بعد إذن الغضب في الذكرى الثالثة عشر لوفاة امي دع عنك هذا الغضب... إنها السحر في حرفين، نلقي بهما على وجه الآخر فيرتد له لونه وهدوءه ويعود الربيع يزهر في حدائقه وتتفتح على شفتيه ورود الحياة... ثم يبدأ برسم المواعظ، وإلقاء النصائح، كأن شيئًا لم يكن، كأن غضبًا لم ينفجر! بعد إذنك أيها الغضب أنت لم تعد مرآة للبراكين التي تتأجج داخل الروح وتحترق وتُبتلع نيرانها خوفًا من ان يُفتضح سرُّها ويُذاع صيتها بأن غضبها خرج عن السيطرة، رغى وزبد وعربد في الأرجاء ثم انفجر، أنت لم تعد ذلك الغضب المنفجر! كنتَ سيد الموقف بلا منازع، كنتَ تخرج إليهم من ثقوب الأبواب، من الزوايا والهوامش، من النوافذ وفتحات الجدار، كنتَ تنفرد على الأسطح الخشنة، وتنتشر مع ذرات الهواء الخانقة، وتسبح عكس التيار وفي كل الاتجاهات، ترفع ذراعيك لتحتض كل الزوابع ثم تسقط مدويًا بكل أعاصير الغضب. اليوم أصبحت أخرس، لا تنطق مهما اقتربت من شفتيك أشهى الحروف، لا شيء يغريك بالصراخ، لا قوة تنتشلك من سكوتك، لا أمل عندك بثوران الخريف أو بشتاء جارف يسبق الآوان، أو بربيع له لون الجنان، أو بصيف كذلك الذي خلعناه عند عتبات الخيام! وإن اشتعلت فكما تش...