فقط .. لمن يريد أن يستمع !


فقط .. لمن يريد أن يستمع !
أنتظر الأعياد بلهفة المشتاق ، بفرحة طفل صغير ينتظر العيد على باب الدار ، أعدُّ للأعياد قلباً معطراً بالفرح ، وأمانيَّ لا حصر لها ،  بدءاً من الأمن والآمان ، وانتهاءً بالسلم والسلام ، وأحلم بالعيد دون أن أكترث عيد من ، ولمن ، بما فيه العيد الوطني وعيد العمال .
وفي كل عيد أجلس وحيدة ، أترقب من يقرع الباب ، ....... ولا أحد ، أتذكر أغنية قديمة تقول : " ما في حدا , لا تندهي ما في حدا " ، أطوي صفحة العيد بحزن وملل ، ومع ذلك في كل موسمٍ للأعياد ، أقف في الباب ، وأنتظر العيد بلهفة المشتاق !
عام جديد يهلُّ علينا ، أفرح أنا بالعام الجديد ، وأبدأ برسم خريطة حلم جديد ، يليق بهذا العام ، وما أن ينتصف الليل ، وتعلن ساعة الوقت ، أننا دخلنا بسلام العام الجديد ، حتى تحلُّ بيَّ حالة غريبة من الكآبة الممزوجة بالحزن ، والقهر ، والسخط ، والغضب ،
ماذا يعني عام آخر جديد ؟
يعني الكثير ، وهذا ليس تحاملاً مني على العام الجديد ، وليست مبالغة ، أو سرد عبارات لا يحتملها النص ، هدفها السامي تعكير أجواء الصفو  في العام الجديد .
في العام الجديد ، كبرنا .. فما عادت تنطلي علينا حيَّلُ الكبار ، وأكاذيبهم البيضاء ، من أن الفقر أكثر نبلاً ، والثراء ولد  في أرض ملعونة ، والسماء تغدق  بالمطر فقط على الأراضي الجدباء .
 في العام الجديد ، تكاثرت أعدادنا ، فكثرت الخيام  ، وتمزقت أوصالها من التضخم ، وأصبحَ  لها جيوباً ، وأخذت تجرُّ خلفها أذيالاً ، وتعلَمت كيف تبسط يدُّها للمطر ، إن فاجأها الظمأ !
وفي العام الجديد  ، هرمنا ، فلم تعد خيامنا  قادرة على التصدي بصدرها العاري ، وثوبها الممزق ، لموجات البرد ، والثلج ، والصقيع .
وأصبحنا أكثر هشاشة ، فكل نشرة أخبار تبكينا ، وصور المجازر تستنزف طاقات الأمل فينا ، من حياة أصبح نصفها الملآن دماء ، ونصفها الفارغ تهديد بالفناء !
أصبحنا أكثر حساسية ، فلم نعد نحتمل أكثر من وجهة نظر ، لم نعد نستوعب فكرة الرأي ، والرأي الآخر !
وليس لدينا القدرة على تخيُّل أنه يوجد في هذا العالم من لا ينتمي إلى وجهة نظرنا !
أصبحنا أكثر عدوانية ، فالسلام بين الأخوة بالبندقية ، والتحية بين الجوار بالرصاص ، والويل الويل لمن يقف على نافذة الصباح ، يغازل وردة الجوار .
أصبحنا أكثر أميِّة ، فلا طالبٍ للعلم ، ولا ساعٍ إلى حقول الثقافة ، ولا منتمٍ للفنون ، ولا قارعٍ لطبول الماضي العريق ، ولا مستهلٍ إلا بالسلاح !
أصبحنا أقل آدمية ، وأكثر وحشية ، أصبحنا أقل إنسانية ، وأكثر شيطنة من الشيطان ، أصبحَ ينطبق علينا المثل القديم الجديد المتجدد " جيل  بعبع "  ، " يأكل ولا يشبع ، تنادي عليه ولا يسمع ،  يذهب ولا يرجع "
نحن قد ذهبنا  ، ولم نرجع ! وما يتحرك منا على هذه الأرض ما هي إلا أجسادنا ، لكنها خالية من أرواحنا ، أرواحنا التي ذهبت ضحية الظلم ، وما بقيَّ على الأرض ، هي أشباح الظلم ، والظلام  .
وأبشع أنواع الظلم ، أن يظلم الإنسان نفسه ، فيكسر المرآة التي تعكس بشاعته ، ظناً منه أنه يواري هذه البشاعة ، ولا يدرك أن العالم يرى كل هذه البشاعة بمرآة أكبر  !
في مستهل العام الجديد ، دعونا نتطهر من جهلنا ، من أنانيتنا ، من إفراطنا في الظلم ، من إسفافنا لكل الحقائق ، من التسليم بأن الخطأ وارد ، لأن الاستمرار في الخطأ جريمة لا تغتفر !
دعونا نعيد  الدم إلى العروق ، وإلى الوجوه ، وإلى شرايين الحياة  ، وليس إلى الشوارع  ، والأزقة ، وأبواب المخيمات !
دعونا نغلق بالشمع الأحمر خيام العزاء ، فالحياة للجميع ، وليس من حق أيٍ كان ، أن ينهيها ، وعلى طريقته .
وكل عام وكلماتي ليست ثقيلة على أحد !
ولتحل علينا البركة ، والخير ، والأمن ، والآمان ،
 إذا شاء الله .





تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لروحك السلام أخي الحبيب جواد البشيتي

سَوْرَةُ الأبجدية الضالة

حروف متمردة