لكما أشتاق

لكما أشتاق
كم أشتاق لعينيك الزرقاوين وهما تحتضنان أيام عمري .. تشعان فيها الدفء والأمل مع برودة هذه الأيام وقسوة كل البشر ؟
كم اشتاق لتلك اللمسات الحنونة التي كانت تداعب خصلات شعري وأنت تسّرحينها لي عندما كنت طفلة صغيرة فتُسّرح معها هموم عمري كله وأوجاعه ؟
كم أشتاق إلى صوتِك الهادئ عندما كان يردد اسمي وأنتِ لا تنفكين تطلبين مني الكفَّ عن شقاوتي المعهودة .. وأنا لا أبالي لهذا الصوت الذي ما زال يرن في أذني حتى هذا اليوم ..
أنني أعشق هذا الاسم .. اسمي .. لأنك أول قلب ناداني به .. ولا أطرب لسماعه إلا من قلبك ؟
كم أشتاق إلى جلسات المساء عندما كنت تضميننا حولك تبثين فينا الفرح والأمل وتزرعين الحب والكبرياء ؟
وأبي الدافئ الشامخ كشموخ جبال بلادي .. كم أشتاق إليه .. وكم أشتاق أنفاسه الزكية العبقة كعبق الفل والياسمين في رياض بلادي ؟
كم أشتاق إلى يده التي كانت تحتضن رأسي الصغيرة وتتمتم عليها آيات من القران الكريم حتى يمن الله عزَّ وجلَّ عليَّ بالشفاء من وجع ألم بيَّ ذات يوم ؟
كم أخجل من دموعكما التي تهاوت بغزارة المطر في شهر كانون وأنا أحمل حقيبة السفر وأنتما ترجواني ألا أغيب وأشعر حيالكم بالعجز عن إيقاف ذلك الرحيل ؟
لم يكن لي حلم في يوم أكبر من أن أكون أنا أمي .
كم قدست فيك هذه الأمومة .. وكم أكبرتها وأجللتها .
ولو جاز لي لكانت صلاتي لأجلك .. وطقوس عبادتي أؤديها في محراب عينيك الدافئتين .
أراك في أعماق أعماق ذاتي ذلك الملاك الطاهر الذي يحرس عمري ويحتضن العالم بأسره كي أعيش فيه بسلام وأمان .
كم أشتاق إليكما وأنا أرى سنوات العمر تفرُّ من أمام عينيِّ دون أن أفعل لكما شيئاً .. سوى الدعاء لكما بطول العمر كي ترياني وتحضناني كما لو أنني لا زلت تلك الصغيرة المشاكسة التي لا يوقف مشاكستها سوى الحضن والتقبيل .
أدعو الله وأبتهل إليه أن يحفظكما من كل مكروه
وأن تسامحاني عن كل تقصير ..
وإنني لكما أشتاق .. إنني لكما أشتاق .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لروحك السلام أخي الحبيب جواد البشيتي

حروف متمردة

سَوْرَةُ الأبجدية الضالة