وردك لن يذبل يا طلعت .

وردُك لن يذبل يا طلعت .

وردٌ له الميساء " "
( إلى ميساء البشيتي )
شعر : طلعت سقيرق
ذاك الصباحُ قصيدةٌ غراءْ
هي في عيون الوقتِ أغنيةُ
العطاءْ
ميساء في ورد النشيدِ
وبالهِ
تمضي إلى زهر الربيعِ
فينهضُ الوعدُ المحمل بالندى
يزدانُ بالشعر الجليل ويرتدي
أفقَ الصفاءْ
وردٌ لهُ الميساءْ
***
هيَ في زمان الخير بحرٌ
زاخرٌ
هي في الصباح الحلو
أروعُ بسمةٍ
جمعتْ منَ الشمسِ الصفاءْ
جمعتْ من البحر العطاءْ
وتألقتْ بدرَ النقاءْ
هيَ غرّةُ الخلـُقِ الجميلِ
وقامةُ الزمن النبيلِ
وزهرة الأمل الأصيلْ
يزهو الزمان بأنها
عطرُ الصفاءْ
وردٌ لهُ الميساءْ
***
قومي إلى باب الندى
قومي إلى هذا المدى
ردي الصباح إلى الصباحْ
ردي السماح إلى السماحْ
وامشي إلى بحر الضياءِ
قصيدةً لا تنحني
كفاك من شجر النهارْ
كفاك للزمن الجميلِ بطهرهِ
أحلى انهمارْ
قومي إلى باب الندى
ردي الصفاء إلى الصفاءْ
هذا المدى
وردٌ لهُ الميساءْ
16/8/2009

وأجهش بالبكاء ..
ويجهش معي قلبي ..
كم حصد الموت من أحبة لنا ..
بالأمس أبي
وبعد الأمس أنت
وعلى ضفاف الموت تركنا الكثير
قدمنا للموت جميع القرابين ..
ولم يكتفِ الموت ..
الموت لم يكتفِ .. ولا يزال كأسه ثملاً مترنحاً يبحث عن المزيد ..
كؤوس الشعر يا طلعت تنعيك ..
كؤوس الشعر يا طلعت تبكيك ..
كؤوس الشعر يا طلعت ترثيك ..
تقول : كان هنا لغاية الأمس ..
كان هنا .
هذا الذي كان هنا في الأمس
كان ينسج كل دقيقة قصيدة ..
وكان يقف على شباكك يا حيفا طويلاً
وينادي :_
يا حيفا .. يا حيفا ..
أنا قادم إليك فانتظريني ..
وحيفا تنتظر ..
وشباك حيفا ينتظر ..
وأسوار حيفا تنتظر ..
والقصيدة على شفة الكأس تنتظر ..
والشاعر أخذ هدنة طويلة من الحياة ..
ومن كأس الشعر ..
ومن عيون القصيدة ..
ومن الانتظار ..
كان الموت في انتظاره عند عقب الباب ..
فأصبحت حيفا ثكلى ..
وأصبحت القصيدة يتيمة ..
وأصبحت الحروف حبلى بالدموع ..
القصيدة تبكيك يا طلعت ..
القصيدة المدورة تبكيك يا طلعت ..
وحروف القص القصير ..
ورسائل في مهب العمر تنتحب على حافة العمر ..
من يكفكف الدمع يا هدى ؟
من يسكت نافورة الدموع التي انفجرت قبل عقود ؟
ردي علينا يا هدى ..
من يسكت كل هذه الدموع ؟
حيفا تبكيك يا طلعت ..
وقصيدة تراود نفسها في تلك الليلة الظلماء
خنقتها أصابع القدر ..
ماتت في حنجرة الشاعر قبل أن تنتشر
مع أشعة الشمس ..
القصيدة تلك تبكيك يا طلعت ..
القصائدة التي خبأتها عن عين الشمس
والتي غازلت فيها خلسة عيون القمر
والقصائد التي سافرت مع الحمام الزاجل وركعت عند ركبتي حيفا
والقصائد التي كانت تدور بين أصابعك كمسبحة
فتستقر في فؤاد الأم المكلوم ..
كل القصائد تبكيك يا طلعت المسافر جسداً
نحو ذلك المنزل البعيد ..
كل القصائد تبكيك يا طلعت ..
ودموعنا تبكيك يا طلعت ..
لم يجف دمعها بعد الفراق .. أصبحت هي تلك النافورة
التي اشتعل لهيبها قبل عدة قرون ..
يا طلعت .. يا طلعت ..
من يملأ لنا كؤوس الشوق والحنين ..
من يملأ لنا كؤوس الوعود الخضراء ..
ويروي سنابل الأمل ..
ويشكل عناقيد الحلم بالياسمين ..
من يملأ لنا كؤوس الصبر
بعد هذا الفراق الطويل ..
من يا طلعت ..
وكؤوس الشعر تنعيك وتبكيك وترثيك ؟
وهذه حيفا تمدُّ جدائلها إليك ولا من مجيب ..
وأسوارها تصرخ وتنادي ..
من يحررها ؟
وطلعت ليس هنا ..
طلعت طواه المغيب .
وهذه باقات الورد تصطف عن الشمال وعن اليمين ..
وطلعت الذي سكب الورد حروفاً في قصائده ..
ذبل الورد في حضن أمه ..
وما ذبل منك ورد القصيد ..
لا يزال شريان حبك ينبض في قلب تلك الوردة ..
ولا يزال الورد في قصائدك يعيش ..
ولو غيبتك الأيام ..
ما غيبت منك إلا الجسد ..
فطلعت الروح باق في قلب القصيد ...
وهذا الورد .. ورد طلعت أبى أن يغيب .
وردك لن يذبل يا طلعت.

___________________________________________


بمناسبة مرور أربعين يوماً على وفاة عميد نور الأدب الشاعر والقاص والناقد والصحفي الفلسطيني المقيم في سوريا الأستاذ طلعت سقيرق .. إلى جنات الخلد يا شاعر حيفا.



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لروحك السلام أخي الحبيب جواد البشيتي

حروف متمردة

سَوْرَةُ الأبجدية الضالة