نغم من بلادي
نغم من بلادي الآن .. وبعد أن دُمرَّ بيت الكلام .. وأصبح الحضور فارغاً من غوايات العصافير .. وباقات الورود .. ورائحة القهوة .. وأغاني الصباح .. وشقشقة شمس الضحى .. أُعلن للسماء والأرض .. أن الكلام قد أصبح يتيماً على موائدنا .. في الماضي .. قبل ألف صورة من الآن .. رجوتك بحرارة المحب أن تأخذ صورك بعيداً عن عينيِّ .. لا أريدها أن تسرقني مني .. لا أريد لنظرات الشوق التي تهبُّ كجحافل النيران من عينيك أن تأسرني .. وأن تكبلني بأشعار تدندن بها نجوم السماء قبل أن ينطقها لسان قلبي .. اليوم .. بعيداً عن الماضي .. بعيداً عن تلك الصور .. وبعيداً عن عينيك .. وما علق فيها مني .. وفي هذا الحاضر .. الحاضر الخانق .. كل الصور باردة .. كل الصور باهتة .. لزجة .. ليس لها رؤوس .. لها فقط أذناب وأصابع .. حضورك اليوم أصبح بلا معالم .. ملامحك يكسوها دخان المعارك .. صوتك عويل السبايا .. كلامك جعجعة حروب .. لكنِّها حروب ساقطة .. أسقطها التاريخ من دفاتر أيامه .. قال عنها في حديثٍ له عبر الهاتف .. أنها مجرد صولات وجولات بين ذراعيَّ المحارب .. هيَّ ليست غزوات لفتوحات أو انتصارات...