هل معك أحد ؟

هل معك أحد ؟
هنا لا أحد ..
هنا لا أحد سوى جحافل الثلوج تغزو الأفق وتتساقط بغزارة على مقاعدنا البائسة التي تجلدت أعصابها من برد الانتظار وتجمدت نبضات قلبها من صقيع الغياب .. ولم يلطف بها .. ولم يلطف بيَّ أحد ..
ليسَ ضجراً يا غالي فأنا لست وحدي .. برفقتي طيور الحب التي أهديتني في تلك الصباحات البعيدة .. تلك النهارات التي كنتَ تشكو لي فيها حرارة الشمس وكيف أنها لا تنفك تعاكسك .. لم أسألك في حينها إن كنت تفضل تساقط  كل هذا الثلج ؟
ليس اشتياقاً يا غالي فأنت معي طوال الحلم .. لا تفارقني .. حتى إن غفوت خلسة عنك .. أنت ملتصق في جدار الحلم كما أنت منغمس في جدار الروح  وذائب في مداد هذا القلم ..
إنها يا غالي .. حالة جديدة .. حالة  ما بين الاشتياق والضجر .. ما بين الخوف والملل .. ما بين نعيم الذكرى واشتعال الأمل .. إنها حالة لو قدر لك أن تفهم ..
 تدعى حالة قلق .
لا أحد على هاتفك ..
لا أحد على بريدك الألكتروني ..
لا أحد في ساحة الاحتفالات بعيدك الوطني  ..
لا حمام زاجل يحمل عنك أي خبر ..
حتى صورتك التي تقبع داخل إطار الذاكرة الصوفي أصبحت باهتة جداً من توالي الصفعات الثلجية  لها ..
 وأنت لا أحد ..
على مستوى الرؤية المحدودة في هذه الأيام ..
 أنت لا أحد ..
وعيدك على الأبواب يرقص ويدق الطبول هناك ويرفع الأعلام الحمراء ويهتف وينشد أناشيد الثورة التي كنت ترددها في كل وقت ..
 وأنت لا أحد ..
أتيتك مرغمة إلى غربي النهر .. أتيتك فزعة إلى ساحة الاحتفالات .. تكللت بزهر اللوز ووقفت أنتظرك في الباب .. أردت بذكاء تلك القطة الصغيرة التي قلمت أظافرها في حجرك أن أرصد الدهشة على محياك وعلى سطور وجهك ..
 هل أخطأت ؟
 ربما أخطأت .. لكنها حماقة صغيرة لن تثقل ميزان الحماقات فلدي ولديك منها الكثير وإن لم أرها ولم ترها أنت.. فأين أنت من كل هذه الحماقات وأنت الذي لا يغفر .. ولا يرحم .. والذي لا يبقي زهر اللوز على بابه ينتظر ؟
إنه صمت الموتى الذي أخاف ..
هذا الصمت جنائزي .. هذا الصمت يحمل رائحة الموت في طياته .. لذلك أنا في غيابك هذا لست في حيرة من الغياب .. بل أنا يقتلني القلق .
واعذر حماقتي الآن .. هو سؤال واحد فقط .. سؤال يلح عليَّ .. بدافع الفضول .. بدافع الغيرة .. أو حتى بدافع الحماقة ..
 هل معك أحد ؟

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لروحك السلام أخي الحبيب جواد البشيتي

سَوْرَةُ الأبجدية الضالة

حروف متمردة