لحن الغرباء .

لحن الغرباء
احذر يا قلب؛ فهذا اللحن يصدح من ناي الغرباء... إنهم بارعون بالغناء، ويجيدون العزف على أوتار القلوب، ورفع القبعات في حضور الحسان، وإلقاء الابتسامات العذبة، وغزل الكلام المعسول، ونثر الورود في دروب المارين.
أنا لم أمرُّ بساحة الغرباء، لم أتلصص على طقوسهم في الحب وتعاويذهم العشقية، لم أسترق السمع إلى موسيقاهم التي لطالما أسرتني وتسللت إلى قلبي في لحظات المساء؛ فأركض إليك... أبحث عنك في صحراء العمر كي تمحي ما علق بقلبي من فرح وانبساط.
أنا لم أذهب إليهم؛ فهم في عرف مملكة الرماد من المحرمات، وقلبي لن يسكنه الغرباء، وإن كان غناؤهم وعزفهم ساحرًا للبِّ، لكنه لن يمس قلبي ولن تستنشقه رئتاي.
هم من مروا خلسة  ببابي... فتحوا بغنائهم الشجيِّ نوافذ الصباح، وألقوا بأكاليل الياسمين على قلبي، وعزفوا ألحانًا مسحورة كتلك التي كنا نسمع عنها في قصص الناي الحزين، والغابة المسحورة، وبلاد الثلج التي لا تموت فيها الورود، ولا تذبل فيها الألحان.
احذر الناي الحزين يا قلبي واحذر معزوفاتهم المسحورة؛ طريق الغرباء ليست طريقنا، نتيه فيها ولا نجد من يعيدنا إلى مملكة الرماد، الحضن الذي نختبئ فيه كلما دق القلب، تمرد، أعلن العصيان... إلى أن تهدأ العاصفة فنخرج تماثيلًا  حجرية من قلب الرماد.
احذرهم إن حنت المشاعر لتعويذة حب ساحرة من بلاد الجان؛ فقد يتمرد عليك القلب، ويغيب معهم في ألحان المساء، وتفقد طريق العودة إلى مملكة الرماد.



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لروحك السلام أخي الحبيب جواد البشيتي

حروف متمردة

سَوْرَةُ الأبجدية الضالة