المشاركات

عرض المشاركات من أبريل, ٢٠١٢

سراب

سراب لست نرجسية كما تراني ولا أريدك نهراً خالداً من الحب أعمد فيه نفسي ولا جدول ماءٍ صافٍ يسري في حقول روحي الجرداء فيروي ظمأها بعدما هجرتها مياه الأمطار . أنت رسمت لي السراب لوحة عشق سريالية .. ألوانها قوس قزح .. أبجديتها شمس ونجوم وقمر .. أنت علمتني كيف أصعد عتباتها وأغازل قمرها   واصطاد نجومها   .. وكيف أغزل عباءة الفرح بخيوط الشمس وألقها في المساء على كتف البحر . لغة العشق قبلك كنتُ أجهلها .. ففي صحراء قلبي لا تنبت بذور الغرام .. ألوان الفرح عندنا يتيمة .. ملامحها رمادية ونظراتها غائمة صيفاً وشتاءً .. شمسنا حارقة تصهر الصخر والشجر والحجر ورمشة من جفنها تجفف رحيق البحر .. نجومنا مستلقية على عرش عليائها .. لم تلقِ علينا التحية في يوم ولا يقض مضجعها رسائل الحب و السلام . أتيتَ كالنسيم .. كطقوس الفرح ..   كهلال العيد ..   كتعويذة سحر ..   كقراءة مستفيضة   لخطوط البصر في كف ضرير ..   أتيت فارساً يمتطي صهوة الغمام   .. يصطاد السحاب ..   يسرح بأنامله جدائل الموج الأزرق .. وهمست في قلبي ..هذا القمر الذي يتوج ليل السماء هو فؤادي .. حين يرى قسمات وجهك الضاحكة ينفطر قلب

المتسول

المتسول داهمني الوقت وأنا أتسوق لبعض الحاجيات .. أوشكت الشمس على المغيب .. لملمت حاجياتي وانطلقت نحو سيارتي التي كنت أصفها في شارع شبه خالٍ من المارة أو السيارات .. فتحت باب السيارة والنافذة المجاورة لي وألقيت كل ما كان في يدي من أكياس إلى الكرسي الخلفي والتفت للقيادة . ما أن رفعت ناظري حتى فوجئت به .. رجل مسن يحمل صندوقاً خشبياً فارغاً يرفعه فوق رأسه ويتمتم ببعض الكلمات .. مظهره كان مخيفاً للغاية .. ارتعدت مفاصلي لرؤيته وخيل لي أنه سيهوي بهذا الصندوق على رأسي ويأخذ مني مفتاح السيارة كما كان يتناهى دائماً إلى مسامعي عن حوادث من هذا القبيل فما كان مني إلا أن أغلقت النافذة والأبواب وانطلقت بسرعة الصاروخ من أمامه وأنا انظر إليه بالمرآة وقد أنزل صندوقه الخشبي من فوق رأسه ووضعه جانباً وما زال يتمتم . لم تهدأ أعصابي حتى تجاوزت أول أشارة مرور وعندها سمعت آذان المغرب فأسرعت كي لا أتأخر عن موعد الصلاة . صورته لم تغب من بالي .. ماذا كان يريد ؟ هل كان ينوي قتلي أم فقط سرقتي ؟ مظهره الرث الكئيب لا يوحي بذلك .. لكن هذه التحذيرات التي تملأ البلد عن حوادث السرقة والقتل المنتشرة منذ فترة قريبة ما هو م

مطر ووعود عنترة

مطر .. ووعود عنترة ! "ولقد ذكرتك والرماح نواهل مني وبيض الهند تقطر من دمي " أنا وأنتَ يا عنترة مرة أخرى في رياض هذا البيت من الشعر الذي يسكننا ونسكنه كوطن .. ويعيش فينا ونعيشه كحياة . ما الذي أحضرك يا عنترة في بالي .. وما الذي أحضر معك بيض الهند من ديارها لتقطر من دمي أنا .. مع أن ما يدق نوافذ القلب هو حبات بريئة من المطر الناعم .. فلماذا فرُّ إليك الخيال وإلى بيض الهند ومعلقات كنت قد خبأتها منذ زمن بعيد في أدراج الذكريات ؟ كلماتك لا تزال ترن في أذني " هزمتني العاصفة " قلتها وغبتَ .. وغبنا طويلاً .. كانت العاصفة قد اجتاحت أفق ذلك المساء فأردته رمادياً ثم غسلته بوابل من زخات المطر حتى ذاب الرماد ثم ظهرت أنتَ وظهرت أنا وبضع قطرات بريئة من المطر تنسكب بهدوء الملائكة على زجاج تلك الليلة . كيف أصبحت أماسينا باردة .. وحديثنا متكلف .. وأشواقنا تخلو من نكهة " الهيل ".. وحضورنا يشبه حدائق الورد الاصطناعي .. لا أدري . كيف أصبحتَ لا تروي كالمطر .. ولا تسرُّ كالفجر.. ولا تمطر كالغيم .. ولا تزهر كالربيع .. لا أدري . لكنّي اليوم مع أول دقات لحبات المطر على نافذتي وجدتك

ليل وعسكر

ليل وعسكر في مدينتي يهبط المساء فجأة .. يحمل بين يديه ستائر العتمة وينشرها على ملامح المدينة عنوة .. يهجع الحمام الزاجل إلى أقفاص النوم باكراً .. وتداس رسائل السلام تحت أقدام العسكر . وأنا كعصفورة غريبة نبتت على شرفات المنافي أمارس رياضة القفز من نافذة إلى أخرى بعد أن رفع الشتات راياته في وجهي .. وحاصرتني ألسنته بوابل من جحيم السؤال . أين أنتَ من كل هذه العتمة ؟ أين أنتَ من مساءات مكفهرة تفرض ليلها الغاصب على جبهتي .. وأفواه الشتات تمدُّ إليَّ ألسنتها بازدراء وترسم بيمينها على جبيني لعنة التهجير ؟ أين أنتَ والحمام محاصر على أبواب المنافي .. والسلام مضرج بدمائه وسماؤه مشحونة بالعواصف السوداء تهطل من أحداقها الجراح ؟ لا مقابر لدينا تكفي لدفن الجراح .. لا سنابل خضراء لدينا لنزرعها على أضرحة الشهداء . أين أنتَ من عواصم الفرح التي أغتيلت في مدينتنا وشيعت جثامينها إلى خبر كان .. وإلى الممنوع من الصرف .. والمجرور إلى بداية النهايات ؟ أين أنتَ من باقات الورد الجوري المغردة وأكاليل الياسمين الصباحية ورسائل المساء التي كانت تحبل بحروف الغزل وتنهيدات الاشتياق ؟ أين أنتَ من مساءات عامرة بالحب ونوا

اعشق البحر

اعشق البحر البحر يناديك .. فنجان القهوة المرة يناديك .. ذلك المركب المتهادي على الشاطىء الأيمن من قلبي يناديك .. كان وعداً مني .. لم أخلفه .. ولن أخلفه .. أنا والبحر وفنجان قهوتي المرة نناديك . كنتَ تخشى البحر .. أذكر جيداً كم كنت تخشاه .. سألتك يوماً حين كنا أطفالاً نلعب على أبواب الغد .. لماذا ترتدي عينيِّ البحر طالما أنك تخشاه إلى هذا الحد ؟ كأنني كنت ألفتُ نظرك للمرة الأولى أنك تمتلك زرقة البحر في عينيك ولكنني لم أفصح لك في حينها أنك كنت تخفي في عينيك الزرقاوين بعضاً من غموضه .. أنتَ تخاف البحر .. تخاف تمرده .. تخاف ثورته .. تخاف هيجانه .. وأنا أخاف عينيك الزرقاوين وما يختبىء وراءهما من سحب داكنة من الحزن الصامت رغم جلجلة الضحكات التي تنثرها على أرصفة اللقاء .. ذات مساء أتيتني ترتجف من البرد .. من الحزن .. من السخط .. وكنت أرتشف قهوتي المرة .. كان فنجاني الذي قدمته لك .. " بعض القهوة قد تشفيك ".. نظرتَ إليَّ في خجل .. ثم قلت متذرعاً بحجج واهية .. أكره مذاق القهوة .. لا أفهم لغة القهوة وغمزات الفناجين .. لا أقرأ ما تبقى في قعر الفنجان من مراسيل .. ولا أفهم ما تلوح به من شا

غصة اسمها أنت .

غصة اسمها أنت . كان بالانتظار هو وفنجان القهوة وكأس من الماء المثلج .. وكان لا بد من انتظار الوقت الذي يمشي على مهلٍ في تلك اللحظات .. ومع أن دقات القلب كانت في حالة شديدة من التسارع .. ألا أن الوقت كان أكثر من بطيء .. والقهوة كانت حارة جداً ويكاد مذاقها يخلو من السكر .. كمذاق أيامي معك لم يعد يميزها إلا المرارة . صورتك وقفت أمامي .. تجمدت في ذاكرتي .. لا الأمس نهض فيها .. ولا اليوم يسعى إليها . ما سرُّ هذا الجمود .. ولماذا انتصبنا كتمثالين في شارع الحياة الصاخب ؟ ألم يكن باستطاعتك تجاوز تلك اللحظة وإضافة القليل من السكر إلى ذلك الحديث اليتيم ؟ وأنا للأسف ما كان باستطاعتي تجرع كل ذلك العلقم .. اليوم أنا غريبة على بابك .. وأنتَ توغل في العناد .. فمن الملام .. لست أدري ؟ أشعر أنك تقف كغصة في الحلق .. لا عادت الكلمات ترسمك .. ولا عادت الحروف تستطيع أن تكتبك .. وكل ما فعلته أنتَ أنك محوت ذلك الماضي السعيد بجرة قلم .. ربما لم يكن قصدك ذلك .. ولكنك فعلت .. فما عدتَ أنتَ الماضي ولا الحاضر ولا المستقبل .. أنتَ فقط متحجر في حلقي .. لا أستطيع أن ألفظك .. ولا أستطيع أن أبتلعك .. فإلى متى سيبقى ال

لستِ وحدك .. مهداة إلى شقيقتي د. ميسون البشيتي . .

صورة
لستِ وحدك إلى شقيقتي ميسون هذا الصباح لن أدعوك إلى فنجان قهوة حافي القدمين بل سيكون برفقته وجبة دسمة من الذكريات، سنقتسمها كما ألواح الشوكلاتة، نتناولها محلاة بالعسل والسكر المذاب، ونقلب الفنجان لنرى خربشات القهوة على سطح الفنجان، وسنروي عنه كلامًا كذبًا ونضحك كثيرًا على رؤية الفنجان وما تركه إلينا في القعر، وعلى السفح، وما فاض منه فأغرق صحن الفنجان. أفقت في هذا اليوم النيساني الجميل_ يوم مولدك يا غاليتي_ ونسائم الذكرى تلف المكان، تعطر قلبي وتسري في أوردتي، تدغدغني وتوشوشني أن أفتح لها نوافذ الصباح، وألا أنفرد باستقبالها وحدي فأدعوك كما كل نيسان لمشاركتي هذا الاستقبال. كنا نتقاسم السرير في الصغر... واليوم أصبحنا نتقاسم هموم الحياة والأوجاع! ربما مضى عقد من الزمن لم أقبِّل وجنتيك في يوم عيدك، وكانت تهنئتي تصلك مشفرة عبر أسلاك الهاتف، لكنّي لم أكن   لأنسَى عيد ميلادك في يوم من الأيام، وكيف كنا نحتفي به كأنه عيد قومي يخص الأمة العربية بأكملها. أتذكر جيدًا حين كنا في تلك المدرسة معًا... كانت أجواء الامتحانات مخيمة على سماء ذلك الوقت، قلت لي برجاء حار: لا تخلدي إلى النوم وو

نبوءات كاذبة

نبوءات كاذبة كذبت نبوءتي حين ظننت أن الملائكة قد تكون من البشر .. وأننا في زمن المعجزات .. وأن العشق يسمو فوق أطماعنا .. وأن أحلامنا لها قدسية لا تُخدش .. وأنك طائر من طيور أحلامي وجناحيك هما فقط من ورق . كذبت نبوءتي حين تخيلتُ أن الشهد المنساب من فيك هو البلسم الشافي للأوجاع .. وأن يديك الدافئتين أصبحتا لي سكنٌ .. وعينيك الحالمتين أضحتا وطن .. وأن قلبك خميلة من خمائل الجنة . كذبت نبوءتي حين قلتُ أن شهرزاد ظلمت شهريار.. وأن شهريار لم يكن جلاداً .. ولم يكن عربيداً .. ولم يكن سفاحاً .. ولم يكن يروي ظمأه من دماء البراءة .. بل كان عاشقاً .. متيماً .. قديساً .. يهوى جمع قلوب العذارى كما يجمع فراشات الربيع بين كفيه .. وكما يجمع أوراق الورد المجففة في آنية الزهر .. وما كان يجمعهن إلا ليبارك أولى خطواتهن عند أبواب المذبح . كذبت نبوءتي حين ظننت أن الشمس الحارقة في كبد السماء لا تزال تُغرم في مواعدتي عند أبواب صباح .. وذلك القمر الساذج يغافل عين الليل الناعسة ليكتب إليَّ قصائده على صفحات المساء .. وأن العصافير لا تخلد للنوم مبكرةً كي تستريح من تغريدها على نوافذي بل كي تراني في أحلامها .. وأن قطر