المشاركات

عرض المشاركات من مايو, ٢٠١١

صباح الياسمين

صباح الياسمين لن ألقي بمفردات اللغة جزافاً ॥ ولن أسجل تواريخاً وهمية لا قيمة لها ولا معنى ॥ ولن أقول أيضاً من هنا فليكتب التاريخ أول حروفه ومن هنا فلتُسطر جميع العناوين ॥ سأدع اللحظة تكتب نفسها بنفسها .. تكتب نفسها بياسمينها وصباحها الذي أمطر يوماً بالياسمين . كان يوماً من أقصرأيام العمر .. يزحف ليله البارد على نهاره المشمس فيقضم منه كل ما هو عذب وجميل ومشرق ودافىء .. كان يوماً وجلاً .. مترقباً .. زاحفاً يحمل عبء الأيام على كتفيه ويجر سنين العمرعلى عضلات قلبه .. كان يوماً مهملاً .. مغفلاً من حسابات البشر .. معلقاً على جدائل النسيان .. مطروحاً من جميع ثمار الحياة وفاكهة الصيف المنتظر .. تناولته بيد ترتجف من البرد وقلب مات قلبه منذ دهر .. كان هناك ينتظر على رف من رفوف مسجاة طالتها عنوة براثن الهجر في مفكرة هذا الزمان .. وألقيت إليه دون أن ألتفت إلى ملامحه إن كانت تراني وأنا ألقي إليها بعضاً من الكلمات الباردة .. تمتمات شاردة من ذيل ليلي الذي يغمره صقيع الوحدة والضجر وتكسو أشجاره ثلوج الارتياب من كل ما هو مشع وبراق . لم أكن أدري أن الياسمين له أوراق كباقي الزهر .. لم أكن أدري أن الياسمين

الوعد يا أبتي

والوعد يا أبتي وعدني أبي حين كنت في الثامنة من عمري بأنه سيشتري لي فستانا ًبعشرة دنانير عندما نرجع للقدس ،وكنت كل يوم اسأله هل سنرجع ؟ فيقول لي : أينعم سنرجع يا ميساء ..وأعود وأسأله والفستان ؟ فيجيبني :سأشتري لك الفستان ..وأحلم كل ليلة بالعودة وأحلم بالفستان ، ترى ماذا سيكون لونه ؟ أحمر ، أم أصفر ، أم وردي ؟।أنا أحب اللون الوردي ، أعشق اللون الوردي ، إذا أريده فستانا ًورديا ً بحزام طويل أعقصه إلى الخلف كالصبايا وأريده فضفاضا له أكثر من طبقة ؛حين أركض يطير معي ويرفرف من حولي كالأميرات ।وصرت أتخيل نفسي كل ليلة الأميرة التي تطير بفستانها الوردي لتجوب حارات القدس وأزقتها كما تعودت أن تفعل منذ سنين وهنا انتابتني الحيرة فمن أي باب للقدس سأدلف ؟هل سأدلف إلى قدسي من باب الساهرة ؟أم من باب الأسباط ؟ إن دلفت من باب الساهرة فهذا يعني شراء أصابع البسكويت المالح اللذيذ الذي اشتقت له ،وإن دلفت من باب الأسباط فهذا يؤكد حتمية شراء أصابع الاسكيمو بالليمون أو (الكازوز )وهنا سال لعابي لمجرد تخيلها ، وحلمت أيضا ب(حارة السعدية ) حيث كنت أبتاع ( رأس العبد )بسكويت بالشوكلاته أيضا ًلذيذة وأشتهيها للآن .. وبقي

جرار العسل

جرار العسل لو كانت ليلى تدري .. لو كانت ليلاي تدري أن قيس بن الملوح بالباب .. يشكل من حبات الياسمين قصائده وعند غروب الشمس يلقهاعلى قلوب العذارى فترتد إليه مخفورة بالحسان .. هل كانت ليلاي ترسلني وقيس بالباب لأملأ لها الجرار بالماء ؟! قالت لي ونظرات الحيرة تسكن مقلتيها .. ورود القبيلة عطشى .. والأزهار تراود نفسها الخضراء على الذبول .. لا ماء في القبيلة يروي عطشنا .. وعين الماء تبكي في الجوار .. ترجونا أن نملأ الجرار ونسقي عطش القبيلة .. فهلا لبيت النداء ؟ ليلى وما أدراك ما ليلى فلحظ سهامها ترمي قلوب فرسان القبيلة وهي معتكفة في خيمتها تلملم أوراق الورد على وسادة الليل .. تصنع حلماً غريباً .. ترسم على صفحات الحلم فارساً مغواراً .. يحمل سيفاً من العصور القديمة .. يتسلق النجوم .. يقطع الصحراء .. يمزق الضباع .. ويعود إليها ذات مساء يحمل بين يديه قلب الوطن السليب . في كل ليلة تنام ليلى على وسادة الحلم وتنام معها أوراق الورد الحالمة وسيف الفارس الذي لا يسكن غمده .. وأنات الوطن الجريح تذرع بقوة شوارع المنام . جرار الماء تستغيث وعين الماء سلسبيلاً وسبيلاً .. تسألني أن أمرَّ بتلك الديار ..أن أملأ

يا زهرة المدائن يا قدس .

يا زهرة المدائن يا قدس *** يا زهرة المدائن .. يا قدس .. يا أسطورة عشق ٍ أبدية .. يا حكاية حب ٍشامخة شموخ السماء في أعين المبتهلين إلى الله .. متدفقة كجدول ماء حفر أخاديده في كفيّ فقير يقرأ فيهما طالع العمر المتسلل برفق من بين خيوطهما فينسج قدرا ً مجبولا ً بالكرامة وعرق الأوفياء . *** شاهدتك في عينيّ طفلة تتصفح بلهفة وشغف أوراق المدى .. تتلو ما أبرق في جبينه من أشعار تصاعدت مع نسائم الحرية نحو الأفق البعيد تنشد غيمة تهطل من نافذة الشتاء مطرا ً وسنابل قمح ورسائل أحباب . *** حملتك في قلبي ..غصن زيتون ..علما ً.. اسما ً.. عنوانا ً لي حينما صادروا مني عنواني .. هويتي .. ملامح وجهي ورسموني في جبين الأيام نكرة مقصودة ورسموك في خارطة التاريخ علامة إستفهام . *** نثرتك على صدري .. طفولة منسية على عتبات العمر حين عبثت أياد ٍ غريبة في خارطة التاريخ وزرعت لها وتدا ً ماكرا ً فطر قلبك الطاهر نصفين .. نصف تعلق بذيل ثوبك .. يركض معك في روابيك .. يصعد المآذن ويكبر للصلاة .. ونصف تبعثر خلف الأبواب .. يسجد دون موعد صلاة .. يطوف حول قلبك .. يرجم إبليس بسنوات الضياع ويقبض بفكيه على جمرة المفتاح . *** رسمتك ف

كم أنت بعيد يا أقصى ؟!

كم أنت بعيد يا أقصى ؟! أربعون عاما ً وأنا أراك أمامي ، أربعون عاما ً وأنا أسمع صوت المآذن يرن بأذني ، أربعون عاما ً وأنا أرى جموع المصلين تنحني وتركع، تسجد وتسبح। كان يخيل لي أني إن رفعت هامتي قليلا ً ستراني ، كان يخيل لي أنه إن ارتفع صدى همسي قليلا ً ستسمعني ، كان يخيل لي إن مددت طرف إبهامي سألمسك ، كان يخيل لي انك تبحث عني في كل الوجوه وتنتظرني مع إطلالة كل صباح . اليوم فقط أدركت كم أنت بعيد يا أقصى ، وكم أنا أبعدت ، اليوم فقط علمت بأنني لو رفعت هامتي إلى حدود السماء لن تراني ، وإن مزق صوتي أذن الفضاء لن تسمعني ، وإن مددت إبهامي وكل أصابع يدي لن ألمسك ، اليوم فقط أدركت أني كنت أرى الوهم وأسمع الوهم وألمس الوهم وانتظر الوهم وأن جدارا ً أكبر مني ومن أحلامي ومن أوهامي يفصلنا. اليوم فقط استوعبت أن جزءا ً مني محتل ، جزءا ً مني يرزح تحت نير الاحتلال ، اليوم أدركت أن العودة بعيدة ..بعيدة جدا ًوأنك اليوم أبعد من كل يوم. اليوم غادرني الأمل بالعودة إليك ، اليوم فقط شعرت بغربتي الحقيقية ، اليوم تذكرت صورتك في أخر لقاء وأيقنت أنها كانت لعبة الطفولة وضاعت مع الأيام ، اليوم أدركت واقتنعت بأني كبرت

فلسطيني أنا

فلسطيني أنا فلسطيني أنا .. فلسطيني المولد والنشأة ، يسري في عروقي بحر يافا وحيفا ، وتزهر في قلبي بيارات الكرمل وأريحا ، وعلى جبهتي تعلو مآذن الأقصى وتصدح أجراس الكنائس وتحيا ، من عينيّ تنطلق شرارة الحب والثورة وعلى أكفي تنام أضرحة الشهداء وقدمي مغروسة في الأرض منذ ألاف السنين لم تهزَ ولن تمحى . صامدٌ أنا كنخلة يكاد شموخها يلامس أقبية السماء ، صامدٌ أنا وعلى صخرة قلبي تتكسر مجاديف الريح وتهوي ، تستأذنني في هبوبها من شرقها لغربها ، حين تزمجر هادرة وحين تصفو . اقتطعوا من قلبي اليافع حلمه وألقوه في فم جائع ، استرضوا الغربان السود من حضني أنا وتركوا كلّ هذا الفضاء الشاسع ، لكني لم أيأس ولم أستسلم إنما ضممت إلى صدري ما تبقى مني مجروحا ً ممزقا ً صامدا ً وظللت ُعليه بأشجار العزّ الوارفة وداعبت شعيرات أنفه بأكاليل الياسمين والغار الباسق. لا تبك يا طفلي .. لا تبك .. مهما حاولوا تغيير لون وجهك الوردي ، مهما حاولوا تجفيف قطرات الندى من مسامات جبينك الندي ، مهما حاولوا تمزيق حلمك وتشتيته على مرّ الأيام والسنين ، مهما حاولوا يا حبيبي فأيديهم الطويلة قصيرة جدا ً أمام سورك العظيم ، وفحيحهم مهما عربد و

القدس عروس عروبتكم

القدس عروس عروبتكم القدس عروس عروبتكم تعبت من كلماتكم يا معشر الشعراء ، تغيب في أفق سرمدي لا ينجلي له صباح وأنتم تغرقون في بحور الشعر وتنسجون قوافي للكلمات ، حروفكم لم تعد مقروءة ، حروفكم باتت مبهمة لمدينة تصادر فيها لغة الضاد. تنادون بالتحرير وأسراب الحمائم تصل إليها مذبوحة من الأعناق . تتغنون بأشجار الليمون والبرتقال وأصابع الطغاة غيرت تضاريس الدار . تعتصمون خلف مسميات وشعارات وأصابع الطغاة تمحو كل أثر للحضارات . لم تعد قوافي الشعر تسند أركانها المتصدعة ولن تستطع أبيات الشعر أن تأوي إليها من بالخيام. لن تعزف ألحانكم الندية أذان الجمع ولن تصدح بها أجراس الكنائس بالآحاد ، ولن تخرج زفراتكم المتحشرجة في الصدور من سكن بها واستوطن من الغرباء ، كلماتكم العذبة لن تغسل الذل والمرار ، ونداءاتكم لم تستطع اختراق حاجز الصمت الذي تحرسه الغربان. فتشوا في كلماتكم التائهة عن حروف تستطيع التحليق في افقها المجهول ،ابحثوا في سماءكم عن منارات تضيء ليلها الطويل، ابحثوا في عروبتكم عن قلب وفي ما زال يرى القدس تلك الخميلة من خمائل الجنة حيث تغرد فيها البلابل الحرة،ويعلوا فيها صوت المآذن دون أن تكمم فيها الأف

دفاتر الأيام .

دفاتر الأيام على رسلك أيتها الأيام فأنا جديدة العهد بك .. عمري لا يتجاوز بضعة عقود من الزمن .. وأنتِ أثقلت كاهلي وألقيتِ على كتفي عباءة جميع الفصول .. أصبَحت غيوم الخريف تظلل سماء فكري وأمطار الشتاء تهطل بغزارة من قلب أحداقي ورياح الربيع تعصف بآمالي وأحلامي وقيظ الصيف يشعل فتيل قهري وسخطي . وأنا أقف مكتوفة الأيدي أرفع مظلة بالية في وجه الفصول الباردة .. في وجه الفصول الجامدة .. في وجه جميع الفصول التي ثبتت أقدامها فوق رأسي .. لا أرض خضراء أغرس فيها بتلات خطاي .. لا بحر هادىء ينعش أجنة آمالي التي تحتضر بين يديِّ الآن .. ولا أفق واسع تسافر إليه طيور أحلامي .. فأين أذهب أنا وهذه المظلة التي تهددني كل لحظة في الانتحار . الحياة جميلة .. هكذا قالوا لي .. هكذا كتبوا أو كذبوا عليَّ في أول صفحة التقيتها من صفحات أو صفعات دفاتر الأيام .. استمتعت في قراءة الكذبة فقلبت على عجل بقية الصفحات .. أخذَت ألوانها تبهتُ أمام ناظريَّ .. فاعترتني دهشة الطفل حين يفقد بريق الألوان .. أين ذهبت ألوان الطيف التي كنت أطاردها كفراشات حالمة في سماءات المنام ؟ ورضخت لواقع الألوان .. فالحياة جميلة أيضاً بأبهت الألوان

موعدك الحائر .

موعدك الحائر غريبة أنا في حدائق حروفي .. أتجول في حدائق الصباح وشمس الغربة تحرق أنفاسي .. كل الورود التي نبتت في غيابك ليست لها رائحة الورود .. كأنها خلقت بلا قلب ينبض ولا رئة تتنفس أكسجين الصباح .. كل ما بقيَّ لها من طقوس تمارسها نحو هذه الحياة هو أن تشرئب أعناقها نحوي .. تحاول أن تطال بأناملها الغضة جدران روحي .. لكنَّ الروح هناك .. تشرئب متوثبة لموعدك الحائر .. تشرئب متوثبة إليك . لم يعد يستهويني قطف الورود ولا إهداؤها إليك ملفوفة بأشرطة من الحرير الأحمر أو الليلكي .. لم يعد يستهويني قطف أوراقها وكتابة بعض الحروف الثائرة على سطور ياسمينها .. أصبحت أهوى رسم اسمي وإلقائه على صفحات وجهك وملامح طيفك فقط . فنجان قهوتك ينتظر موعدك الحائر .. وناياً فتية تسللت من سحابة صيف عابر تعزف لك ألحاناً شجية ولدت أجنتها على ضفاف الزمن العتيق .. فكبرت وتسكعت ذات صبا وردي الخطوات في أزقة مرَّ منها طيفك على عجل .. وغاب في دهاليز تلك االأزمنة .. لم تبقَ نافذة تطل على الربيع إلا وأنهكت عتباتها من كثرة التجوال .. جيئة وذهاباً أزرع خطوات خضراء على شرفات الحياة .. أرسلت زوارق قلبي تجاه يمك .. علها تحملك إليّ

لست أنت !

لست أنت ! حاولت .. وحاولت .. وحاولت .. وباءت بالفشل جميع محاولاتي . حاولت تثبيت صورتك في الإطار ففشلت .. صورتك التي تاهت ذات زمان وذابت في غياهيب الدجى .. رحلت وراء أسوار العدم .. أغواها الفراغ الممتد على شرفات الآخرين فرحلت خلفه .. كنت كلما شربت قهوة الفراق أنظر في قعر الفنجان .. أبحث عن خطواتك الشاردة أين وصلت بها مسارات التيه ؟ فأجدك تتكىء على شرفات الحزن .. تقطف أوراقه وتبللها بالماء علها تصبح رطبة عليك .. علها تصبح حنونة عليك .. علها تكون أكثر دفئاً مني وحناناً . ومضى زمن طويل وأنت تبلل أوراق الحزن الجافة حتى لا تتكسر في حلقك وتتبعثر في جوف هروبك . كنت أذهب إليك هناك ..أراقبك وأنت ترسم وجوهاً مستبشرة على صفحات الماء .. كنت أظنها قوالب بشرية .. حاولت كثيراً الإمساك بها فكانت فارغة من الأعماق .. لم أدرِ ما السرُّ وراء رسم هكذا فقاعات ؟! ومع ذلك بقيت هناك .. معك .. ولم أغادر .. كنت أتتبع ضحكاتك الخجولة حين تهبط في قلوب العذارى هناك وأراك كيف تشيح بوجهك بعيداً عنهن حين ترمقك منهن نظرات الإعجاب .. كنت أعرف تماماً أنك تركض كل ليلة لرسم وجوه جديدة أملاً في ألا تذوب حين تظهرعليها شمس الصب

رسائل غضب

  رسائل غضب !   وأنا حين أغضب .. وأنا حين أغضب لست أنا ! هل شاهدت السماء يوماً حين تتجهم وترسل وعيدها .. يشتد غيمها ويعبس وجهها .. قد تبكي وقد تنحبس دموعها .. لكنك بلا شك ستحترق بنيران غضبها ووعيدها ؟ هل رأيت البحر يوماً وهو يزأر ويزمجر ويملأ الكون صخباً وضجيجاً .. يجر مراكبَ إلى الهاوية ويلقي بأخرى إلى شطآن الخراب .. قد يبتسم لك وقد يخفي ابتسامته .. لكنك بلا شك ستتلقفك أمواجه إلى قمة السخط ثم تلقيك ؟ هل شاهدت الريح وهي تزغرد معلنة انتصاراً شرساً على ورود الشرفات .. وأعشاش العصافير المعلقة على حبال الحياة .. ومواعيد الغرام التي تبعثرت خطاها على أرصفة الطرقات .. قد تداعب وجنتيك هذه الريح المجنونة وقد تتجاهلك .. لكنك بلا شك ستفقد أرضاً كانت تقف عليها أقدامك منذ الولادة ؟ أنا لست كالسماء حين أغضب .. لست كالبحر حين أغضب .. لست كالريح حين أغضب .. لا تستفز غضبي .. لأنك لن تجد عندها غيمة صافية تأويك ولا موجة بحر تعانق ظلال خيبتك ولا هبة ريح تمحو أثار جراحاً سأرسمها أنا .. ولن تندمل .. ولن تنطفىء نيرانها .. ولن تمسح لك دموعاً .. ولن تصفح عن قسوتك أبداً .. فحذارِ من سخطي ومن غصبي .. لأنني ل