلة التي كانت كعناقيد الذهب تزين الرأس كالتيجان .. وضحكتك التي كانت تمزق أغشية الفضاء وأنت تداعب الصغار  يملؤك الفرح , وعيناك يفيض منهما الشكر لله . وأكثر من هذا بكثير يا أبي أتذكره اليوم في الذكرى الثالثة للرحيل .. بل وأتذكر الأكثر مرارة في زمن أصبح العلقم فيه شهدنا , والتجبر والقسوة  من ملامح بني البشر . القدس يا أبي أصبحت بعيدة .. بعيدة جداً .. كل يوم تغرق في براثن التهويد .. والأقصى يا أبي الذي أمضيت العمر في انتظار أن يعود لتقدسَّ فيه حجتك أصبح بعيداً .. بعيداً عن اليد والنظر . كم قلت لهم سيغضب أبي .. سيحزن أبي .. سيُقهر أبي .. لو مسَّ الأقصى شرٌّ .. لكنَّهم الأخوة يا أبي كجبال الثلج .. أصاب

مدينة أيلول الجديدة

مدينة أيلول الجديدة  .  نوارة  قلبي .. نوارة عمري .. أيلولي !  من قال بأنك أصفرُّ اللون .. رماديُّ الخطوات .. متقلب المزاج .. هائج .. مائج ..  مبعثرٌ  لكل اللحظات  ؟ أنتَ يا أيلول .. ورديُّ اللون .. ورديُّ القلب .. ورديُّ العمر .. ورديُّ المشاعر .. ورديُّ الإحساس ..  وأنت أيضاً ورديُّ الجنون .. ورديُّ التقلبات .. ورديُّ المزاج .. ورديُّ الهفوات . أما أنا فكما تعرفني عصبية جداً .. حادة جداً .. غيورة جداً .. متقلبة المزاج ..  لكنِّي ورديّة الفؤاد .. ورديّة الوجد .. ورديّة المشاعر .. ورديّة الهمسة .. ورديّة الدمعة .. مثلك يا أيلول .. أنا ورديّة الضحكات  . شعرتُ بغربة في مدينتي ..  شعرتُ بأن هذه المدينة .. مدينة قلبي  .. المدينة التي أخفيتُ عنك خريطتها حتى لا تتبعني أنفاسك فتربك نهاراتي .. وتشتت مساءاتي ..  وتتركني فريسة للقلق وللانتظار .. على شوارع لا تمرُّ عليها سوى رجعُ ذكرياتنا .. وصدى همساتك ! اختبأتُ عنك هنا في هذه المدينة التي لونتُ أنا طرقاتها .. وشوارعها .. وعلقتُ بيدي يافطاتها .. وكتبتُ بأناملي الطرية على لوائحها من يحق له فقط المرور من بواباته

الحج إلى صقلية “ Sicily ”

صورة
 الحج إلى  صقلية “  Sicily ”  لست غريبة .. هذا كان شعوري حين وطأت قدماي أرض جزيرة الأحلام  ..  أنا لست غريبة في سيسلي ! كان أول ما عانقته عيناي في مطار " كتانيا " هو شجرة الصبار .. نبتة الصبار هي أرق  ما أتذكره من طفولتي السعيدة في القدس .. بل هي أفضل ما يعنون أرض الديار .. كنت كلما اقتربت من سيسلي أكثر كلما شعرت أنني ألج من أبواب القدس السبعة  إلى الحرم .. أجوب شوارعها العتيقة .. أدخل حاراتها  وأزقتها .. وأشتم رائحتها العتيقة المعتقة في قوارير الفؤاد  .. رائحة هذا المكان أنا أعرفها جيداً .. أنفي يدركها .. يألفها .. يميزها .. يعشقها ..  الشوارع .. البيوت .. الطرقات .. الأزقة .. شاطىء البحر المترامي الأطراف .. لون البحر الأزرق الداكن كعيون الخرز .. حديث الناس .. طيبة القلوب والنفوس .. علاقات الجوار .. كلها أعرفها جيداً .. أعرفها منذ طفولة سلفت في القدس . أحضروا إليَّ طبقاً من  نبتة الصبار بلونيها الأبيض والأحمر .. وقالت لي الجارة بتودد كبير .. تذوقي الأبيض منها .. إن مذاقه ألذ بكثير .. قلت لها هذا  "الصبر"  أنا رُبيت عليه في أرض كانت .

نغم من بلادي

نغم من بلادي الآن .. وبعد أن دُمرَّ  بيت الكلام  .. وأصبح الحضور فارغاً من غوايات العصافير .. وباقات الورود .. ورائحة القهوة  .. وأغاني الصباح .. وشقشقة شمس الضحى .. أُعلن للسماء والأرض .. أن الكلام قد أصبح يتيماً على موائدنا .. في الماضي .. قبل ألف صورة من الآن .. رجوتك بحرارة المحب أن تأخذ صورك بعيداً عن عينيِّ .. لا أريدها أن تسرقني مني .. لا أريد  لنظرات الشوق التي تهبُّ كجحافل النيران من عينيك أن تأسرني .. وأن تكبلني بأشعار تدندن بها نجوم السماء قبل أن ينطقها لسان قلبي .. اليوم .. بعيداً عن الماضي .. بعيداً عن تلك الصور .. وبعيداً عن عينيك .. وما علق فيها مني .. وفي هذا الحاضر .. الحاضر الخانق .. كل الصور باردة .. كل الصور باهتة .. لزجة .. ليس لها رؤوس .. لها فقط  أذناب وأصابع .. حضورك اليوم أصبح بلا معالم .. ملامحك يكسوها دخان المعارك .. صوتك عويل السبايا .. كلامك جعجعة حروب .. لكنِّها حروب ساقطة .. أسقطها التاريخ من دفاتر أيامه .. قال عنها في حديثٍ له عبر الهاتف .. أنها مجرد صولات وجولات بين ذراعيَّ المحارب .. هيَّ ليست غزوات لفتوحات أو انتصارات أو غنائم .. بل هي رميٌّ

رسالة من طفل غزة إلى سلاطين العرب

رسالة من طفل غزة إلى سلاطين العرب أضاقت بكم الدنيا فلم تجدوا سوى أرضي وساحة ملعبي وصفوف مدرستي كي تفقأوا عين الشمس فيها وتقنصوا حبات المطر. أضاقت بكم صفحات المدى فبترتم البسمة على شفتيِّ وخنقتم الأمل المتدفق في قلبي وأوردتي ولهاث خطاي المتهالك على سلالم مدرستي . أضاقت بكم نسمات الهواء التي تداعب رئة الطفولة في جسدي فأطبقتم عليها كماشة أنيابكم تريدون تمزيق رئتي وتمزيق حلمي وتمزيق أملي وشمس نهاري وملامح غدي . ماذا جنيت لكم  ؟  ماذا طلبت منكم ؟ هل طلبت منكم ملاعب الطفولة وحدائق البنفسج وبيارات البرتقال ومشاتل الزيتون  ؟ هل طلبت منكم حقائب الدرس وأدوات الرسم وفرشاة التلوين ؟ هل طلبت نزع خارطة الكون ولصقها وشماً على زندي وضرب بوق الصباح ونشيد العلم وهتاف الرفاق في طابور الدرس ؟ هل طلبت ماءً ، فضاءً ، ذرات أكسجين ، حبات قمح ، سترة نجاة ، هل طلبت عنواناً لأسمي وخارطة لأيامي وقنديل فجر لليلي الطويل ؟ أنا لم أطلب سوى مهد الطفولة وحضن أمي وحلم أبي أتدثر فيه  وأكبر به ، فلماذا قصفتم سريرالطفولة وشردتم الحلم الدافىء والأمل اليتيم وألقيتم بأشلائي إلى أحضان العدم ؟ ماذا جنت ل