المشاركات

عرض المشاركات من مايو, ٢٠١٢

اللعبة

اللعبة مهلاً أيها البحر .. أرجوك لا تغضب .. لا تزال اللعبة في بدايتها .. كيف تلقي بيَّ وبك إلى شواطئ العدم .. لا نزال أنا وأنتَ في أول جولة لنا فكيف ترمي بالقرطاس والقلم إلى لفائف الجمر ونحن لم نحتسِ قهوة الفراق بعد .. ولم تجافِنا النظرات المحمومة .. ولم تتجاهلنا القبل ؟ انتظر يا بحر فالمسافة طويلة جداً .. واللعبة على جمر القلب تتقد .. وأنا وأنتَ أتينا هنا بملء الرغبة .. وكتبنا على عين الشمس بجرأة الغجر .. فلا يزال الوقت مبكراً على الرحيل .. ولا يزال الوقت مبكراً على كل هذا الهدير ..   انتظرني يا بحر فأنا لا أزال أدير دفة اللعبة نحو أصابع يدك .. وبعدها سيحترق قلبك ومن ثم عينيك .. وتذوب على حرارة الجمر تلك النظرات التي ثَملتُ منها حتى أوصلتني القبر .. وما جاءني منك الفرج وما نلت غير الصبر على أبواب الغدر ..   انتظر يا بحر .. انتظر يا بحر .. من تعرف من النساء أنتَ يا بحر ؟ كليوباترا ..   شجر الدر ..   بلقيس ملهمة الرسل .. أم أفروديت إلهة الحب والجمال والسحر .. ؟ من تعرف أنتَ من النساء يا بحر .. وماذا تعرف عن كيدهن إذا بلغ السيل الزبى .. وقامت إليك أفروديت وألقت إليك

شرق جهنم

شرق جهنم "   هنا أو هناك أو شرق المتوسط مرة أ خرى   "     عنوان ليس لي .. أو ربما كان لي .. ربما كان   أنا أو أنت .. ربما كان   " عبد الرحمن منيف "  كاتب هذه الرواية   .. مؤلف هذه الرواية .. ربما كان يقصدك في الحرف الواحد .. ربما كان يقصدني أنا .. ربما كان يقصد كلينا .. ربما   لم يقصد أحداً فينا .. هذا العالم مليء بأشباهي وأشباهك وأشباهه . هنا أو هناك أو في أية رقعة من هذا الوطن العربي أنت فلسطيني .. وهذه في حد ذاتها ليست صفة إنما قد تعتبر جريمة .. وجريمة لا تغتفر .. هناك خلف المحيط إن جاز لنا القول     " المتهم بريء حتى تثبت إدانته ".. هذا عن المتهم لكن عن الفلسطيني فالوضع مختلف تماماً فالفلسطيني متهم ومتهم ومتهم حتى ولو لم تثبت إدانته .. الهروب خلف المحيط خطأ فادح .. الهروب إلى حضن الوطن والاحتماء فيه ممنوع لأنك فلسطيني .. التفيؤ في ظلال الليمونة عوضاً عن التفيؤ في ظلال الزيزفون ممنوع أيضأ .. وأن تحمل   ليمونتك العتيقة ذات الرائحة الزكية على ظهرك وترحل بها فذلك ممنوع أيضاً وأن ترسل في إثر عبقها وتستدعي رائحتها الليمونية في أحلامك فهذ

على حافة الوطن

على حافة الوطن على حافة الوطن .. قبور لعظماء ورموز تحت الثرى .. أعلام منكسرة وجرح أعمق من حفرة الانهدام . على حافة الوطن .. أوتار عزفت نشاز العالم بأسره وغربان بثياب الحمائم ترقص حول أهازيج الفرح وطبول تدق لنفير كان الآن موعده ..   وأجل لغير أجل . على حافة الوطن .. وجوه تشبه وجوه أخوتي .. ما عدت أميزها ولا أستطيع قراءة ملامحها .. لكنّي أميز نعيق البوم في خطاباتها . على حافة الوطن .. صور تحترق وصور تُخترق وأيادٍ ممدودة للسلام وجباه مرفوعة للاستسلام   .. وآيات من الذكر الكريم تتلى بسخاء على أرواح الشهداء . على حافة الوطن ماضٍ يئن تحت وطأة الجراح .. لم يعد الزيتون يعصر بلسماً   عليه ولم تعد أسراب الحمام تحمل إلا أغصان الخراب . على حافة الوطن .. مدينتي تُبنى من جديد .. بمعالم لا أعرفها وملامح لا أقرؤها ووجه لا يشبه وجه أمي .. وتعاويذ تتلى من عرافة النحس تنبىء أن كل شيء سيموت . على حافة الوطن .. وجوه إلى الحائط .. أيا دٍ مصلوبة للوراء .. خرائط جديدة في كتب الجغرافيا .. طرق لا تصل شوارعها إلا إلى الجدار ..   لكن هناك حقيقة واحدة فقط وهي أن القدس لي ..   لو باعوها ألف مر

في ذكراك

في ذكراك . في ذكرى مولدك الجديد بين أضلعي .. في ذكرى ذلك اليوم الذي التقت فيه عيناك عينيِّ صدفة .. دون سابق ميعاد .. خلف أوراق تلك الوردة الحمراء التي كانت تسكن آنية الورد في قلبي.. غمزت بطرف العين .. فتثاءب الأفق نعساً .. وألقى بكل ما كان يحمله في حجره من غيمات بيضاء على صفحات الطريق .. فتشكلت من بلوراتها الماسية ألف شارة استفهام . في ذكرى تلك اللحظة العابرة من تاريخ الزهور حين تجرأتَ ونقشتَ حروف اسمي على أوراق الزهر فاحمرت وجنتيَّ خجلاً وذاب صوتي حنيناً وتمزقت أوردة الانتظار عند باب المساء . كم قلت لي كلاماً ناعماً .. كم همست لي وغردت كعصفور بريٍّ هبط من أعشاش السراب .. وكم أرسلت عينيك نظرات حالمة رسمت إليَّ الغد مشاتلَ من الياسمين وأقداحاً من العسل المذاب .. ثم قلت : اغرفي من شهدي .. واغرقي في يمي .. وذوبي في أوردتي .. واسري في دمي .. وتدفقي مع نبضي .. وكوني مسامات روحي وخلايا تفكيري . وكنتُ ..   وكنتَ معي تُمطر في حجري قصائد الشوق وتبللني بندى القصيد فأتفتح على ذراعيك وردة من ورود الفجر وفي المساء أغفو بين أحداقك .. فأنام ليلي الطويل . في ذكرى مولدك الجديد أضيء

ليلى .. هل تذكرين ؟

ليلى .. هل تذكرين ؟ مضى العمر ليلى ووهن العظم مني .. وحبك   ليلى مختمرٌ في فؤادي أعتقه وأرشفه وكلما أوشكت أنفاسي على هلاكها أستنشقه فيسري في خلاياي دماً رقراقاً صافياً   يجدد أنفاسي ويرتق   ثقوب الشرايين . هي سكرات الموت ليلى وأعلمها علم اليقين .. في قلبي صورتك تتأرجح طول السنين .. دهراً أراها أمامي .. لكنها اليوم تضحك جلية واضحة كأنها اللحظة يا ليلى .. كأنها اللحظة . هل تذكرين ليلى ركضنا في تلك الحارات حين كنا أطفالاً نجري ونسابق الريح ؟   كنت أسبقك أحياناً وحين كنت تسبقينني أثور وأشد منك الضفيرة فتنهمر دموعك بغزارة المطر عندها أشفق عليك وألوم نفسي وأقبل منك اليد والجبين . كبرنا ليلى وحفرت اسمك على شجرة التين وكلما تأخرتِ عن اللقاء كنت أقفُ   تحت نافذتك جوار شجرة اللوز المنغرسة جذورها في جوف الأرض والمتسلقة فروعها حتى أقدام سريرك وألقي إليك   بثمارها الغضة فتوقظك على عجل وأسمع رنة ضحكتك من خلف النافذة وأمّني نفسي في اللقاء   . آه ليلى ثم آه .. هل تذكرين كتب الحكايات ؟   تلك التي كنا نتبادلها دوماً .. كنت أضع لك خطاً تحت الكلمات والسطور وكنت تكتبين لي في الهوامش والزو

هل كان الربيع ؟

هل كان الربيع ؟ كل عام وأنتَ في ربيع دائم .. ذاكرتي مُحيت .. هناك من تسلل إلى غرف الذاكرة ومسح منها الكثير فلم أعد أذكر أكان وقتها الربيع ؟ كل ما أذكره أنك سافرت بيّ إلى جولة خاطفة في عرض البحر .. تحت قباء تلك السماء وبين أمواج البحر .. أحطت خاصرتي بأنامل من شوق ورقصنا رقصة العشق أمام عظمة البحر .. كنتُ أنا وأنتَ والبحر .. غنيتُك .. وغنيتَني .. وشبكنا أهازيج الفرح .. ثم كتبنا على صفحات الهواء أوائل الحروف من اسمينا .. وحفرنا تاريخ مولدنا .. ونقشنا أغنية اللقاء .. وكان ذلك كله ذات ربيع فائت . اليوم في هذا الربيع الذي حل على غفلة من عمري وصلتني منك معايدة .. تذكرتُ على الفور أنه أوان الربيع .. وأوانك .. وأوان تلك القصة التي تركناها مرتسمة على صفحات الهواء .. إنه تاريخ مولدنا .. إنه عيدنا وعلينا أن نتبادل التهاني .. آه .. لو أعلم فقط من مسح غرف الذاكرة ! جاءني صوتك على الهاتف يعج بالحياة " مشتاق إليك عزيزتي .. مشتاق إليك جداً " وأجبتك "وأنا أيضاً مشتاقة إليك جداً ".. نعتك بالقاسي فالتزمت الصمت .. لا أعلم هل كان صمت القبول أم صمت الرفض ؟ وبعد أن استأذنني صوتك ف

الوطن كما يجب أن يكون

الوطن .. كما يجب أن يكون . لست هارباً من المدينة الفاضلة ولم أكن في يوم أحد روادها .. لم تنبذني مدينتي في يوم فأنا لا أزال أخلد في أطهر بقعة  فيها .. ولا تزال شمسها الأرجوانية تعانق جبيني حين تستيقظ متثائبة على شرفة نافذتي كل صباح وتهمس في أذني مودعة قبل أن تغفو في حضن البحر  كل مساء .. قمر مسائها لا يزال رفيقي .. لا يزال يؤنس وحدتي ..لا يزال يداعب أجفاني الساهرة حتى ساعة متأخرة من الليل .. وحين آذن له في الرحيل يغادرني على رؤوس أصابعه كي لا يوقظ  حلماً مستتراً في ثياب الليل . بحرها  قطعة من قلبي .. في آخر زياراتي له .. قبلني على عجل ثم  مضى  في سفرة طويلة واعداً بعودة قريبة .. أشتاق له جداً.. لا يزال هو الآخر قيد  سفرته .. وأنا لا أزال قيد انتظاره . ورود مدينتي  المتسلقة بكبرياء وعنفوان سيقان قلبي .. هي موضع سرّي .. أبوح لها بقصص عشقي .. فتحمر وجنتيها .. وتحني الرأس خجلاً وتذوب استحياءً  ثم تشيح بوجهها قليلاً عني ..  لا تزال تتسلق سيقان قلبي وتنبت أوراقها الخضراء في عشوائية على مسامات جلدي . لست في حالة اغتراب مع شمسها ..  لست في حالة اغتراب مع قمرها .. مع سمائها .

الروح الهائمة

الروح الهائمة دعيني أفكك رموزك .. أحللها .. أغوص في أعماق نفسك .. أستلقي على شواطئها ..   دعيني أرى ملامح الزمن على وجنتيك وجفنيك وخصلات شعرك ..   دعيني أهيم على وجهي في صحراء قلبك .. أتوه فيها فلا يعرفني احد .. ولا يصل إليَّ أحد .. دعيني أنسى من أنا .. أغيب في عالمك .. فأفقد ذاكرتي .. وأفقد عذاباتي .. وأفقد كلَّ عمر لم نعشه سوى . دعيني أجد عمراً يجمعنا .. وقلباً يؤنسنا .. وحباً يدفئنا .. وشوقاً يلسعنا .. وتيهاً ما بعده تيه لا يُرجعنا . دعيني أهيم في فضاء حبك .. تتقاذفني السحب .. ترفعني سحابة .. وأهبط من أخرى .. قد أضناني ذلك الأنين الخافت المنبعث من صدى روحك الطاهرة   .. أركض نحوه بسرعة الضوء .. فيذهب عني بلمح البصر !

اللاشيء !

اللاشيء اللاشيء مرة أخرى .. أنا لم أدعو اللاشيء إلى موائدي .. لم أوجه إليه أية دعوة صباحية كانت أم مسائية .. هو من طرق الباب ثم جلس دون استئذان إلى مائدة ذلك الصباح ..   أنا لم أحدثه .. هو يقول أن قلبي حدثه .. وأن عينيَّ أسرَّت إليه .. وأن ابتسامتي التي أجهل زمان ومكان ولادتها أغدقت عليه الفرح والأمل والحياة .. وأنه كان كل ليلة يرسم ضحكاتي على وسادة عمره .. وكان يذيب صوتي في فنجان قهوته ..   لذا أنا لم أشعر معه بأية غربة .. لم أشعر أني غريبة عنه .. أو هو عني غريب .. صوتي كان يخرج من أعماقه   ويحدثني بكل ما أشتهي .. أنا كلي كنت أخرج من أعماقه .. كنتُ أراني كل الوقت في داخله .. كان يخيل إليَّ أنني أخرج منه مع كل زفير .. ثم أعود إليه مجدداً مع أول عملية شهيق .. كنت متغلغلة في أعماقه حد الامتزاج .. حتى بات من الصعب جداً أن أعرف أهذا أنا .. أم هو اللاشيء ؟ اليوم يجلس اللاشيء قبالتي .. لكنه غريب عني .. هل تغير اللاشيء .. أم أنه أنا لم أعد أنا .. أنا لست أنا ؟   لم أعد أراني أنتشر على وسادة عمره   وأذوب في فنجان قهوته .. ولم أعد أتأرجح كغيمة حبلى بالمطر في أثير شهي