دفاتر الأيام .
دفاتر الأيام
على رسلك أيتها الأيام فأنا جديدة العهد بك .. عمري لا يتجاوز بضعة عقود من الزمن .. وأنتِ أثقلت كاهلي وألقيتِ على كتفي عباءة جميع الفصول .. أصبَحت غيوم الخريف تظلل سماء فكري وأمطار الشتاء تهطل بغزارة من قلب أحداقي ورياح الربيع تعصف بآمالي وأحلامي وقيظ الصيف يشعل فتيل قهري وسخطي .
وأنا أقف مكتوفة الأيدي أرفع مظلة بالية في وجه الفصول الباردة .. في وجه الفصول الجامدة .. في وجه جميع الفصول التي ثبتت أقدامها فوق رأسي ..
لا أرض خضراء أغرس فيها بتلات خطاي .. لا بحر هادىء ينعش أجنة آمالي التي تحتضر بين يديِّ الآن .. ولا أفق واسع تسافر إليه طيور أحلامي .. فأين أذهب أنا وهذه المظلة التي تهددني كل لحظة في الانتحار .
الحياة جميلة .. هكذا قالوا لي .. هكذا كتبوا أو كذبوا عليَّ في أول صفحة التقيتها من صفحات أو صفعات دفاتر الأيام ..
استمتعت في قراءة الكذبة فقلبت على عجل بقية الصفحات .. أخذَت ألوانها تبهتُ أمام ناظريَّ .. فاعترتني دهشة الطفل حين يفقد بريق الألوان .. أين ذهبت ألوان الطيف التي كنت أطاردها كفراشات حالمة في سماءات المنام ؟
ورضخت لواقع الألوان ..
فالحياة جميلة أيضاً بأبهت الألوان ..
وعدت للقراءة تحت وطأة الاستسلام ..
بدأت تغيب عن نوافذ الشم عطور الياسمين وأريج البرتقال وعبق الزعتر .. كيف أستشعر الوطن بقلبي إن غابت عني روائحه ..
ترى هل مات الوطن ؟
الوطن يرقد بسلام أو باستسلام .. والروائح بعثرتها ريح غاضبة عصفت بخيام الشتات .. الوطن موجود لم يمت .. لكن روائحه هي التي ماتت على شطآن المنافي !
أنهكتها طول المسافة بين قلب الوطن وفكره .. فذبلت أكاليل الياسمين على رأس العروس وهي تنتظر عرساً لا يحين وعريساً لا يأتي .. نُسيَّ معلقاً .. مهمشاً على لائحة الانتظار أو الانكسار ..
وعدت للقراءة مجبرة فقد أصبحتُ في منتصف الطريق وعليَّ أن أكمل هذا المشوار ..
الحياة جميلة هكذا قالوا لي .. هكذا كذبوا عليَّ في بداية المشوار ..
أصبَحت الصفحات تقلب عنوة عني .. تخدرت أناملي .. تاه بصري .. تشتت فكري ..
أين ألوانك أيتها الحياة كي تسعفني ؟
لا أبيض الثلج هنا ولا أسود الموت هنا .. لا لون المطر ولا لون الشجر ولا لون الورد هنا ..
أين روائحك يا وطن تجذبني .. فقدت الجاذبية على أرض الأخوة .. فقدت الجاذبية على أرض الأحبة .. ألف علامة استفهام تدور طواحينها في رأسي .. وصفحات مبهمة .. وأخرى ذابت سطورها وطليت عناوينها .. وصفحات حاولت بما أملك من حب ومداد شحيح أن ألون بياضها فبقيت رمادية تقتل جميع الألوان ..
كيف أكمل قراءة دفتر أيامي ؟
لقد فقدت اللغة .. أين أجد لغة أبائي وأجدادي ؟
أين أجد لغة القدس العتيقة تغريني بكوب من العسل ينداح على شرفات المرار ؟
أين أجد أغنية أمي العتيقة وهي تهدهد لي سرير الطفولة على مشارف الكهولة وخرائط الانتهاء ..
كل من حولي أغراب ..
ينطقون لغة جديدة .. لغة غريبة .. لا أعرف رموزها .. لم تكن موجودة في تلك الصفحات ؟
والفصول تبدلت من حولي .. ما عادت أمطار الشتاء تغسلني وتمحو ضباب ناظريَّ .. ولا عادت رياح الربيع تنقل إليِّ إلا الأوبئة والأمراض .. ما عاد الخريف خريفاً متموجاً .. صاخباً .. يعدني بمواعيد من مطر وأمسيات حب خلف نوافذ الليل ..
ولا عاد الصيف يستقبل إلا المطرودين من الشتات ..
فأين أذهب ومظلتي تسبقني للموت .. لقد ملت من انتظاره على الأبواب
أين أذهب يا دفاتر الأيام ..
أين هي تتمة الصفحات يا دفاتر الأيام ؟
على رسلك أيتها الأيام فأنا جديدة العهد بك .. عمري لا يتجاوز بضعة عقود من الزمن .. وأنتِ أثقلت كاهلي وألقيتِ على كتفي عباءة جميع الفصول .. أصبَحت غيوم الخريف تظلل سماء فكري وأمطار الشتاء تهطل بغزارة من قلب أحداقي ورياح الربيع تعصف بآمالي وأحلامي وقيظ الصيف يشعل فتيل قهري وسخطي .
وأنا أقف مكتوفة الأيدي أرفع مظلة بالية في وجه الفصول الباردة .. في وجه الفصول الجامدة .. في وجه جميع الفصول التي ثبتت أقدامها فوق رأسي ..
لا أرض خضراء أغرس فيها بتلات خطاي .. لا بحر هادىء ينعش أجنة آمالي التي تحتضر بين يديِّ الآن .. ولا أفق واسع تسافر إليه طيور أحلامي .. فأين أذهب أنا وهذه المظلة التي تهددني كل لحظة في الانتحار .
الحياة جميلة .. هكذا قالوا لي .. هكذا كتبوا أو كذبوا عليَّ في أول صفحة التقيتها من صفحات أو صفعات دفاتر الأيام ..
استمتعت في قراءة الكذبة فقلبت على عجل بقية الصفحات .. أخذَت ألوانها تبهتُ أمام ناظريَّ .. فاعترتني دهشة الطفل حين يفقد بريق الألوان .. أين ذهبت ألوان الطيف التي كنت أطاردها كفراشات حالمة في سماءات المنام ؟
ورضخت لواقع الألوان ..
فالحياة جميلة أيضاً بأبهت الألوان ..
وعدت للقراءة تحت وطأة الاستسلام ..
بدأت تغيب عن نوافذ الشم عطور الياسمين وأريج البرتقال وعبق الزعتر .. كيف أستشعر الوطن بقلبي إن غابت عني روائحه ..
ترى هل مات الوطن ؟
الوطن يرقد بسلام أو باستسلام .. والروائح بعثرتها ريح غاضبة عصفت بخيام الشتات .. الوطن موجود لم يمت .. لكن روائحه هي التي ماتت على شطآن المنافي !
أنهكتها طول المسافة بين قلب الوطن وفكره .. فذبلت أكاليل الياسمين على رأس العروس وهي تنتظر عرساً لا يحين وعريساً لا يأتي .. نُسيَّ معلقاً .. مهمشاً على لائحة الانتظار أو الانكسار ..
وعدت للقراءة مجبرة فقد أصبحتُ في منتصف الطريق وعليَّ أن أكمل هذا المشوار ..
الحياة جميلة هكذا قالوا لي .. هكذا كذبوا عليَّ في بداية المشوار ..
أصبَحت الصفحات تقلب عنوة عني .. تخدرت أناملي .. تاه بصري .. تشتت فكري ..
أين ألوانك أيتها الحياة كي تسعفني ؟
لا أبيض الثلج هنا ولا أسود الموت هنا .. لا لون المطر ولا لون الشجر ولا لون الورد هنا ..
أين روائحك يا وطن تجذبني .. فقدت الجاذبية على أرض الأخوة .. فقدت الجاذبية على أرض الأحبة .. ألف علامة استفهام تدور طواحينها في رأسي .. وصفحات مبهمة .. وأخرى ذابت سطورها وطليت عناوينها .. وصفحات حاولت بما أملك من حب ومداد شحيح أن ألون بياضها فبقيت رمادية تقتل جميع الألوان ..
كيف أكمل قراءة دفتر أيامي ؟
لقد فقدت اللغة .. أين أجد لغة أبائي وأجدادي ؟
أين أجد لغة القدس العتيقة تغريني بكوب من العسل ينداح على شرفات المرار ؟
أين أجد أغنية أمي العتيقة وهي تهدهد لي سرير الطفولة على مشارف الكهولة وخرائط الانتهاء ..
كل من حولي أغراب ..
ينطقون لغة جديدة .. لغة غريبة .. لا أعرف رموزها .. لم تكن موجودة في تلك الصفحات ؟
والفصول تبدلت من حولي .. ما عادت أمطار الشتاء تغسلني وتمحو ضباب ناظريَّ .. ولا عادت رياح الربيع تنقل إليِّ إلا الأوبئة والأمراض .. ما عاد الخريف خريفاً متموجاً .. صاخباً .. يعدني بمواعيد من مطر وأمسيات حب خلف نوافذ الليل ..
ولا عاد الصيف يستقبل إلا المطرودين من الشتات ..
فأين أذهب ومظلتي تسبقني للموت .. لقد ملت من انتظاره على الأبواب
أين أذهب يا دفاتر الأيام ..
أين هي تتمة الصفحات يا دفاتر الأيام ؟
تعليقات
إرسال تعليق