كلُّ عام وأنتَ بخير
صباحُ العيد يا عيد ..
تغمرني الفرحة .. يغمرني العيد .. أصافح كلَّ الوجوه .. أمرُّ عن كلِّ الابتسامات .. وتغيبُ ابتسامتك عني .. في صباح العيد تغيبُ أنتَ .. وتغيبُ ابتسامتك عني ..
أصافحُ العيد .. أغمزه بطرف عيني ..
اذهب وابحَث عنه يا عيد ..
أرجوك .. ابحَث عنه .. اذهب في إثره .. تتبع أنفاسه الهاربة .. الحق آخر خيوط السنا .. تتبع آخر الغيمات الحبلى .. قد تلده غيمة حبلى ذات صباح ..
ذهب العيد في إثرك .. تأخر العيد كثيراً في البحث عنك .. حتى سألني الجميع بفمٍ واحد .. هل رأيتِ العيد ؟
هل خبأتِ العيد ؟
العيد كان هنا .. كان مُمدداً على شرفتك .. وكان يشرب من عين الصباح .. ويقطف إليك حبات الياسمين من عناقيد النهار ..
كان يداعب أوراق الورد في مخادعها .. ويدغدغ فراشات الصباح .. ثم يرفع يمينه ملوحاً لعصافيرٍ اصطفت عن اليمين وعن اليسار ..
أين اختفى العيد .. أين اختفى ؟
لم يئن أوان اختفائه بعد ؟
أصمتُ ..
أخشى أن أبوح بالجواب .
يأتيني العيد في آخر الليل الحزين .. خالي الوفاض إلا من ابتسامة شاحبة أنهكها البحث وهدَّها التجوال .. يضرب كفاً بأخرى ..
كان هذا هو الجواب ..
كان هذا هو الجواب .
اعذرني يا عيد ما اعتدت أن أبعث في إثره الأعياد .. هو عيدي يا عيد ..
هو العيد يا عيد ..
أنتظر هلاله مهما طال الغياب .. هو عيدي يا عيد .. وانا أبحث عنه بين نجوم السماء .. لن يضنيني البحث عنه .. فهو عيدي .. هو إشراقة شمسي .. وهو أنوار الضحى تنبثق من ليلٍ تكالبت عليَّ فيه كوابيس النوم ففرت فزعة .. إلى طيفه مستنجدة .. ووجدته في الانتظار !
وجدته خلف نافذة الحلم .. يفتح للقائي ذراعيه الممتدة أشرعتها من الأرض للسماء .. يُهديني باقة من الأحلام الوردية .. يهديني كل الأعياد ..
أنا يا عيد هو عيدي .. وسأنتظر هلاله لو بعد ألف عيد .. لكن إن لمحت طيفه وأنت تصعد لتقبلَّ النجوم في سابع سماء .. قُل له فقط .. تنتظرك هنا .. قرب نافذة الحلم .. لتقول إليك .. قد تأخر هلالك هذا العام .. قد طال غياب الهلال ..
كلُّ عام وأنتَ بألف خير ..
المشاركات الشائعة من هذه المدونة
في الذكرى الثالثة لوفاة أخي جواد
في الذكرى الثالثة لوفاة أخي جواد ليست الفكرة بحضور الكلمات في الأفق أوغيابها؛ فالغياب أصبح سيد الموقف وحديث الساعة الآن! ربما أنك تدري يا جواد أن هذا العدو الغاصب المحتل الذي أقسانا عن أرضنا وياسمينتنا وبيتنا ووطننا، وألصق بنا صفة لاجئ، وألقى بنا إلى أرصفة الشتات... لا يزال ينكل بالبقية الباقية منا، يقتل، يذبح، يحرق، يهدم، يدمر، ويتجاوز كل الخطوط الحمراء ولا أحد يرفع بوجهه شارة قف! وربما أنك حزين لحزننا، تحاول أن تقترب كعادتك القديمة من المذياع أكثر فأكثر، أن تجد ثغرة ننفد منها لقصف جبهة هذا العدو الغاصب المحتل، أو ربما تحاول أن تقرأ ملامح أملٍ يلوح بالأفق، أو تفسر لنا سرّ هذا الخذلان ممن يلتفون حولنا ويقذفون بنا إلى ساحة الوغى "وحدي أراود نفسي الثكلى فتأبى أن تساعدني على نفسي، ووحدي كنتُ وحدي عندما قاومت وحدي وحدة الروح الأخيرة" نكبة أخرى يا جواد، نكبة جديدة، تهجير جديد، جرائم جديدة، وعالم أغلق أذنيه، ودفن رأسه بالرمل، وأوصد كل الأبواب، ورفع الجدران... أما نحن فلن نلدغ من جحر مرتين، وليفهم هذا العالم أنا باقون... فوق الأرض، تحت الأرض... لا يهم، المهم أننا باقون. نم قر
صباح الياسمين
صباح الياسمين لن ألقي بمفردات اللغة جزافاً ॥ ولن أسجل تواريخاً وهمية لا قيمة لها ولا معنى ॥ ولن أقول أيضاً من هنا فليكتب التاريخ أول حروفه ومن هنا فلتُسطر جميع العناوين ॥ سأدع اللحظة تكتب نفسها بنفسها .. تكتب نفسها بياسمينها وصباحها الذي أمطر يوماً بالياسمين . كان يوماً من أقصرأيام العمر .. يزحف ليله البارد على نهاره المشمس فيقضم منه كل ما هو عذب وجميل ومشرق ودافىء .. كان يوماً وجلاً .. مترقباً .. زاحفاً يحمل عبء الأيام على كتفيه ويجر سنين العمرعلى عضلات قلبه .. كان يوماً مهملاً .. مغفلاً من حسابات البشر .. معلقاً على جدائل النسيان .. مطروحاً من جميع ثمار الحياة وفاكهة الصيف المنتظر .. تناولته بيد ترتجف من البرد وقلب مات قلبه منذ دهر .. كان هناك ينتظر على رف من رفوف مسجاة طالتها عنوة براثن الهجر في مفكرة هذا الزمان .. وألقيت إليه دون أن ألتفت إلى ملامحه إن كانت تراني وأنا ألقي إليها بعضاً من الكلمات الباردة .. تمتمات شاردة من ذيل ليلي الذي يغمره صقيع الوحدة والضجر وتكسو أشجاره ثلوج الارتياب من كل ما هو مشع وبراق . لم أكن أدري أن الياسمين له أوراق كباقي الزهر .. لم أكن أدري أن الياسمين
تعليقات
إرسال تعليق