قصيدة

قصيدة .
أسرق الوقت .. كي أسرق القصيدة ..
أغلق الربيع كتابه في وجهي وبقيت وحيدة خارج سطور الحكاية .
أتى الربيع وغادر هذا العام دوني .. لم أشاهد تفتّح الزهر على يديك .. ولم أحضر مواسم اللوز معك .. كنت وحدك تغيب في أفقك السرمدي .. تنسج حكايات من الماء وتغرق فيها وحدك .
كم قلت لك فلنجعل هذا الليل أبهى .. فلنجعل هذا النهار أطول ..
تعال نعيش على فتات الأمل ..
في الوطن بقايا أمل تكفينا .. دعنا ننسج حكاية جميلة نعيش داخل أقبيتها ما تبقى لنا من العمر .
أغلقت كتابك في وجهي ..
وفنجان قهوتك انتظر طويلاً بين يديِّ .. لم يشأ أن يتركني وحدي وأنت تعيش دور الرحالة .. تحمل أشعارك وترحل .. وتبعث لي مع الحمام الزاجل خارطة قلبك .. وكم من العابثات سكنت فيه .. وكم نظمت فيهن أشعاراً .. وكم أرسلت إليهن قبلاً فارغة في الهواء ..
الربيع رحل من دوني .. وكتابك مغلق في وجهي ..
وفنجان قهوتك نفد صبره منك .. وضاق ذرعاً بانتظارك .. والوقت طويل جداً في غيابك وضفائره معقدة وجامدة .. والوطن بعيد .. بعيد ..
فلا تلمني إن أغلقت عينيِّ في وجهك.. ونسجت حلماً آخر من دونك .. وشربت قهوتي من دونك .. واستدعيت الوقت على عجل وطلبت إليه أن يغادر مع طيفك ..
لا حاجة لي بالوقت .. لم يعد يعنيني أن أعدَّ الساعات في غيابك .. لم يعد يعنيني أن أعدَّ لك قهوتك وأنتظر ربيعاً تلو الآخر علَّ نوافذ قلبك تستقبلني ذات ربيع ..
أنت رحلت ..
وأنا أيضاً رحلت ..
وهذه ساعة الوقت أكسرها خلفك .. لم يعد يعنيني الوقت .. أمامي كتاب طويل أحتاج ما بقي من عمري في قراءته ..
لا ترسل إليَّ أشعارك .. فجداول الشعر تغفو على باب بيتي .. وعناقيد الشعر أنجبت لها حدائقاَ من الياسمين على شرفات عمري .. تدعوني كل صباح لأحضر تفتّح براعمها على صدر كفي .. وأشهد معها تفتح أزهار اللوز والعبهر في أيام عمري .. تدعوني لأكتب بأناملها العاشقة أطول قصيدة في سماء الوطن وعنوانها ما تبقى لنا من فتافيت الأمل ..
أنا سرقت الوقت ..
أنا سرقت الوقت في غيابك .. وسرقت ما تبقى لي من عمر ودخلت القصيدة ..
لا تسأل عني ..
ولا ترسل الحمام الزاجل خلفي ..
لم تعد خارطة عمرك تعنيني ..
أنا في قلب القصيدة .. أنا سرقت القصيدة .. والقصيدة سرقتني منك ..
وما تبقى من الوقت فهو لك افعل به ما تشاء .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لروحك السلام أخي الحبيب جواد البشيتي

سَوْرَةُ الأبجدية الضالة

حروف متمردة