الثامن من آذار .. والكثير من اللطم !

 الثامن من آذار .. والكثير من اللطم !
بقلم : ميساء البشيتي
مع أنني لا أحب الخوض في هذا الحديث عن الثامن من آذار , وعن المرأة المسكينة , والمرأة مسلوبة الحقوق , والمرأة المضطهدة ,  وما إلخ  من توصيفات , وصفات للمرأة في هذا اليوم ,
 ألا أنَّ هناك أموراً استفزتني , وجعلتني أقلب الصفحة لأدون هذه الملاحظات ..
أولاً .. في كل عام نجتمع في الثامن من آذار ونقول بلغت الإحصائيات التي تتكلم عن العنف الممارس ضد المرأة كذا وكذا وكذا ...
وما الحل ؟
هل سنبقى نورد إحصائيات ؟
الوضع الطبيعي , وطالما أننا في الآونة الأخيرة أخذنا نسير إلى الوراء , فمن الطبيعي أن يتأثر دور المرأة بهذا الشيء , وينعكس عليها سلباً , فلا يمكن لمجتمعات تتقهقر إلى الخلف أن تسير فيها النساء قدماً إلى الأمام ! ولو حصل هذا فهو ليس بالخروج عن القافلة , وتغيير المسير .
ثانياً .. من هو المسؤول عن إرجاع هذه الحقوق المسلوبة من المرأة ؟
هل هو الرجل ..؟؟!!
إذا كان الرجل هو من سلبها هذه الحقوق فكيف سيقوم هو بإرجاع هذه الحقوق , ولماذا يعيدها طالما أنه بسلبها إياها يعيش في هذه الحياة بأريحية تامة ؟
إذا لماذا نخاطب الرجل , وهو الطرف الآخر في الموضوع , هل سيتنازل مثلاً عما ألفه طِوال هذه القرون الفائتة , وما الذي يجعله يتنازل , أو ما الذي يغريه في التنازل ؟
ثالثاً .. فعلياً وعلى الأرض من هو المحرك الرئيسي لكل شيء ؟
المرأة بالطبع .. فمنذ اللحظة الأولى للميلاد , يولد الطفل , تتكفل أمه بتعليمه , وتلقينه الوصايا العشر, وتجعل من نفسها خير أنموذج على ذلك , بأن تسلم ابنها الكرباج ليجلد أخته إن لم تستجب لأوامره , وتنفذها بالحرف الواحد !
 طبعاً  بحجة ألا يصبح هذا الأخ معياراً في مجتمعه .. أنَّ  فلان الفلاني محكوم لأمه وأخواته الإناث , بالتالي يصبح أضحوكة الحي , والبلد بأسرها .
رابعاً .. المرأة من خلال ما تقدم أعلاه هي المسؤولة عن التغيير , لأنها هي الإنسانة المسلوبة الحقوق , والمضطهدة , والمعذبة  ووو ....
لكنها لا تفعل .. لماذا ؟
هناك الكثير من النساء تعشق  فكرة العيش في جلباب الأب أو الأخ أو الزوج أو أي ذكر موجود في العائلة , وتعتبر هذا شرفاً لها , وبالتالي تربي أجيالاً على هذا الشرف , وعلى هذا الفخر .
وبعض النساء تعمد إلى الكسل , وترمي بكل شيء على ظهر الرجل , وتركن هيَّ  إلى العمل الأسهل من وجهة نظرها , ألا وهو إدارة المنزل والأسرة !
فلهذه اللحظة الجميع يرى أنَّ إدارة وتدبير المنزل والأسرة بالأمر الهين , والعمل السهل , وتستطيع المرأة هذا المخلوق البسيط أن تقوم به لوحدها دون تدخل الزوج للمساعدة أو حتى المشورة !
 وكذلك ترك العمل المهم , العمل الشاق , للزوج .. وعمل الزوج  هو في غالبية الأحيان عمل مكتبي بسيط جداً .. يقتضي منه الجلوس وراء مكتب معظم الوقت , وطبعاً التحدث عبر الهاتف , أو الحديث مع الزملاء في العمل , لتمضية ساعات العمل الثقيلة , ليعود فيما بعد  " سي السيد "  يأمر , وينهي , ويعربد , إن كان طعام الغداء ليس جاهزاً في موعد عودته !
وتعتذر هي , وترتجف من الخوف لغضبه ,  وخشية أن تراوده نفسه الأمارة بالسوء فيتزوج بالأخرى نكاية بها , زوجة جديدة لا تتأخر بإعداد طعام الغداء لرجل منهك في العمل , وفي عدَّ ساعات الفراغ !
خامساً  .. وهذا السؤال موجه للمرأة .. هل أنتِ فعلاً تشعرين بأنك مظلومة , ومسحوقة , ومضطهدة , أم أنها عبارات رنانة يطلقها البعض , فتجد في نفسك صدى طيباً ؟
وإلا فبماذا تفسرين أن كل ثامن من آذار أنتِ تتراجعين إلى الخلف , وحقوقك تنتهك بفظاعة , وأنتِ لا تنبتين ببنت شفه ,  بل وتباركين كل أفعال الرجل , فهو السيد الذي وهبه الله القدرة على أداء كل شيء , والسيطرة على كل شيء , بما فيهم أنتِ !
سادساً .. يا أيتها المرأة العظيمة لا تسمحي لمُطَالبتك بحقوقك أن تصبح مجرد دعابات , ووسائل للتسلية عبر وسائل التكنولوجيا  الحديثة مثل " الواتس آب " و" البرودكاست " !
 فهذا الموضوع مهم جداً ,  وخطير جداً  , والتعامل معه يجب أن يكون بجدية تامة , وليس من خلال التهريج , وترويج النكات السخيفة  التي لن تعود عليك بأي فائدة  , بل وتقلل من قيمتك وشأنك , وقيمة مطالبك وشأنها .
سابعاً .. الرجل أيتها المرأة قيمته من قيمتك , ومنزلته من منزلتك , وأن تطالبي بحقوقك يعني أن تطالبي بها بشكل منطقي وعقلاني , وأن تحددي أهدافك بعناية , وتسعين إليها بالجهد  الذاتي , والمنطق , والقانون , وليس من خلال الهجوم على الرجل , فهذا الرجل نصفك الآخر,  وحقوقك يجب أن تؤخذ بالمنطق والعقل والحسنى , وليس برد الصاع صاعين .
ولا تنسي أن هذا الكون كله مفاتيحه بين يديك , فتعلمي كيف  تفتحين  هذا الكون بمفاتيحه , وليس بالعصا أو الحجر .
وإن شاء الله العام القادم .. الثامن من آذار القادم , أسمع صوتك أيتها المرأة وهو يعرض لنا حجم الإصلاحات , وحجم التغييرات , وحجم التطورات , التي حصلت عليها على صعيد أسرتك الصغيرة , كي تنطلقي إلى المجتمع الأكبر , وأتمنى ألا يكون هناك مزيداً من الشجب , والاستنكار , واللطم على الوجنات .
والله وليُّ التوفيق

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لروحك السلام أخي الحبيب جواد البشيتي

في الذكرى الثالثة لوفاة أخي جواد

صباح الياسمين