مطر ووعود عنترة

مطر .. ووعود عنترة !
"ولقد ذكرتك والرماح نواهل مني وبيض الهند تقطر من دمي "
أنا وأنتَ يا عنترة مرة أخرى في رياض هذا البيت من الشعر الذي يسكننا ونسكنه كوطن .. ويعيش فينا ونعيشه كحياة .
ما الذي أحضرك يا عنترة في بالي .. وما الذي أحضر معك بيض الهند من ديارها لتقطر من دمي أنا .. مع أن ما يدق نوافذ القلب هو حبات بريئة من المطر الناعم .. فلماذا فرُّ إليك الخيال وإلى بيض الهند ومعلقات كنت قد خبأتها منذ زمن بعيد في أدراج الذكريات ؟
كلماتك لا تزال ترن في أذني " هزمتني العاصفة " قلتها وغبتَ .. وغبنا طويلاً ..
كانت العاصفة قد اجتاحت أفق ذلك المساء فأردته رمادياً ثم غسلته بوابل من زخات المطر حتى ذاب الرماد ثم ظهرت أنتَ وظهرت أنا وبضع قطرات بريئة من المطر تنسكب بهدوء الملائكة على زجاج تلك الليلة .
كيف أصبحت أماسينا باردة .. وحديثنا متكلف .. وأشواقنا تخلو من نكهة " الهيل ".. وحضورنا يشبه حدائق الورد الاصطناعي ..
لا أدري .
كيف أصبحتَ لا تروي كالمطر .. ولا تسرُّ كالفجر.. ولا تمطر كالغيم .. ولا تزهر كالربيع ..
لا أدري .
لكنّي اليوم مع أول دقات لحبات المطر على نافذتي وجدتك تحتلني مرة أخرى .. وتزهر في أعماقي كالربيع .. وعادت أغنيتك الشتوية تدندن في قلبي .. وسمعت مطر تلك الليلة يدق الأبواب من جديد .. وصوتك يرتجف في الخارج " هزمتني العاصفة "
ليتها تهزمك الليلة وتأتي ..
ليتك تأتي ويأتي معك ذلك الماضي البعيد ..
ليتك تحتلني من جديد
لنسمع أغنيات المطر معاً
وننتظر الفجر معاً
ونقطف ورود الربيع معاً
وأعدك بعدها أنني لن أغيب .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لروحك السلام أخي الحبيب جواد البشيتي

سَوْرَةُ الأبجدية الضالة

حروف متمردة