كعكة ليلة الميلاد
كعكة ليلة الميلاد
ليلة الميلاد هذه الليلة تشبه ليلة الميلاد من كل عام .. نضيء فيها الشموع الباهتة .. نزين شجرة الخسائر .. ونتجرع كؤوس الهزيمة المرّة كأساً بعد كأس .
لم نعد نستطعم لسعة المرارة في حلقنا .. بعد أول كأس طعم المرارة يشبه بعضه .. لا يهم أبداً كم دُلق في هذا الجوف اليابس من كؤوس .. تماماً كما هي دون الصفر لا تهم عشوائية الأرقام .. عشوائية الأصفار .
الليلة سنحتفل بانقضاء عامنا هذا .. سنضيء السماء بالشموع السوداء .. وسنصفق لجراح العام المنصرم .. وندعو لها بالشفاء العاجل .. وسنجتمع حول مائدة الهزائم لنتقاسم الغنائم التي جادت بها مخالب السلطان .
الليلة سنقتسم الكعكة أيضاً .. وكعادتنا في كل عيد سنجد أن الأنامل الناعمة جداً قد سبقتنا فامتدت بسكينها الحاد الخطا واقتلعت لها جزءاً من كعكتنا .. لا يهم حجم هذا الجزء .. صغيراً كان أم كبيراً !
لم نعد نسأل .. لم تعد تعنينا هذه التفاصيل الصغيرة .. المهم أنها أخذت حصتها من كعكة ميلادنا وتركت لنا ما تبقى تحت أظافرها .. كي نلعقه .. ونتشدق فيه .. ثم نتلو له ولها صلوات الشكر في كل ليلة ميلاد .
نجتمع في مطلع كل عام .. في كل ليلة ميلاد .. نبكي على أحزاننا .. ومن أوجاعنا .. نبتلع ضعفنا وجبننا .. ونصّب جام غضبنا على بعضنا .. ثم نلتهم ما تبقى من الفتات وندعو للسلطان بطول البقاء .
في كل ليلة ميلاد ندعو على تلك الأنامل الناعمة بالكسر إن امتدت مرة أخرى في حلوقنا وانتزعت ما تبقى من لوزنا وعلقتها في متاحفها كذكرى لأمة اعتادت أن تهب لوزها مع ما تبقى من كعكة كل عام ..
أمة أبت إلا أن ترفع سيفها في وجه كعكة الميلاد لتقطعها إرباً إرباً قبل أن تغرز هذا السيف في صدر أحد الأحبة كأضحية اعتادت أن تجود بها في كل عام قرباناً للأنامل الناعمة جداً علها ترضى عنها فتزين لها صدرها بنيشان البطولة .. وتسجل اسمها في لائحة النبلاء .
تعليقات
إرسال تعليق