لماذا لم يدقوا جدار الخزان؟!

لماذا لم يدقوا جدران الخزان؟!

ماذا لو دقوا جدران الخزان؟

موت ثلاثة رجال في الشمس جعل السؤال يدق في آذاننا إلى هذا الوقت... ماذا لو فُتح الخزان وخرجوا منه أحياء يرزقون؟ ماذا لو أتموا سفرهم، وأكملوا حياتهم، وكبروا حتى بلغوا من العمر أرذله؟ ماذا لو عادوا أدراجهم، وقاوموا المحتل، وانتصروا، وحررت تلك البلاد؟

دق المعتقلون جدران الخزان، دق المرابطون في الأقصى جدران الخزان، دق المشردون من بيوتهم _بعد هدمها على رؤوسهم_ جدران الخزان... الحقيقة التي لا يراها أحد أننا لا نزال نقبع داخل الخزان، وندق الجدران، ولم يفتح أحد!

نبكي على ثلاثة رجال ماتوا بالشمس، حرقًا، خنقًا، عطشًا، خوفًا، موتًا بأي شكل من أشكال الموت البشعة لأننا لم نفتح عليهم الباب... وعلى الضفة الأخرى لا تزال البقية تموت داخل الخزان حرقًا، خنقًا، قتلًا، تعذيبًا، تنكيلًا، تقطيعًا، فرمًا، دهسًا، غيظًا، استفزازًا... دقوا جدران الخزان ألف دقة ولم يفتح أحد!

لماذا صمت رجال في الشمس ولم يدقوا جدران الخزان؟ هل لأنهم كانوا مكبلين بوحش اسمه الخوف من أن يُفتضح أمرهم، ويُفشى سرَهم، وتبوء مساعيهم بالفشل؟ أم لأنهم كانوا يحلمون، وينشدون أملًا عظيمًا، ويقينًا ثابتًا بأنه بذيل كل ليل حالك السواد فجر مشرق جميل يضيء الكون فيمحو كل ظلام دامس؟

بين مطرقة هذا الخوف، وسندان ذلك الأمل، تبخر فجرَهم، وغرقوا في عتمة الليل، وذهب ثلاثة رجال وراء الشمس! لكن البقية الباقية منهم هنا لم تذهب، صوت دق الجدران لا يزال مستمرًا، مسموعًا، عاليًا يَصُّم الآذان... ولكن لا أحد يفتح عليهم الباب!

ولأننا نحب أن ندور في فلك الأسئلة المبهمة، ونعشق الاستنكار والاستهجان، ونكره أن نواجه الأجوبة، أو أن نكلف أنفسنا عناء البحث عنها، ولا نعرف أو بالأحرى لا نريد أن نضع النقطة في نهاية الصفحة؛ سنأتي في الغد نتجمهر حول السؤال من جديد، نستنكر، نستاء، نشجب، نتساءل بسذاجة، نقضم أظافرنا بمرارة _حيث لا ينفع ندم أو حسرة_ لماذا لم نفتح عليهم باب الخزان؟!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لروحك السلام أخي الحبيب جواد البشيتي

سَوْرَةُ الأبجدية الضالة

حروف متمردة