سأكتب إليك ...
سأكتب إليك ...
آن الآوان كي أكتب إليك , كي أفرج عن بعض الحروف المعتقلة في قلبي , وأرسلها إليك , في رحلة غيابك .
أنا لم أستعجل رحيلك , أنتَ من وضع النقاط على الحروف , أنتَ من أختار من القصيدة بيت وانزوى فيه , أنا لم أطردك من قلبي , أنتَ خرجت بملء إرادتك .
لا تعذبني أكثر , لا أحتمل نظرات العتاب في عينيك.
أنا لمستُ جرحك , وغُصتُ في أعماقه .. بقربي لن تشفى , لا بد أن ترحل .
كان قراري .. نعم , لكنها دوافعك , وأسبابك .
أنا لم أعتد فتح جراحك واللهو فيها , أنا لم أنقب عن سعادتي داخل جراحك , أنا لم أنبش جرحاً غائراً يبكي منذ سنوات .
أنتَ من فعل !
وأنا رأفتُ بحالك , أشفقت على جرحك الملتهب , فهو لا ذنب له في صراعاتنا .
أنا , وأنتَ , خطان متوازيان , لا يلتقيان !
أنتَ انحنيتَ لقلبي بملء إرادتك , أقدر لك ذلك , ولكنِّي لا أرضاه , ولا أستطيع أن أنحني لقلبك , ولن أرضى صبرك عليَّ , وانتظارك كي تمطر السماء بعضاً من أناشيد الحب , فأتقمص واحدة منها ,
أرتديها في حضورك , وأخلعها لحظة الغياب.
ومع كل هذا الغياب , أنا ما زلت أنتظرك حافية القدمين على حافة العمر , لم أفارق البحر لحظة , أنتظر رسالة من عينين بلون البحر , وصفاء البحر , وزهو البحر , أنا ما زلت هنا , رهن حضورك , لم أتغيب , لم أنزوِ , ربما شُبِّه إليك ذلك !
لكنني بذات الوقت لن أطرق أبواباً موصدة في وجه الريح , لن أصارع الريح يا هذا , أتفهمني ؟
وإن عُدتَ بالذاكرة جيداً , ستجد أنني صارعت الريح لأجلك مراراً , لكنني الآن , لم أعد أستطيع ترتيل صلوات الحب على مسامعك , وأنت لم تفهم , لم تفهم , ولن تفهم ذلك .
أنا لن أعيد دولاب الحياة كي أعرض إليك ما خلفَّته رياحك المجنونة التي هبت ذات شتاء عاصف , أهوج, فاقتلعت كل أزهار المساء .
شمعة واحدة لا تكفي لإنارة كل هذا الظلام , شمعة واحدة لا تكفي , وأنت ترتدي قبعة المجهول , وتتسكع في طرقات قلبي , وتنظم إليَّ الأشعار .
وعليَّ أنا أن أفتح نوافذي للشمس الحارقة , للرياح الهوجاء , بينما أنت تستظل بمظلة قلبي , تحت أقبية ضلوعي , وداخل مسامات جلدي .
هذا ليس عدلاً ..
لذا , أنا قررت .. إما أن نقف سوياً في وجه الريح , أو نختبىء سوياً من سيول الشتاء العارمة .. طالما ليس في الخلف متاريس لنا , سوى أبواب السراب !
والآن اهنأ بغيابك , وأنا سأهنأ بانتظاري لك , ولكني لن أسِّلم وجهي للريح كي تعبث في ملامحه , وتعيد ترتيبها كما أنتَ تشاء .
استودعك الله أنتَ , والقبعة , والمجهول , وتراتيل الحب, وصلوات العشق على بيادق الريح , وأبواب السراب .
تعليقات
إرسال تعليق