لكنَها فارغة !
لكنَّها فارغة ؟؟!!
السيناريو الأول
قهوتكِ اليوم باردة على غير العادة , ربما
لأنكِ أطفأتِ النار تحتها قبل الأوان , أو أن الطقس بارد جداً حول قهوتك الصباحية
, فامتصت منه برودته , أو أنكِ لم تعودي تحدثينها بحرارة المحب كعادتك حين كانت
تراود نفسها على الغليان , وأراود نفسي على الحضور ؟!
السيناريو الثاني
كل ما حولي مخيف ومبهم , أيادٍ تتشابك بقوة
.. وأيادٍ تتفرق عنوة , زئير أسود .. لكن ليس من العرين , وثغاء نعاج .. لكن ليس
من الحظيرة , ورعديد بكاء .. لكن ليس من صدور الأطفال , وريش حماقات متطاير .. لكن
ليس من المجانين .
كل
شيء بالمقلوب .. حتى كؤوس الوقت !
السيناريو الثالث
الكلمات الجميلة هي الكلمات القليلة ..
والحروف الجميلة هي الحروف التي تنتهي بتنوين الضم !
لكنَّ الحروف المنونة بالسكون تجذبنا أكثر
لنقف عندها طويلاً , نتأملها , نغرق في تفاصيلها الساكنة , وتتقاذفنا فيما بعد حمم
التساؤلات .. هل ستبدو أجمل بثيابها الملونة , وأوشحة الحرير التي تتطاير مع كل
هبة ريح ؟!
السيناريو الرابع
جفَّ الحبر من أوردتي , وجفَّت ينابيع الماء التي تروي البحيرات
السبع , ماتت آخر البجعات الجميلات التي كانت تقف على ساق ونصف لتلتقط الحُب من
عشاق الحياة , وتبعثرت فتافيت الخبز على الأرصفة المحاذية للنهر , وهبطت آخر غيمة
إلى الأرض .. فتفجرت قنابلَ من الدخان , وأزيز رصاص .
السيناريو الخامس
العشق .. لغة العيون الصامتة , أحرفه مشتعلة ..
وإن بدت ساكنة , ومحسوسة .. إن لم تكن مقروءة .
إنَّ الكلمات فقيرة , وتكبِّلُ العشق بقيود
من رخام , تربطه من جدائله الحريرية إلى جذوع الأشجار .. فلا يطير , ولا يحلق ,
ولا يغرد مع باقي العصافير , ولا يغفو في حضن الياسمين , ولا يقبُّلُّ شفتيِّ الندى .
السيناريو السادس
المشاعر لن تموت إن صمتت , ولن تذبل إن لم تُقَل
.. والعشق طيَّ الكتمان أكثر قدسية , وطهارة , ونبلاً , ونظراته الساكنة أجمل , وأصدق , وأدفأ من عيون الكلمات الباردة ..
وإن قُدَّت بطائنها من إستبرق وعسجد .
السيناريو السابع
هذه الرسالة الفارغة من الكلمات , الخالية من
السطور , بيضاء كياسمين تلك البلاد , لم أغرس لك فيها حرفاً , لأنني سلمتك
الأبجدية بكامل مفاتيحها ، بعد أن سلمتك الأغلى , والأسمى , والأنفس , وتركته
ليكبر في رياض قلبك , ويُزِّهر مع أول ربيع , ويلدُ لنا ياسمينة خضراء , تحملينها
على أكف العودة إلى تلك الديار , إن حانت هيَّ , وتأخرت أنا !
السيناريو الثامن
رسالتي الفارغة هذه هيَّ إرثي اللغوي , هيَّ كل ما لديَّ من
ميراث .. لكنه من أمٍ أخرى !
هيَّ
شلال منهمر من مشاعري الحبيسة طيَّ الفؤاد .. لأنها ولدت في عصور غابرة , هيَّ
حكايات فاقت ألف ليلة وليلة في الثرثرة .. لكنها بقيت خرساء , هيَّ قصص لم يكتبها
التاريخ .. لأنه لم يعثر على قواميس هذه اللغة بعد .
الرد على هذه الرسالة الفارغة
أياً كان هو السيناريو الحقيقي لرسالتك
الفارغة فإنَّ الصمت فيها لمتفجرٌّ أكثر من القنابل التي زرعت على أبواب المخيم .. ومشاعرك المغمسة بالسكون , والمغلفة بحبيبات السكر
, ستصمد طويلاً في وجه مدافع التتار , لن تبددها شمس الربيع الماكرة , ولن تبعثرها هبات الريح الهوجاء.
رسالتك ستحيا طويلاً , ولن تصلها ألسنة اللهب ,
ولن تقتات عليها نيران حقدهم المجنون .
رسالتك الفارغة هذه , مع أنها كانت فارغة
....
ألا
إنها كانت ممتلئة بالكثير !
تعليقات
إرسال تعليق