ورطة


ورطة

عذرًا منك يا نهر الوفاء فالخيانة لم تكن من طبعي؛ عيناه النبيلاتان هبطتا عليَّ من سابع سماء، تشعان ربيعًا، جميلًا، أخضر، تحوم من حوله فراشات بكل الألوان، لا تكلُّ أو تملُّ من الطواف حول قلبه، والتسبيح بسحره وبهائه... وعيناك يا نهر الوفاء لم تعد تحملُ إليَّ إلا الضباب، وضيق الأفق! ولا يطوف حولهما إلا الانكسار والقهر.

تعثرتُ به ذات صباح غائم يميل إلى الانعزال، حين كنتُ أفتح النوافذ بكسل وتثاؤب لأرتشف بعض قطرات الحياة، أبرقت السماء وأرعدت، ثم جادت بعينين أضاءتا الكون، وأمطرت صباحي بأجمل ورطة.

أبحرَت مراكبي خلفه، تورطتُ حتى أذنيَّ في تتبع أثره، تقاذفتني رياح الأسئلة الهوجاء: من أي الكواكب هو؟ هذا السحر الذي ينبعث من عينيه: أشرقيٌّ، أم غربيٌّ، أم من رياض الجنان؟!

كيف اختلت موازين الوقت فأصبح الثقل بالثواني، والانتظار أجمل مشوار، والليل مدرجًا آمنًا لهبوط الأحلام، والنهار عصافير تطير إليه بلا أجنحة، أما الشمس فرفعت قبعتها وانحنت بإجلال؟! 

لست خائنة، لكنَّ عينيه كانتا مغناطيسًا يجذب إليه الأنظار، يخطفها، يغير مسارها من اليمين إلى اليسار... فما أن رفعت أكفي إلى السماء بالدعاء حتى كانت هبة االله تستريح بين الكتف والذراع.

عينان تبثان الدفء بأفيائي، تنثران الربيع على عتبة بيتي وبيوت الجوار، ترسمان قوس قزح عند موطئ أقدامي، أملأُ جراري بشهده فلا ينضب رحيقه صيفًا ولا شتاء! فإن كان تغلغلُه في مسامات قلبي خيانة... فأنا خائنة وبامتياز.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لروحك السلام أخي الحبيب جواد البشيتي

سَوْرَةُ الأبجدية الضالة

حروف متمردة