بعد إذن الغضب في الذكرى الثالة عشر لوفاة أمي
بعد إذن الغضب في الذكرى الثالثة عشر لوفاة امي نعم أستأذن من الغضب لأن الغضب؛ لم يعد قادرًا بكل زوابعه وأعاصيره أن يعبر عن البراكين التي تتأجج داخل الروح، وتحترق، وتُبتلع نيرانها؛ خوفًا من ان تُفضح، ويشار إليها بالبنان: أن الغضب خرج عن السيطرة، رغى وزبد، وعربد في الأرجاء! الغضب كان سيد الموقف دائمًا، يخرج من ثقوب الأبواب، ينفرد على السطح، ويرفع ذراعيه بالهواء ملوحًا: حذاري من الاقتراب! اليوم الغضب أصبح أخرس، لا يتكلم مهما اقتربت من شفتيه الحروف والكلمات، لا شيء يغريه بالصراخ، لا قوة تنتشله من سكوته، لا أمل بثورة الخريف في داخله وشتاء يسبق الآوان. الغضب الآن يشتعل كما تشتعل لفاف السجائر، أو أعواد الثقاب، لا يتقد كالحطب، أو يضيء كالشموع؛ لقد بات مجرد أبخرة تتصاعد في الأفاق! في الموت يا أم راحة من كل العذاب، نجاة من ألم الضمير، هروب مبرر من محاسبة هذا الغضب؛ لتأخره عن موعده في الظهور! لا داع للقلق: هذه الكلمة السحرية التي نبدأ بها نهاراتنا، ونختم بها أمسياتنا، ونصافح بها بعضنا البعض في الأعياد والمناسبات السعيدة وغير السعيدة، ونختم بها كل حديث قبل أن يرتطم بالجدار. إلى رحمة الله يا أم فا