بوابات الانتظار إلى الراحل , الساكن فينا " الشاعر طلعت سقيرق " أنا ما عرفتُ الانتظار يوماً إلا على بوابات القدس . أنا ما أغراني الانتظار في يوم , ولا اشتهيته , ولكنه جسر العودة جعلني بطيئة الخطا , حتى لا تقع أقدامي الصغيرة في نهر الأحزان , فتضيع مني خطواتي , التي هي وحدها من تعرف سرُّ الطريق إلى بيتي هناك . أنتَ , في غيابك الذي أمضغه على مضض , لأنه لا صباح له أنشره فيه على حبال الشمس , فيستلقي الوجع في دفءٍ , وتتسرب منه خيوط الوهن التي أثقلته , فيعود رشيقاً , زهو الخطوات , خفيفاً من الألم , فأبقى ألوك الوجع بين أضراسي , أخشى أن أبتلعه فيفقد بعضاً من ملامحه الثائرة , وأخشى أن أبقيه فأفقد ما تبقى لي من أسلحة أواجه فيها نفاد الصبر . غِبتَ , وتركت حيفا في الغياب تنتظر . حيفا تنتظر الشاعر الذي كان يرسل القوافي مع إحدى الغيمات المسافرة إليها كل صباح , فتعود إليه في المساء ممتلئة برائحة حيفا , وجدائل حيفا , وسحر حيفا , فينظم فيها ما يشاء من ورد القصيد , ويسدله على آخر الأشجار المغادرة إلى حيفا , ويودعها قبلاته الحارة , وبعضاً من وصاياه الأخيرة , ...
مللتُ تصفح الوجوه الغريبة، تفرس ملامح الخير وأواصر المحبة فيها، البحث عن ذاتي الضالة المضللة على حدودها وفي عواصمها.
مللتُ النظر إلى الصور المشوهة على جدران الحقيقة، واستنباط مواطن الخلل فيها، ولملمة ما تداعى من حروفها وإعادة تثبيتها.
من خاطرتي بين شفتي الكلام
يتبع
مللتُ ارتياد جزرِ الأحلام وانتظارِ مراكب السلام؛ علها ترسو على مرافئ قلبي اليتيمة فتجمع أنات التائهين من دروب الشتات، وتنثر عناقيد اللقاء على شرفات الغربة والاغتراب.
مللتُ البحث فيكَ، وطَرْقَ أبواب معالمك المجهولة، واختراق نبضات قلبك، والوقوف صنماً في طوابير المحبين على أطلال العشق والعشاق.
مللتُ إيقاظ الشعلة كل فجر تحت قِدْر الحجارة، وممارسة طقوس العبادة؛ كي ينفلق الصخر، وتنبلج منه عينا اللبن والعسل، وتتدفق من مآقيه انهار الخمر المعتق فتستحم فيها أردان الصبايا.
#بين_شفتي_الكلام
يتبع
مللتُ إعادة رسم ملامحك الباهتة، وتظليلها بألوان الطيف الوردي، ووضع يديِّ على مقتليِّ، والتصفيق بحرارة للخطب الباردة والأشعار المكررة.
ردحذفمللتُ استجداء قرص الشمس كل يوم كي يستدير لحظة تجاه خيمتي المنصوبة في العراء فيضيء ليلها ليغدو نهارًا؛ فشموع الفقر، والقهر، وخيبة الأمل، لا تضيء من خيمتي إلا العنوان.
مللتُ السِبَاحة في جزر بعيدة، والعوم في مياه غريبة، وزرع شرفات الاغتراب بالفلِّ والزنبق... إلى أن يتكلم الصخر في بلادي، ويضيء الحجر، ويتبختر الياسمين بأكف العرائس، وتشرئب أعناق الزيتون والزعتر.
مللتُ أواني الهذيان التي أنحتها عند كل اختناق؛ فأسكب فيها جمر هذياني قبل أن يصبح رمادًا، وأرشفها مرتين في اليوم... على الريق قبل الافطار، وعلى بوابات الحلم قبل النوم... وأرتلها تعويذة، أنشودة، لحنًا صاخبًا من أغاني الوجود والفناء.
#بين_شفتي_الكلام
ردحذفمللتُ من احتراقي بصمتي، واحتراقكَ بصمتك، مللتُ احتراق تلك النظرات الخرساء، وانتحار الكلمات كل صباح على لسانٍ صلدٍ وشفاه جرداء.
مللتُ صمتي ومللت هذياني، مللت تجوالي برًا وبحرًا وجوًا على أرصفة الكلام... أرغب ببعض الكلام يخرج من بين شفتيَّ... من بين شفتيِّ الكلام .
#بين_شفتي_الكلام