المشاركات

عرض المشاركات من 2016

القصيدة التي تنتظر

صورة
القصيدة التي تنتظر فنجان قهوتك، قوافي أشعارك، أغنياتنا الخريفية، سيفونيات الصبا، ذكريات عتيقة، مواعيد وهمية، أقلام جافة، قارورة حبر متيبسة وبقية حلم تركتهم خلفك، يجتمعون كل ليلة على فراش المساء، يتبادلون نظرات الخيبة وعلامات الاستفهام ثم يجددون الانتظار على قارعة الأمل. كالبدر في ليلة ظلماء، كموج البحر بين المدِّ والجزرِ، كسنبلة شقراء اشرأب عنقها نحو السماء بالدعاء وفتحت كفيَّها ترتشف آخر قطرة ماء، كرائحة القهوة والقوافي والأغنيات والذكريات بقيت هذه القصيدة أيضًا تنتظر. القصيدة أَعلَنَت الصمت وتمترَست خلف الأفق، لم تُغرها الحروف التي تحوم من حولك وتتسابق لإرضائك واستمالتك كي تضيء شمعة في ظلامها أو تُلقي بوردة جورية إلى شرفاتها أو تمسح جفنيِّ الصباح بلمسة حريرية فتغدو بعينيك أجمل ثم تذوب أنتَ في فنجانها شهدًا وأكثر. كل الحروف حاولت أن ترسم إليها على مشارف قلبك قصورًا من الوهم، كنتَ تفرح بهذا الوهم وتظن أن مملكتك قد امتد بساطها السحري من البحر إلى النهر، وأنَّ نون النسوة تحاصر سماءك من الشرق إلى الغرب؛ فتمخض الشرقيُّ في داخلك وَوَلَدَ شاعرًا تأخذه الحمية الجاهلية للذود عن حم

أقدام عارية

أقدام عارية تأتيني أمي كل ليلة في المنام، تطلب مني طلبًا أغرب من الخيال فأركض في الصباح بكل ما أوتيت من عزم في محاولة مني لتلبية هذه الطلبات، أنجح تارة وأخفق أخرى قبل أن أتوقف فجأة وأسترجعها في ذاكرتي _وهي التي عاشت كل العمر لم تطلب مني أن أسقيها جرعة ماء_  فلماذا تأتي كل ليلة وتطلب مني ما هو عصيٌ على الفهم والإدراك؟! لم كل هذه الطلبات والظهور المتكرر في المنام؟ أغير مرتاحة البال أمي أم أنها كسابق العهد تطالع نشرات الأخبار؟ هل ترى المدن الفاضلة كيف طُرحت أرضًا واستبدَّ بها الظلام؟ هل ترى الأشلاء وهي تتناثر كريش الطيور عند الذبح فتصعد روحها إلى السماء مثخنة بالسهام الطائشة وهي تهوي على قلب المدينة وأرصفة الحدائق وأسوار الملاعب وداخل حقائب الدرس وفناجين القهوة على شرفات الصباح؟ ماذا ترى أمي حتى تأتيني فزعة في المنام؟  ماذا ترى؟ وكيف ترى وأنا أحاول أن أغلق  عنها كل منافذ الأخبار؛ فلا ترى الصور المفخخة والجثث المتفحمة ولا تسمع صراخ الأطفال وعويل أمهات الشهداء بعد أن طفح بهن الكيل وأدركن أن الموت كان مؤامرة على فلذات الأكباد وأن اللعب على الكلمات كان من مسكنات الأوجاع؟ هل أقول لأم

لتشرق شمس الأحرار

صورة
لتشرق شمس الأحرار أخاطبكم من بيادر الطفولة، أمدُّ إليكم يدًا بيضاءَ تصافح قلوبكم المزهرة بالحب والمفعمة بالأمل، أتلو في حضوركم الكريم بعض آيات الذكر الحكيم لتحميَّكم من هجمات الزمان وتخفف عنكم بعض الأنين. دعوني أضمد جراحكم وأمسح بكفيِّ تلك الدموع، دماؤكم ليست فائضًا عن الحاجة وأنتم كنتم وما تزالون الجسر الذي تعبر منه الحضارات من الجدود إلى آخر العصور. دعوني أهمس بأذانكم كلمات الوطن الحنون: اطردوا الغريب من رؤوسكم والتفوا حول بعضكم من جديد، دفئوا قلوبكم بمشاعل الحب وأطفئوا نيران الوعيد والتهديد. صراخكم في ليل الأمس أدمى القلب، أفجعه؛ فانتنشرت هالات الخوف حول الجفون والعيون. أنفاسكم لم تعد تصل مع رذاذ المطر وعناقيد الندى، أسراب الحمام لم تعد تحمل إلا رسائل النفير، طبول الحرب دقت وعلا هديرها وطغى على أنين المساجد وخطب المصلين ودعوات المسنين. هناك الأقصى يفتقدكم، يبكي غيابكم الذي طال في ظلمات سرمدية؛ فلا شمسها تشرق، ولا يلوح ذيلها بفجر جديد. تساقطتم كأوراق الخريف في أول الربيع، كسوتم أشجاركم بملامح اليتم، وشَّحتم سماءكم بالسواد، قطعتم أنفاسكم من الوريد إلى الوريد،

المذبوح إصدار ميساء البشيتي الألكتروني الرابع

صورة
تم بعون الله إصدار كتابي الأكتروني الرابع "المذبوح" المذبوح بقلم ميساء البشيتي المذبوح كتاب ألكتروني يقع في ما يقرب السبعين صفحة  يتحدث الكتاب عن رحلة شاقة وقصيرة بين دفتيِّ كتاب، الرحلة كانت متأرجحة طِوال الوقت بين مدٍّ وجزرٍ على شطآن وهمية من وحيِّ الخيال وعبثية السؤال: هل الحياة تستحق منا كل هذا العناء؟ أيها المذبوح سكنتَ فيَّ، وسكنتُ إليك، وأصبحنا قطعة من العذاب فانتظرني على حافة الوجع القريب لأرتب لقاءً بين النجوم تكتب فيه وصيتها للشمس والقمر والسحاب. انتظرني أيها المذبوح فالخريف يشبهك ويشبهني ويشبه خطواتي إليك، خطواتي التي ملَّت وتعبَت من الترحال، خريفنا يشبهنا فلنكور نقطة الختام في خريف واحد، نكتب عليه حروفًا من ورق أصفر، ورق أيلول، حروفًا تسقطها الريح أو لا تسقطها، تبعثرها أو لا تبعثرها، لا يهم طالما أنك شبيهي في هذه الحياة، وخريفك هو خريفي.

بقية حديث

بقية حديث أنا وأنتَ حرفان ساكنان في حديثٍ صامت لم يطفئ الشمعة الأولى من ميلاده، لم يذبل عقد الياسمين على نحره، لم تتساقط أوراق الوردة عن غصنه، لم تذب قطرات الندى عن صباحه؛ فبقيَّ حديثه ساخنًا كرغيف الخبز، طازجًا كرائحة الزعتر. أنا وأنتَ حرفان هاربان من جزيرة تاهت في محيطها سفينة نوح فتشتت في دروبها جميع أزواج الطيور، خرست حناجر البلابل، غابت في إغفاءة طويلة زقزقات العصافير، وما بين الضياع والضياع لم يبق من يجيد الصراخ إلا طائر البوم. ضبطت قوافي الشعر في قلبي إعلانًا للحرب، علقت جدائل الأشعار وربطتها إلى زيتونة الدار، أغلقت في وجهك دفتر مذكراتي ومنعتك أن تقرأ طفولتي وصباي، حجبت عنك عيون النور فخانتني وتسللت إليك خلسة، وعندما ضبطتها منتشية في مخدعك ارتجفت وبكت ثم باحت: أن قلبك هو من رمى إليها الشباك ومن انتظرها في عتمة ذلك المساء. أنا وأنتَ حرفان يشكلان عنوان هذا العالم الذي مزقته الشرور والحروب والضغائن المتوارثة عبر كل الأجيال، أسكن في سكون عينيك فلا أسألك وطنًا ولا أنشد همزة الاستقلال، أنفاسك هي ماء الحياة لقلبي وتنهيداتك تعويذة سحر أرقي بها نفسي من أعين الحاسدات ال

حديث الخريف

حديث الخريف أنتَ الخريف والخريف أنتَ فلا تحاول أن تخضرَّ كالربيع أو تمطر كالشتاء أو تحلِّق كالصيف؛ فالخريف يحلو بك، يزهر بك، من عينيك يهطل عنبًا قرمزيًا ولوزيًا يفترش الأرصفة والساحات، ثم يغدو أنشودة من لهب إن مالت عليه الجدائل الشقراء وقبلَّت منه الوجنات، ويبقى هو الخريف. تَزبِد وتَرغي وتُعربد قصائدك في أضيق أفق، ثم تمطر حروفًا من غضب، أركض أنا في الممرات الممنوعة من الصرف لألملم هذا الغضب قبل أن يشتعل، ومع ذلك تأتيني في يومٍ غير منتظر، تحمل إليَّ في قلبك زهرة فواحة في آنية من ورق. لا تقل "أحبك" فلقد أصبحت أكذوبة الشعراء! ولا تقل اختزلي المسافات بيننا، واقتطعي عقدين أو ثلاثة من هذا العمر الممتد على أرصفة الشقاء لنعود معًا إلى مقاعد الصبا فأحفر اسمك على كل أشجار الحيِّ القديم وما جاوره من الأحياء؛ فالخريف لا يليق به الكذب. أهديتني قطة تموء طِوال الوقت، لا أفهم حديث القطط أنا. أنا أكتب الشعر على جُدر الغرباء، لا يفهمون حديثي، نعم، ويمرون عنه مرور عابري السبيل بالأراضي الجرداء، لكنك أنتَ تفهمه وتدركه ويلامس شغاف روحك وقد يصيبك في مقتلٍ! وتصرُّ على أن مواء قطة بريِّة أ

في الذكرى الخامسة لرحيل أبي

في الذكرى الخامسة لرحيل أبي في الذكرى الخامسة لرحيلك يا أبي أخجل أن أخبرك أن كل ما تركته لنا من ميراثٍ أصبح قرى عائمة من الخراب، رائحة البارود تُزكم الأنوف الطاهرة، الدماء لا تتوقف عن تمددها العشوائي في مسارات اليمين واليسار وقفزها الصبياني في دوائر الوسط. الأيادي لم تعد متشابكة بل متضاربة، الأراء لم تعد متوافقة بل متطاحنة، الوطن أصبح يرتدي لون الحداد في الليل وفي النهار على قوافل الشهداء وعلى من تبقى من الأحياء ينتظر دوره في الصعود إلى السماء. لم نعد ننتظر الوطن، لم نعد نرسم مفتاح العودة في رأس الصفحة؛ فنحن في معظم الوقت مشغولون بنصب الخيام وإحصاء أعداد القتلى والمصابين واللاجئين والنازحين والفارين من الموت إلى بلاط الجحيم. ما فائدته الوطن؟ سؤال لم يكن يخطر لي ببالٍ عندما كنت بيننا لا تكفَّ عن الصلاة والتسبيح. لكن بعد أن غادرتنا أنتَ ربما أيضًا غادرتنا الملائكة فرفعت سجادة صلاتها عن أرضنا وكفت عن التسبيح في ديارنا، غادرت هي وبقيت الشياطين في أرضنا تعيث فيها فسادًا، تزرعها خنادقَ من الرعب، تعبث بنا وتلهو ولم يسلم من عبثها سورة أو خبر، ولم تُبقِ فينا صالحًا ولم تذر.

Share نافذة على عالم الجنون pdf.pdf - 815 KB

أحبائي  يسعدني أنا أقدم  إليكم إصداري الألكتروني الثالث "نافذة على عالم الجنون" أتمن أن يروق لكم ويحظى بإعجابكم الكريم  Share نافذة على عالم الجنون pdf.pdf - 815 KB

حنين العصر

صورة
حنين العصر لأنك وحدك من تهطل في سماء أيامي فتنعشها، وتدب الروح بأرضها فتحييها؛ فتسافر إليك دونما تأشيرات أو حواجز على أبواب الفصول، ولأنك تطيل المكوث على شرفات أحلامي، تحرسها من عيون الضباب وقراصنة المطر، لأنك أيلول، ولأجلك، سأكتب كل أغنياتي. أذكر أنك في أيلول مضى عليه أكثر من ألف دهر، وقتها كان الزمان عصرًا، والمكان عصرًا، والكلام كان كلام عصر، أخذنا الحديث في وقت العصر، فكانت اللغة والأمل والفرح والحب وحتى الخوف كانوا واحدًا في وقت العصر.  كانت حروفي تفرُّ مني إليك عبر أوردة  الشهيق والزفير، وتسري منك مع رذاذ الندى وعبير الياسمين، لنضع الأكاليل على رؤوس العاشقين، ونرسم حديقة ينام في أفيائها عابروا الطريق.  لكنك أيلول، لا تستقر على حال، لا تبقى في مكانك مراوغًا  كبقية الأيام، تبقيني  وحيدة على شرفات الانتظار وتتقلب أنت بين الأرض والسماء، ثم تقفز فجأة إن زمجرت ريح من حولي، وتنتشر كحبات المطر على نوافذ الفقراء، تغسلني من براثن الريح وكل الأوجاع، وتقترب أنفاسك من كل الأبواب؛ فأسمع ترقرق الدمع وهو يسيل على وجنتيك، أحاول عبثًا  ملامسة دمعك، محاورته، التحدث إليه حديث الع

رماديٌّ ناصع البياض

صورة
رماديٌّ ناصع البياض أغلقت المذياع بركلة وحشية وخرجت بلا وعيٍ مني ولا إدراك إلى ما كانت تعرف بالشوارع قبل أن تصبح خنادق! أخذت أجوبها طولًا وعرضًا، أفتش في كل ممرات المشاة عن خطى تشبه خطاي فأتبعها كي لا أضل طريق الأباء والأجداد وأتبع دينًا لم يعرفه أو يتعرف عليه قومي من قبل. كيف أًسكِتُ هذا الصوت القادم من أعماقي؟ كيف أشرح له أنني بتُ وحيدًا على أرصفة الشقاء؟ الجدران تنكرت لي ومغالق الأبواب، السماء من فوق رأسي تبكي لكن في غير موسم البكاء، كل الرفاق مضوا، كل الرفاق قضوا، بعضهم استشهد، والآخر استشرس،   وبقيت وحدي بلا رفاق. يكرهون اللون الرمادي، في آخر حديث لهم قبل الاستشراس طلبوا مني بالحرف الواحد أن أختار بين الأبيض والأسود. لا أنتمي إلى اللون الأسود، لا أحبه بالمطلق، ولا أكرهه حدَّ قذفه بيمين الطلاق، أحب فيه شموخ الهيبة والوقار، وأكره فيه طعم الحزن، أكره امتصاصه الفجِّ لرحيق الشمس ودفنه لجدائلها في حدائقه فلا يستطيع إنسيُّ أن يعانق جديلتها أو يقبلَّ في لحظة يتيمة ثغرها عند باب الدار، لكنَّه إن هبَّ شتاء عاصف فقد يمنحك ظلالًا كاذبة من الدفء والأمان. لا أنتمي إلى ال

عيون جاهلية

صورة
جاهلية 7 عيون الجاهلية بكى قومي، بكوا كثيرًا كثيرًا، لا شيء يستطيع أن يوقف هذا البكاء فمذ وعيت على هذه الحياة وقمت بفتح عيني على كل ما هو حولي وأنا أسمع أصواتهم وهم يبكون! تعددت الأسباب والبكاء واحد، ومتواصل، منذ داحس والغبراء. الجاهليون كما هم منذ ألف عام، لم يتغير فيهم شيء، منذ قرون تلت وهم يجيدون البكاء بل ويعشقونه، فهل البكاء سلاح الضعفاء؟!  لكنَّ قومي ليسوا بضعفاء حسب آخر إحصائيات النجوم وقراءة الطالع وعلم الفلك! وليسوا بأقوياء، إلا إن كنا نتكلم عن فرد العضلات! القوة كما دُرِّست لنا في كتب التاريخ هي: التوازن التام بين حركة الذراع وحركة الدماغ. _هذا حسب فتاوى التاريخ_ وأن أي خلل في هذا التوازن سيؤدي إلى موت الدماغ وبطش الذراع، فهل ماتت أدمغة قومي؛ لأنَّ أذرعتهم طالت، بطشت، عربدت، تجبرت، ثم بكت كثيرًا كثيرًا؟ قومي يبكون منذ الأزل فهل بكاؤهم هو وليد الألم؟ أم أنه طوق النجاة لكل منافذ الألم؟! أطفال بلادي لا يشفقون على هذا البكاء، لا يجزعون منه، لا يستهجنونه، بل ربما يشعرون بالغثيان عند كل موجة نحيب، فهم لا يبكون، لا يعرفون معنى البكاء، لم يرثوا عن قومي

كيف الخلاص؟

كيف الخلاص ؟ يا قمري، يا قمر الأقمار سلامًا، أنا أبحث الآن عن الخلاص! هذه النجوم المتربصة بقلبي تكاد توقع بيّ وأنا أكاد لا أنجو من آخر حماقاتي. الساعة على الحائط تدق بانتظام رتيب، تستفزني دقاتها ورتابتها، ويستفزني أكثر هذا الملل الذي تغرقني فيه ثوانيها الباردة، يكبلني، يقمع بركان من الثورات في داخلي تغلي. (لا ) كم أصبح ثمنها اليوم، وهل لمثلي شراؤها؟ كيف أرفع اللاء في وجه هذه النجوم البريئة؟ كيف ألقي بأضوائها الساطعة بعيدًا عن بساتين قلبي؟ وأنتَ كالنحلة بين أحضان الزهر، تحتضن زهرة وتودع أخرى، وفي المساء تضع رأسك المثخن بالهموم على صدري وتبكي. تعبتُ من بكائك، ومن ترحالك، ومن عقارب الساعة التي ثبتت عندك، ومن الفكرة المجنونة التي تجتاحني، ومن صمتي، ومن تلك الأضواء البعيدة، وتعبتُ أكثر لأنهم لهذه اللحظة لم يقرأوك في عيوني. الأزهار التي كنت ترسلها إليَّ أعلنت براءتها منك، الرسائل كلها تنكرت لك، حتى الأشعار التي أنجبتها أناملك أشاحت بوجهها عنك، وحده هذا القلب لا يفهم،  وينتظرك كل مساء بعد أن تنتهي من رحلات العبث كي تلقي إليه بوردة ذابلة، يمضي هو طِوال الليل يرويها بدمعه علَّها ت

أمطار النور

  أمطار النور حروفي دخلت في غيبوبة الخريف، أُوقظ حرفًا فيغفو الآخر، أضمها كعناقيد الشهد فتنفجر لفائف حارقة تلذَع القلوب. كنتُ فيما مضى أْشْكَلُها على صدرك فتضيء، أرسمها على شفتيك فتنطق، أكتبها على قلبك فتعشقني حتى الرمق الأخير... فمتى تعود حروفي رسول محبة إليك وتنهض من غيبوبة الشهيق والزفير؟!  حروفي يا ابن النور لا تستطيع الوقوف على ساقيها كباقي الزهور! لا تستطيع الركض كفراشات الربيع؛ لتلتحف كفيِّك وتطلب منك الاحتماء فيك، ولا الطيران كعصفور، والتحليق كطير، واختطافك على بساط الريح لنطوف معًا كنجم ونجمة جميع مجرات الياسمين، نمسح عن أوراقها بطش الجاهلية الأولى، والعصبية القبلية، وظلام السالف من العصور. تريدني أن آتيك كعاصفة هوجاء تخلخلك من الجذور، تقتلع من ذاكرتك بيادق القلق وخرائط الطريق، تنتشلك من ميادين الدمار، تبدد من حولك أعاصير الشك بكل من غيروا مساراتهم فجأة من اليسار إلى اليمين... فكيف لي أن  أتحول إلى عاصفة تغير معالمك إن كانت حروفي لا تقوى على الزحف، والنطق، ورسم الكحل في عينيِّ للقاء الحبيب؟! تريدني أنا المتعبة بحروفي أن أقطف أنوارك وهي في أوج المستحيل... تلقي بها إ

سَوْرَةُ الأبجدية الضالة

صورة
سَوْرَةُ الأبجدية الضالة من أنتَ، من تكون؟  تتسلل بخفة ريشة، تمزق شرنقة الصمت من حولي، تنتشلني من غَرَقٍ محتم في أبجدية عقيمة قدت حروفها من لهيب، لا تجيد إلا الاحتراق، وفي زوايا محكمة الإغلاق! ليس لها نوافذ تطل منها على دلافين البحر، أو أعين تشاهد فيها براعم اللوز وهي تتفتح في قلب آذار، لتُفصح دونما خجل، عن قصة عشق جريئة في حدائق الربيع. هل أنتَ دمية من دمى أحلامي؟  الدمى التي شاركتني ربيع عمري، حِكت فساتينها من بعض الحروف الملونة والمزركشة، المخملية والتافتا، وربطت جأشها بخيوطٍ ماسية من الوهم، وأمرتها في كل ليلة أن ترقص السامبا، والسالسة، وزوربا؛ لتضيء سماء أحلامي ببهجة الأعياد. أم أنكَ فتى الأخبار في تلك الجريدة الصماء؟  الجريدة التي جَمَعتُ لفائف حبرها الأسود، وصَنَعتُ منها أهراماً للسيَّاح، وجداراً عازلاً  بيني وبين أحبتي، غير قابل للانهيار، أستند إليه حين يشتد الضرب على مدن الفقراء، أخشى لعنة  تطاردني حتى الممات. لستَ من الأبجدية الضالة، أبجدية النشوء والارتقاء، والقفز على رؤوس الآخرين بالمظلات، وصبغ الآفاق بالحبر السريِّ، وافتراش موائد اللئام بالشهقات. ولس

فارسة من حيفا

فارسة من حيفا انسحبتُ من ذرات الأكسجين حتى لا أسبب الاختناق لفراشات الربيع وهي تتحولق حول علامات الاستفهام .. ترفرف كالطيور المذبوحة في آفاق الاغتراب .. تحاول أن تبسط أجنحتها في فضاءات مغلقة فترتطم بالجدران .. تتألم .. تتناثر .. ثم تتجمع عند حدود الوجع وتضيف علامة جديدة إلى علامات الاستفهام . أشتاق إلى الحديث المسترسل معك دون همزات قطع .. دون فواصل إعلانية أو صفارات إنذار .. دون مقص الرقيب أو دورة الأرض حول الشمس دورة كاملة لتخرج الحروف إلى النور شبكات مضيئة .. لكنها لا تحمل أي دفء أو عنوان ! ولأن الحديث إليك هو الغناء بصوتٍ عالٍ .. هو تغريدة كنعانية  .. بوح إغريقي .. صلاة في معابد الشعر .. تراتيل في كنائس الحروف .. غزل ربيعي .. أمطار صيفية .. عناقيد العنب على سطوح  أيلول .. فهو يغيب كلما جُرح في بلادي غصن من الياسمين . لأن الحديث إليك يرفض كل القيود .. يلفظ الذل المذاب في قعر الكؤوس .. لا يرتدي أوشحة الحرير من دودة القز الخائنة .. لا يصافح العيون الضالة .. لا يضع قدميه على أكتاف الفقراء .. لا يلقي بفلذة كبده إلى الغربان .. فهو يحتجب داخل الشمس ويندس معها في مقابر البحر إلى أ

فلنصلِّ

صورة
فلنصلِّ فلنصلِّ استسقاءً  للمطر والحب والسلام .. فلنعتلِ أرجوحة  الأمل ، نحلق عالياً في السماء  ، نلقِ بالهموم من الأعلى .. ولنتنفس هواءً  حراً، غير ملوث بالذل ، غير مشحون بالألم .. فلنمتطِ صهوة السحاب ، نسابق الريح ، نوقد النجوم لتضيء لنا أجمل غد ! فلنصلِّ استسقاءً  للمطر والحب والسلام .. فالشمس في بلادي  باهتة ، الأمطار مسافرة ، الحمائم مهاجرة ، الأشجار نائمة .. حتى البلابل في بلادي غدت صامتة . فلنصلِ  استسقاءً  للمطر والحب والسلام .. فبلادي باتت مدينة للأشباح ، حدائقها لا ترويها سوى  الدماء ، لا تسطع فيها شمس ، لا يغيب عنها الظلام ، لا يبزغ لها فجر ، لا يلوح إليها صباح ، ضحكات الأطفال فيها مختنقة ،  وأهازيج الأعراس نواح . فلنصلِّ استسقاءً  للمطر والحب والسلام .. فلنصلِّ كي يبزغ لنا فجر من ذيل هذا الظلام ، ليغرد بلبل فوق سرير طفل أرقه أنين العذاب ، لأجل شيخ اغتسل بدمه على باب الأقصى ، لأجل أم  تزرع الموت على شرفتها غداة  كل اجتياح ، لأجل تلميذ غدت حقيبته  أخطر سلاح ، لأجل الأيادي السمر تزرع في بلادي عبيرها الفواح . فلنصلِّ استسقاءً  للمطر والحب والسلام .

عودة في الاننتظار

عَودة في الانتظار أثقَلت عليَّ دموعك المنهمرة في ليل الأمس .. تلقفتها بقلب واهن وجسد مرتجف .. كيف تجرأت عليك الذكريات وانقضت على ليلك  كالضبع ؟! ألم ترحم قلبك المستجير من ضعفه .. ألم ترحم دمع عينيك وهي تهطل كزخات المطر .. ألم ترحم اشتياقك إلى موائد الصباح وهي تجمعنا .. وانتظارك لنا على شرفات النهار كي نتجاذب أطراف الحديث عبر أسلاك الهاتف ؟! حَزِنتُ لألمك .. لشراسة الذكريات التي هاجمتك .. للدموع التي انسكبت ولم أستطع تجفيفها  وتقبيل الخد كي يستكين ويهدأ .. ولا إغلاق النوافذ جيداً في وجهها .. ولا سحب بساط الليل لتنامي كسائر الأمهات .. تضمين أطفالك إلى  حضنك .. تمسدين على رؤوسهم بأناملك الطاهرة .. تقرأين على مسامعهم  حكايات الليل الهادىء . أخذتُ أطفالي .. أطفالك .. ورحلت إلى رصيف شتات آخر .. أحادثك الحديث المتقطع ، السريع ، المبتور ، المبهم عبر أسلاكٍ تعلن عن نيتها الانفصال  كل ثانية .. رضَيتِ أنتِ ساعتها رغماً عنك .. ورضيتُ أنا أيضاً رغماً عني . وقفت الغربة حاجزاً بيني وبين تقبيل اليد والخد والعينين .. طارت سلامات مني إليك لكنها لم تسمن ولم تغنِ من جوع ؛ فانهمرت لألئك تلك الليل

عازف الناي

عازف الناي "أدقُّ على بابِ عمري فيفتحُ وجهٌ غريبٌ ويسألُ من أنتَ .. ماذا تريدْ ؟؟.. / أنا سيدي كنتُ من قبلُ داخلَ هذا المكانِ أنظفُ بعضَ الحروفِ وأقطفُ وردَ الكلامِ أعيدُ الصباحَ النديَّ إلى ضحكةٍ من صفاءٍ وأركضُ نحو الحكاياتِ كي ينهضَ السروُ أحلى وكي أستردَّ الزمانَ الشريدْ / " سيذكرني الناي .. طلعت سقيرق وأنا في ذكرى مولدك الذي لا يغيب عن البال كأنت .. أدق باب هذه المساحة " مقهى الكرمل لصاحبه أبو الشوق " التي افتَتَحتَها ذات يوم لتجمعنا حول قصيدة حرة .. وفنجان من القهوة المرَّة .. على ضفافك أيها الكرمل المجيد .. تحت سماء أبية على المحتل .. تتقبلنا أفراداً وجماعات .. دون جوازات سفر أو تأشيرات . ندلف إلى قلوب بعضنا في ساعة صفاء .. دون أن تعيقنا الحواجز عسكرية ونقاط التفتيش .. دون أن نتسلل عبر الدهاليز والأنفاق  . أردتَ أن توحد قلوبنا في جلسة طيبة كأنت .. مرحة كأنت .. مُحِبَة للفرح كأنت .. وتعشق تراب تلك الأرض الطاهرة المسافرة عبر أوردتنا كأنت . كم كان رحيلك صعباً علينا .. لكنِّي اليوم أحمد الله أنك رحلت دون أن تتغير ..