المشاركات

عرض المشاركات من نوفمبر, 2025

بنكهة الزيتون في الذكرى الرابعة عشر لرحيل أمي

  بنكهة الزيتون في الذكرى الرابعة عشر لرحيل أمي  ليس صعبًا عليَّ أن أفتتح حديثًا معك يا أمي؛ فأنت في حضورك وفي الغياب تبقى نوافذك مشرعة للحب والكلام، تبقى أذنيك منصتة، حواسك متيقظة، تمرُّين بيد شفافة على الألم فيمحى، تلثمين الدموع قبل أن تسقط أرضًا وتفقد هويتها، تحتضنين كل هذا الأنين دون أن يكون هنالك شبر من جسد، تكونين كل الوطن حتى لو أصبحت حفنة من الرمل. لم أشك يومًا بأن رسائلي إليك تصل؛ فالحبل السري الذي يربطنا لم ينقطع بهذا الرحيل؛ بل بقيَّ نورًا سرمديًا يلف الأماكن والأزمنة إن اشتد الظلام حلكة أو تاهت منها بعض الدروب. لم أوافيك بالأخبار كعادتي القديمة؛ فالأخبار ثقيلة جدًا تكاد لا تحملها الشواهق  والجبال... لكننا راسخون كالقلاع يا أم، صامدون بوجه الريح والأعاصير... لكنها البراكين والزلازل غدرت بكل المواثيق والعهود، تنفجر في حليب الرضع وعكازات الجدود، تندلع نيرانها فتلتهم كل ما في الخيام من جلد ووتد، ومع ذلك فالأرض تحت أقدامنا صلبة ترفض أن تنفلق، والصخر ناشف يتشبث بنا بكلتا يديه ويحتضننا برفق، والسماء تمد إلينا أيادي الرحمة؛ تطبطب على فلذات أكبادنا، تلثم جراحنا، وتعدنا...