همسة في أذن أبي .


همسة في أذن أبي
إلى روح أبي الطاهرة .. همسة في أذنك يا أبي .. لو جاءت بعد الرحيل .. لكني متأكدة أنها ستصل ..
ما نسيت .. ولا يمكن أن أنسى .. ومن قال أنني تمرُّ عني ثانية لا أذكرك فيها بالخير .. أو أتذكرك ..
كل يوم أنتَ معي .. حين أصبح وحين أمسي .. قبل أن أنام .. وحالما أفيق من نومي .. صورتك أمامي .. وبقلبي وفكري وخيالي ..
أسأل نفسي كثيراً هل وفيتك حقك ؟
بالطبع لا .. مقصرة كنت معك .. ولن أسوق على ذلك الحجج .. أتذكر كيف كنتَ دائماً إلى جانبي .. لم يمنعك تعب أو يثنك إرهاق من العمل .. أن تكون دائماً إلى جانبي وإلى جانب أسرتي الصغيرة ..
وأتذكر كيف لقبتك طفلتي دينا ب " وليّ العهد " .. كانت دائما ترددها على مسامعنا  " سيدو وليّ العهد " لأنك كنت دائماً معنا .. ولطالما سهرت على راحتنا وأنت متعب .. ولطالما أتعبناك وأزعجناك وحملناك فوق طاقتك .. ومع ذلك كنت سعيداً جداً .. وكانت فرحتك لا تكتمل إلا حين ترانا نجتمع .. ونتحولق من حولك .. ولم أكن أسأل نفسي ساعتها .. هل كانت شقاوتنا تزعجك ؟
لم يكن يخطر ببالي أننا قد نكون نزعجك .. بل كنت أتخيل أننا سرُّ سعادتك .. حتى لو أتعبناك أو أرهقناك أو أزعجنا نومك أو أخذنا من وقت راحتك الكثير .. لم نكن ننتبه إلى أوقات راحتك .. كنا نقتحم حياتك كل ثانية .. وكنت في كل ثانية على أتم الاستعداد لاستقبالنا واستقبال شقاوتنا وإزعاجنا ..
بكيتَ أنتَ .. بكيتَ ولأول مرة أراك تبكي في حياتك .. حين حملت حقيبتي وأسرتي وسافرت .. ولم أفهم سرُّ بكاءك في حينها .. وقبل رحيلك بشهر أخبرتني والدتي رحمة الله عليها أنك بكيتَ مرة أخرى  .. لأنني كنتُ بعيدة عنك .. كنت ُفي غربة .. وكنتُ وحيدة .. قلت لها بالحرف الواحد " قلبي على ميساء لأنها في الغربة لوحدها " ..
وأيضاً لم أفهم ..
رحلتَ دون أن أقبل جبينك الطاهر ..
دون أن ألثم يديك العامرتين بالحب والدفء والحنان ..
 ولم أفهم ..
والآن فهمت .. وندمت .. حيث لا يجدي فهم أو ندم ..
إلى رحمة الله يا أبي العزيز .. إلى رحمة الله يا والدتي العزيزة ..
 ربنا يجعل مثواكما الجنة .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لروحك السلام أخي الحبيب جواد البشيتي

حروف متمردة

سَوْرَةُ الأبجدية الضالة