اللعبة

اللعبة
مهلاً أيها البحر .. أرجوك لا تغضب .. لا تزال اللعبة في بدايتها .. كيف تلقي بيَّ وبك إلى شواطئ العدم .. لا نزال أنا وأنتَ في أول جولة لنا فكيف ترمي بالقرطاس والقلم إلى لفائف الجمر ونحن لم نحتسِ قهوة الفراق بعد .. ولم تجافِنا النظرات المحمومة .. ولم تتجاهلنا القبل ؟
انتظر يا بحر فالمسافة طويلة جداً .. واللعبة على جمر القلب تتقد .. وأنا وأنتَ أتينا هنا بملء الرغبة .. وكتبنا على عين الشمس بجرأة الغجر .. فلا يزال الوقت مبكراً على الرحيل .. ولا يزال الوقت مبكراً على كل هذا الهدير ..
 انتظرني يا بحر فأنا لا أزال أدير دفة اللعبة نحو أصابع يدك .. وبعدها سيحترق قلبك ومن ثم عينيك .. وتذوب على حرارة الجمر تلك النظرات التي ثَملتُ منها حتى أوصلتني القبر .. وما جاءني منك الفرج وما نلت غير الصبر على أبواب الغدر ..
 انتظر يا بحر .. انتظر يا بحر ..
من تعرف من النساء أنتَ يا بحر ؟
كليوباترا ..
 شجر الدر ..
 بلقيس ملهمة الرسل ..
أم أفروديت إلهة الحب والجمال والسحر .. ؟
من تعرف أنتَ من النساء يا بحر .. وماذا تعرف عن كيدهن إذا بلغ السيل الزبى .. وقامت إليك أفروديت وألقت إليك بسلال من الحب ونازعتها في حبك جدائل بلقيس فكتبت في وصيتها الأخيرة أنك أنتَ لها رغم أنف أفروديت وما أرسلته وترسله إليك مع الحمام الزاجل من حميم القبل .
قلّ لي يا بحر هل التقيت كليوباترا في جاهها وعزِّها وتاجها وصولجانها .. هل رأيت كيف يركع السادة أمامها .. وكيف هي تغرق في هوى آخر .. بعيداً عن هوى القصور والنجوم .. وبعيداً عن كل هدير .. وبعيداً عن كل صخب يشبه صخب أمواجك المتلاطمة حين يثور في داخلك بركان الغضب ..
كليوباترا ماتت في مقبرة صمتها .. لكنها ماتت بعزٍّ .. لم تُهزم على أسوار الحب كباقي النساء الهزيلات حين يلقيهن الحب على أسوار العدم  .. ماتت بعد أن رسمت موتها بأشهى الصور .. كليوباترا لم تستجدِ حبك على أبواب أفروديت .. ولم تسترق السمع إلى همسكما المفضوح تحت نوافذ الليل .. وعلى أبواب القمر ..
 أنتَ يا بحر خائن ومفضوح وهديرك يُسمع من الجوزاء هذا إن جاز منها السمع .. ومع ذلك فكليوباترا فضلت أن تُطوى في مقبرة الصمت على أن ينعشها رحيق حبك ورذاذه العبق .
ماذا تعرف أنتَ عن كيد النساء ؟
 لا شيء لأنك لا زلت لعبة تتأرجح بين يديِّ العذراء والجوزاء وتدور بين ألسنة الأفعى والعقرب ..
 وشجر الدر تنظر إليك بازدراء فاضح ..
وكليوباترا تقول دعوه في النار يحترق ..
وأفروديت التي أغرتك بكلامها المعسول في الصباح والمساء وتحت أقبية السهر ..  تدور حول هذا الكون مئة مرة .. تنتقي من يعجبها .. وما يعجبها .. وفي المساء تشير بأصبعها إلى من علق في الغربال ..
ماذا تعرف عن كيد النساء أنتَ يا بحر .. ماذا تملك من كيد النساء أنتَ يا بحر ؟
 أنتَ لا تملك إلا هذا الهدير والصخب وعنقاً بارداً طويلاً أصرت شجر الدر أن تهديك إياه لكن بعد أن تقّطعه.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لروحك السلام أخي الحبيب جواد البشيتي

سَوْرَةُ الأبجدية الضالة

حروف متمردة